الأحد 11 تموز 2021 14:56 م |
ملاحظات على الحركة الأميركية الفرنسية |
منذ انعقاد اللقاء الثلاثي في 25/6/2021 في إيطاليا والذي جمع وزراء خارجية أميركا وفرنسا والسعودية والترقّب للنتائج " المرجوة " على الساحة اللبنانية يحيط بكل التحليلات والتمنيات التي تغطي الصحف والشاشات. ثمة من ذهب بعيداً متوقعاً تغييرات دراماتيكية في المشهد السياسي لاسيما بعد سفر السفيرتين الأميركية والفرنسية المعتمدتين في بيروت الى الرياض ولقائهما مسؤولين سعوديين فيها. كتب الكثير وقيل الكثير لكن أساس الموضوع كما قال فرنسيون وأميركيون : "... صحيح أن السعودية لم تعد مهتمة بلبنان، ولكن إذا امتنعت عن المساهمة مع فرنسا وأميركا في إسعافه فسيتمزق والمستفيد الأكبر ستكون إيران وحزب الله "!! ثم خرج وزير حرب حكومة الإرهاب الاسرائيلي بني غانتس بموقف يحمل الشماتة والخبث ليقول : "..... لبنان يعاني. يجب تقديم مساعدات له في وجه محاولات " حزب الله " إدخال استثمارات إيرانية "!! وأعلنت صحيفــــة " هآرتس " : اسرائيل تعمل عبر القنوات الدبلوماسية لمنع نصرالله من تعزيز مكانة منظمته السياسية بدعم اقتصادي من إيران. ثمة ضرورة ملّحة لمنح مساعدة للبنان من خلال ضمان استقراره ومنع سيطرة حزب الله "!! تلا ذلك توصية من لجنة الدفاع والقوات المسلّحة في البرلمان الفرنسي تدعو الى تشكيل فريق عمل دولي ل " تعزيز الأعمال الإنسانية في مجالات الغذاء والدواء والرعاية والتعليم والأعمال التنموية في قطاعي المياه والكهرباء والسعي مع الشركاء الغربيين وأميركا لدعم الجيش وقوى الأمن لتمكينها من القيام بعملها في مواجهة داعش وتهريب المخدرات "!! ثم صدر موقف عن البنتاغون يقول : " حزب الله لا يسيطر على لبنان لكن لديه تأثير كبير!! قادة لبنان غير قادرين على الاتفاق على الاصلاحات. ثمة حذر كبير من المأساة التي يمكن أن تقع في حال تفتّت هذا البلد أو زال!! الجيش يحمي الاستقرار بتسليحه وتمويله "!! كل هذه المواقف تدين أصحابها ومعهم اللبنانيين الذين لا يريدون أن يقرأوا ويفكروا ويرصدوا بدقة بعيداً من العواطف لتحديد المواقف. في مطالعات ممثلي الدول المعنية انقلاب على الذات. تخبّط. أو محاولة تذاك وتسلّ بنا والحق علينا في كل الحالات لكن ذلك لا يمنعنا بل يفرض علينا أن نقول الحقيقة كما هي لاسيما وأن اللبنانيين يدفعون الثمن، وأنه بين التصريح والتصريح بتنا نسمع من هنا وهناك تحذيراً من خطر زوال الكيان ودوره!! - للفرنسيين : أعلنّا ونكرّر شكرنا وتأييدنا مبادرة الرئيس ماكرون يوم كان وحيداً ولم تكن واشنطن معه. بل كانت متوجّسة من مبادرته وحركته السريعة لمساعدة لبنان بعد تفجير مرفأ بيروت، والمؤتمرات التي عقدها لمساعدتنا وقبلها أيضاَ في المؤتمرات السابقة. وقد بذل وفرق عمله جهوداً كبيرة لتنفيذ بنود المبادرة. وبعيداً من اللياقات والمجاملات، ومع تأكيد الشكر ندرك أن لفرنسا مصالح تاريخية سياسية وثقافية وتربوية في لبنان موطئ القدم الأساس لهـــا في المنطقة وهي أنشأته " كـــبيراً "عام 1920!! ولكن من باب الحرص على الشكر ونجاح المسعى