السبت 10 تموز 2021 13:58 م |
السراي الكبير يفتقد الكبير!! |
في غفلة من الزمن تسلّل هاوٍ الى موقع رئاسة الحكومة وتربّع على كرسيّه في السراي الكبير. قدّم نفسه مع كوكبة من أعضاء حكومته " تكنوقراطياً " من الطراز الأول، أكاديمياً ناجحاً، نرجسياً، لا يمتّ الى الأحزاب بصلة فأداره وحكومته بعضها!! بعد أشهر قليلة من تجربته خرج على اللبنانيين ببيان أكد فيه أن حكومته نفذت 97 % من برنامجها والتزاماتها ووفت بوعدها!! سرعة الإنجاز إعجاز حققه هاوٍ ولم يحققه محترفون قبله!! حكومة اصطدم بعض وزرائها بحالهم، ومع بعضهم البعض، ومع رئيسهم. تخبّطوا وارتكبوا، وسقط لبنان بين أيديهم والتبرير جاهز: " التركة ثقيلة " " لا نتحمل مسؤولية أخطاء وارتكابات عقود من الزمن "!! لم يحملهم أحد هذه المسؤولية في البداية. ولكن ماذا جاؤوا يفعلون؟؟ ألم يكونوا مدركين حجم التركة؟؟ لماذا الزهوّ والوعود الفارغة؟؟ ماذا تحقق؟؟ خطأ في إدارة المشكلة المالية. فشل مع المؤسسات الدولية. تناقض في الأرقام. خلافات داخل المؤسسات واللجان وما أكثر اللجان والخبراء والمستشارين وأقل عدد المنتجين. سمعة عاطلة مع المؤسسات الدولية المالية. فشل في رسم حل للكهرباء أم المشاكل ومزراب مزاريب الهدر. فشل في الاقتصاد وتخبّط في ترشيد الدعم ووقف التهريب والعلاقات الداخلية مع القوى السياسية، وانعزال وانطواء، وانهيار في الإدارة، ومشاكل مع إدارات الرقابة والمحاسبة أدى أحياناً الى تعطيلها، وفشل في إدارة أزمة المحروقات، وفقدان الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية. استقالة. فانكفاء ولا تصريف أعمال. ومخالفة دستورية فاقعة. وتردّد وانطواء. ونكد وردّ فعل وحرد في وجه من دفعوه الى الاستقالة الذين جاؤوا به!! مع تفجير المرفأ، وطلب المحقق العدلي استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال جاء الفرج. نادي رؤساء الحكومات تضامن معه. منهم من ذهب إليه في السراي الكبير بعد مسلسل من الاتهامات له، ومنهم من اتصل به. والسبب المعلن كان: إن الاستدعاء لتقديم الإفادة أو الاستجواب اعتداء على مقام رئاسة الحكومة وكرامتها وصلاحياتها، ومساس بالطائفة الكريمة العزيزة التي تحسب عليها الرئاسة!! أما السبب الحقيقي فهو أن عدداً من أعضاء النادي كان قد ورد اسمه للمثول أمام قاضي التحقيق العدلي. الرئيس المستقيل اعتبر أنه حظي بغطــاء افتقده عند دخوله. لا يريد التفريط به. بل يريد الخروج متسلحاً به لينضم الى نادي رؤساء الحكومات. وبدأت سياسة وتعامل نوعي جديد معه من قبل بعضهم. عرفوا نقطة ضعفه وأرادوا استخدامه وتوجيه العمل في السراي في ظل معركة كبرى يخوضونها مع رئيس الجمهورية وفريقه خصوصاً بعد تكليفهم بتشكيل حكومة بديلة. الهواة لا يعرفون ولا يفكرون بل لا يريدون أن يفكروا ويعرفوا، ويتعلموا من تجاربهم وتجارب غيرهم، ويقفوا عندها. لا يريدون أن يصدّقوا أن سياسات النكد والحرد وقصر النظر والخفّة والتسرّع والحسابات قصيرة المدى والتحالفات أو العلاقات غير المبنية على أسس سياسية سليمة لا تدوم. لا تعيش. وأن العلاقات مع الدول مختلفة جذرياً ونوعياً عن العلاقات مع أفرقاء سياسيين داخليين قائمة على بازارات سخيفة تافهة وحسابات صغيرة. وهذا ما تجلّى في دعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال سفراء عرب وأجانب الى السراي ليخطب فيهم وكأنه في بداية عمل حكومته ولم يحصل شيئ منذ تشكيلها حتى الآن ليبلغهم أن الحكومة وحدها عاجزة عن وقف الانفجار ولا بد من دعم دولي!! حالة انفصام كاملة. أثار هذا الأمر حفيظة السفراء وخصوصاً السفيرة الفرنسية وردّت عليه بقسوة وأكمل هجومها سفراء آخرون وكانت الإهانة الكبرى على الهواء وصمت ال " كاميكاز " النرجسي، القبضاي، وقطع البث عن كلمة السفيرة الفرنسية. إهانة ما بعدها إهانة. وفضيحة ما بعدها فضيحة. لا مبرر على الإطلاق للتسبّب بها أو عدم الردّ عليها!! لكن الأمانة تقضي بأن نسجّل للرجل أنه لم يقل أنه في هذا الاجتماع حقق ال 3 % من الإنجازات والالتزامات التي وعد اللبنانيين بها!! إنهـــا التفاهة السياسية. قلة الحرفة والخبرة والمعرفة في السياسة والإدارة السياسية. إنها لعنة التكنوقراط البلا سياسة!! مع الإحترام والتقدير لقلة من الوزراء تعبت وتتعب في هذه الحكومة، ولتكنوقراط فهموا معادلات البلد ومرّوا في الوزارات والحكم وأنتجوا وكان وراءهم أو الى جانبهم سياسيون كبار وكان الكبار في مواقع القرار وليس هذا حالنا اليوم.. وللإنصاف في استكمال المشهد فقد أصيب رئيس حكومة تصريف الأعمـــال" المصروفة من العمل من قبل رب العمل الذي جاء بها " بخيبة عندما أعلن أنه سيكون تحقيق معه مجدداً أو استجواب أو استماع الى وجهة نظره أمام المحقق العدلي الجديد. هذه المرة لم تصدر كلمة عن نادي رؤساء الحكومات السابقين!! لماذا؟؟ لأنه حتى الآن لم يرد اسم أي منهم في لائحة المدعوين الى الاستجواب ولأن الذين أهانوا " دولته " هم أصحاب وأحباب!! فأين موقع وكرامة وهيبة رئاسة الحكومة والطائفة يا جماعة؟؟ هزلت السياسة في لبنان. هيبة الموقف وكرامة الموقع لا يجسدهما إلا الكبار. لسنا في زمانهم. فلكل زمان دولة ورجال.. وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر. أينـــك يا رفيق الحريري بقامتك وحجمك ودورك وهيبتك وتأثيرك؟؟ خافوك لأنك كنت كذلك فقتلوك. أعطيت للموقع كرامة وللموقف هيبة.. نفتقدك ولا ننتقص من دور كبار غيرك مرّوا قبلك الى هذا الموقع وكانت لهم هيبتهم وكان لهم احترامهم وأنت من رمّم السراي الكبير وكتب على بابه: " لو دامت لغيرك لما آلت إليك ". المهم عندما تؤول الى أحد أن يكون بحجمها!! السراي الكبير يفتقد الكبير!! المصدر :جنوبيات |