الخميس 15 تموز 2021 08:39 ص

لبنان.. لعبة أمم أم لعبة أطفال؟!


* المحامي حسن مطر

ليس الفرق بعيداً بين أطفال صغار يلعبون عادة بـ «الكلة» وحكّام يلعبون بالوطن. الصغار يسود بينهم زعل حيناً وحرد أحياناً، تماسك بالأيدي ورمي بعضهم أرضاً من دون أذى يُصيب أحدهم، فيتدخل الأهل لتهدئة الأمور بينهم ولسان حالهم يقول: «قاضي الأولاد شنق حاله». هذه الصورة شبيهة بما هو جار بين أفراد الطبقة السياسية الحاكمة ظلماً بالناس والناهبة للمال العام. لقد حوّلت البلاد عن سابق تصور وتصميم من حالات البحبوحة والازدهار والعيش السعيد إلى حالات البؤس والشقاء والمجاعة والإفقار ووضعه على شفير الانهيار الشامل في الوجود والدور وحروب داخلية لا تبقي ولا تذر.

لبنان بات «دولة فاشلة»، عزل دولي وعربي لعهده المتعجرف وحكوماته المتعاقبة وزبانيتهما المجبولة بالفساد والإفساد. رؤساء دول كبرى وصغرى وسفراء يتحدثون عن زوال لبنان إن لم يجر تدارك ذلك بتأليف حكومة وإجراء إصلاحات وقول إحداهن: «أنتم بعنادكم وجشعكم وأنانيتكم الصغيرة وامتناعكم عن تشكيل حكومة تحاصرون وطنكم وتجوّعون شعبكم». هؤلاء أصدقاؤكم الذين يستضيفونكم يوم غضب الشعب عليكم، فالانهيار الزاحف بقوة هو نتيجة سوء إدارتكم وتصرفاتكم وأفعالكم. وبعد كل هذا الخراب والدمار نسأل: ماذا فعلتم بالبلاد والعباد أيهاالساقطون وطنياً؟!

بعض الإعلاميين والمنتفعين يشنون حملات تخويف للمواطنين بأن البلاد مقبلة على حالات خطيرة وكوارث عظيمة وفوضى عارمة واقتتال وتفلت بالسلاح، لغاية واحدة هي إسكات صوت الشعب وأهالي ضحايا انفجار المرفأ ولملمة التحقيق القضائي ومنع المستدعين من المثول أمام التحقيق ونقل البلاد إلى مشاغل واهتمامات أخرى، فالمستور معروف لديهم وممنوع الاقتراب منه.

كل ماتفعله الطبقة الحاكمة بأغلبيته مخالف للدستور ونصوصه الواضحة، وللميثاقية التي ابتدعوها خدمة لمصالحهم وسيطرتهم، ومخالف للميثاق الوطني (الطائف) الذي أوقف حروبكم العبثية وإساءاتكم للطوائف وللمعاني الحكيمة للأديان السماوية التي تسعون للمتاجرة بها، وإنكم أنتم أيّها الصغار الضمانة لطوائفكم بعملية كذب وخداع لا مثيل لها.

لعبتم بالوطن وما زلتم تلعبون، وكأنه والشعب كله عقارات تملكونها وتتصرفون بها من دون حسيب أو رقيب. فالحقد المتبادل بينكم وبين أحزابكم وتياراتكم والتكالب على السلطة والتسلط وجعل الأقزام عمالقة والطائفيين وطنيين والمخربين مُصلحين. لا وألف لا، فالشعب لكم بالمرصاد يلاحقكم حتى داخل منازلكم وقصور تشغلونها إلى حين، وبلدان تهربون إليها. حاسبوا أنفسكم واعترفوا بخطاياكم فالشعب اللبناني البطل لن يغفر لكم ما أنزلتم بوطنه من خراب وتدمير.

لقد بات العمل السياسي وإدارة الحكم الذي تمارسونه يعود بالوطن إلى القرون الوسطى بخلفيات جاهلة لأبسط قواعد الحكم وحق الوطن والمواطن. فالأفق المفتوح أمامكم هو اصطناع المشكلات وإحداث الخلافات وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والمناطقية والعائلية والشخصانية والزبائنية والمحاور الإقليمية والدولية، لذا لم يعد أمامكم من خيار تحت هدير المطالب الشعبية المستمرة لمحاسبة الفاسدين والمتورطين إلا الانقلاب على أنفسكم بأنفسكم والرحيل. إنها لعبة أمم أم لعبة صغار؟

المصدر :اللواء