نقول : إدارة الحركة الفرنسية لتنفيذ المبادرة حفلت بأخطاء كثيرة. لم تكن في المستوى المطلوب. تنـــافس " وتنافر " داخل فرق العمل الفرنسية. سوء تقدير للواقع السياسي اللبناني. اندفاعات غير محسوبة مع بعض اللبنــــانيين المعنيين بتشكيل الحكـــومة. إصغاء الى " كتبـــة " " وجواسيس " " ومخبرين " " ومتهوّرين " من داخل لبنان ومن لبنانيين مقيمين في فرنسا، وتداخل حسابات الانتخابات الفرنسية مع حسابات تشكيل الحكومة اللبنانية، إضافة الى إطلاق تصريحات متتالية من قبل وزير الخارجية حول العقوبات ومعرفة من هي الجهات المعرقلة، ولطالما قلنا ونكرّر القول لماذا لا تعلنون ذلك بوضوح؟؟ لماذا لا تقولون من هو المسؤول عن التعطيل؟؟ ماذا فعلتم مع المعطلين؟؟ هدّدتم بالعقـــوبات ولم تفعلوا شيئاً. انا من المقتنعين بأنها لا تنفع لكنني أناقش منطق الآخرين. هل لأن ثمة حسابات طائفية أو معادلات 6 و 6 مكرّر ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار وهذا يسقط صدقية الموقف الفرنسي ويضعفه؟؟ أما عن " حزب الله " فالرئيس ماكرون أعلن أنه لبناني، نوابه منتخبون من الشعب اللبناني وليست فرنسا من انتخبتهم، فلماذا هذه الإستدارة اليوم والدخول في تركيبات مع الأميركيين ورفع توصيات تثير حساسيات وتساؤلات واحتقانات وتعقّد الأمور ولا تسهّلها وتدفع البعض الى القول إن مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة خارجية فيما أنتم تعرفون من هم اللبنانيون المعرقلون الحقيقيون وتطلقون التوبيخ والتأنيب والتهديد ضدهم؟؟ - للأميركيين : قلنا لكم مراراً على مدى سنوات وخصوصاً بعد حفلة ما سمّي "الثورة" في تشرين الأول 2019. إذا كان هدفكم كما تقولون : " لا نريد حزب الله في لبنان. لا نريده في الحكومة. ليتحمل اللبنانيون المسؤولية. آن الأوان للتغيير". وتبنيتم مع بعض العرب الموقف الاسرائيلي الذي يهدّد ويتوعّد بتدمير كل لبنان إذ لا فرق بين الدولة والحكومة والإدارات وحزب الله وامتداداً ليتحمّل اللبنانيون المسؤولية أيضاً !! قلنا : أنتم بهذه السياسة تعاقبون لبنان وتدمرونه. ويبقى حزب الله الأقوى. هو حقيقة قائمة في لبنان. حزب لبناني مع معرفتنا بعلاقته بإيران إيمانياً، عقائدياً، سياسياً، مالياً عسكرياً. لا تريدونه في لبنان؟؟ كيف؟؟ هذه حرب إلغاء ضد من يمثل. لا تريدونه في الحكومة؟؟ سيكون هو مشــكّل الحكومة أو على الأقـــل من دونه لا حكومة!! العملة بدأت تنهار وأنتم غير مبالين. اللبنانيون سيدفعون الثمن. البلد سينهار. حزب الله خارج النظام المالي. يدفع رواتب ومخصصات جماعته من خارج حركة المصارف. "القجة" في الحمرا والبنك المركزي في الضاحية بالمعنى المجازي للكلمة. الاحتياطي هنا سيزيد. والقجة ستستنزف. إذهبوا الى الضاحية تجدون كل شيئ. على الأقل لدى الحزب قدرة على الاستمرار أكثر. لا تتركوا الدولة تنهار. مهم جداً دعم الجيش والقوى الأمنية. لكن فكرة الدولة ومؤسســـات الدولة يجب ألا تنهار. نظرية أن ينهار كل شيئ فنلّم على " الرخيص " نظرية خطيرة مدمّرة. أنتم تحبون التعامل مع " الجواسيس " " والكتبة " " والمتملّقين " " والمتهوّرين " ولو كانوا في أعلى المناصب ويتمتعون بكفاءات كبيرة لكنهم مغــــرورون فخورون بكفـــاءة " الكذب " " والحقد " " وكتابة التقارير "!! إقرأوا جيداً الواقع السياسي وفكروا بما نقول. وإنحيازكم الأعمى لاسرائيل مدمّر. - اليوم نقول وبعد مواقفكم، ماذا عدا مما بدا؟؟ ماذا تغيّر حتى اقتنعتم بضرورة مساعدة الشعب اللبناني؟؟ الشعب هو ذاته. لم يتغيّر. لماذا تريدون مساعدته؟؟ كي لا يسيطر حزب الله؟؟ لماذا لم تسمعوا كلامنا؟؟ تقولون هذا الكلام بعد انهيار الهيكل والخراب والدمار، وكل ما تعدون به مساعدات غذائية للجيش اللبناني وهذا هو هدف الزيارة غير المسبوقة للمملكة العربية السعودية التي قامتا بها السفيرتان الأميركية والفرنسية في بيروت وسرعة الانهيار كبيرة؟؟ غريب كيف حلّت عليكم وعلى الاسرائيلي " نوبة " العطف المسمومة على لبنان، ربطتم كل شيئ عند اللبنانيين ب " حزب الله " حتى وقع الانهيار والآن تحاولون الفصل. هل أرضنا حقل تجارب؟؟ الحق على اللبنانيين الذين يماشون هذه السياسات والذين نهبوا وسرقوا وعاثوا فساداً في الدولة وأعطوا الذريعة للدول والمؤسسات المالية الدولية لفرض شروط قاسية على لبنان، لكن ذلك لا يلغي تورطكم وسقوط سياساتكم على الأقل المعلنة ونحن لم يتغيّر منطقنا بل تثبت الوقائع صحة وجهة نظرنا ولو كان الانهيار أمامنا، وقد حاولنا معكم ومع غيركم تجنّب الوصول إليه وكنا وحدنا المبادرين الى تجاوز كل العقد والحسابات والحساسيات لتشكيل الحكومة ولا نزال. رفضتم موقفنا الذي جاء في الوقت المناسب وجئتم إليه في الوقت غير المناسب وبالموقف الناقص الذي يثير تساؤلات كثيرة. حاورتم. فاوضتم " طالبان " لتوفّروا انسحاباً من أفغانستان ولو حل الخراب بعد احتلالكم، وهي حركة إرهابية في تصنيفكم. حاورتم، فاوضتم " الحوثيين " وهم أيضاً إرهابيون وفق التصنيف ذاته لتوفّروا انسحاباً من حلفائكم وحرب اليمن بعدما حققتم أهدافاً معينة فيها. وتطالبون بتقديم الدعم لغزة كي لا تستفيد " حماس "!! وهي في نظركم إرهابية. سئلتم لماذا؟؟ قلتم : هذه حقائق على الأرض!! لماذا لا تعترفون بكل الحقائق كما هي في لبنان؟؟ قلتم بأنكم دفعتم مليارات لما يسمى " المجتمع المدني " ولاسيما " الثورة " ومستعدون لدفع مبالغ إضافية وغيركم كذلك تحضيراً للانخابات وتتحدثون عن نزاهتها وتتهمون بالتعميم كل القوى السياسية بالفساد، فهل ثمة مال حرام ومال حلال؟؟ وهل ثمة من يحق له تلقّي مساعدة منكم ولا يجوز لغيره تلقّي مساعدة من غيركم خاصة عندما كان يتعرض لحروب الإقتلاع من الوجود والالغاء من الحياة السياسية لاسيما في مرحلة الاغتيالات التي بدأت عام 2005؟؟ ولا أتحدث هنا بالتأكيد عن المال المنهوب من الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها ومصارفها والمتورطين في ذلك الذين يجب أن يحاكموا. فلماذا هذا التغيير المفاجئ ولو إعلامياً في مواقفكم؟؟ في كل الحالات أخشى ما أخشاه أن تكون فرنسا قد التحقت بأميركا وليس العكس. وفي قلب اللعبة اسرائيل وهذا لا يبشّر بخير!! المصدر :جنوبيات |