الخميس 15 تموز 2021 08:46 ص

مآسي الأطفال في لبنان


* ريمون ميشال هنود

عندما دوّى انفجار مرفأ بيروت الهائل تقول هبة بأن طفلها صرخ لدى رؤيته الدماء تسيل من قدميه بفعل انهيار واجهة منزلها الزجاجية، أمي أمي لا أريد أن أموت، قالها وهو يرتجف من الرعب الذي انتابه بشدة.

ومن جهةٍ أخرى، قالت وكالة فرانس برس بتاريخ 11 آب 2020 أنه بعد وقتٍ قصير من وقوع الانفجار حملت أم طفلتين اجتاحت الدماء وجهيهما وظهر على ملامحهما الذعر الشديد، وهذا المشهد ينطبق على العشرات من الأطفال في المكان المنكوب حيث الصدمة والذهول كانا سيدي الموقف.

وشددت منظمة save the children أي أنقذوا الأطفال، في بيان على أن تكون صحة الاطفال النفسية أولوية محذرةً إلى أنه في ظل غياب الدعم النفسي والمعنوي المناسبين للأطفال فلذات الأكباد ستكون نتائج الصدمات عليهم وخيمة وستستغرق وقتاً طويلاً لرحيلها من ذاكرتهم.

وذكرت المعالجة النفسية صوفيا معماري أن هناك أطفالا سيعانون من قلق مزمن، وأن الأصوات العالية ستجعلهم يخشون من تكرار الحادثة، وقد يخشون فراق أهلهم إن لناحية ذهابهم إلى المدرسة أو لناحية رفض دخولهم المرحاض بمفردهم.

ومع استمرار قطار الانهيار الاقتصادي بالسير على سكة الدمار، أفادت منظمة plan international بتاريخ 10 حزيران 2021 عبر بيان لها بأن الأزمة الاقتصادية أرغمت الكثير من العائلات المتضررة إلى جعل أطفلهم يعملون، لكي يكونوا مصدر دخل لهدف الحفاظ على سبل العيش، ما ادى إلى ارتفاع ظاهرة عمالة الأطفال إلى مستويات ودرجات لم يعهدها لبنان قبلاً، ويذكر ان ارتفاع معدلات البطالة جعلت ما يقارب نصف عدد السكان ينحدرون إلى ما دون خط الفقر.

وتؤكد plan international في تقييماتها الأخيرة أن الأطفال يشكلون 30% من اجمالي القوة العاملة، واضافت المنظمة ان الأطفال في سهل البقاع يعملون لأكثر من خمس ساعات في اليوم وتشكل الفتيات نسبة 56% في المزارع الصغيرة.

أما بالنسبة لوقوف الاطفال على الاشارات الضوئية بهدف التسول، فالظاهرة مستمرة وآيلة يوماً بعد يوم إلى ارتفاع نسبتها ولا شك أنها تشكل انتهاكاً صارخاً لأبسط حقوق الطفل.ويستمر الاطفال بجوب الطرقات ويتسولون، ومع تردي الأوضاع الاقتصادية تعملقت هذه الحالة وهنا السؤال المطروح، ما هو موقف الدولة من هذه الجريمة النكراء؟

لكن حتى الآن لا حياة لمن ننادي.

وفي هذا السياق، كان الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للطفولة أيلي مخايل قد أكد في العام المنصرم وبالتحديد في شهر تموز 2020 في حديث لموقع ليبانون تايمز أن أطفال الطرقات يتعرضون لانواع بشعة من الاستغلال، والمعني الاول بهذا الأمر هي وزارة العمل، لكن الوزارة تعزو السبب إلى انعدام العدد الكافي من المفتشين والمراقبين الاجتماعيين والعاملين الموجودين بقطاع غير نظامي كالزراعة مثلاً لذلك لا قدرة للوزارة على مراقبتهم.

وتابع مخايل، لبنان صدّق على اتفاقيات ومواثيق دولية منها الاتفاقية رقم 132 التي تنص على تحديد السن الدنيا لعمل الأطفال بـ15 سنة.

من هنا أتى قانون الزامية التعليم، فأصبح لبنان معنياً بالالتزام بهذه الاتفاقيات وعدم تنفيذها.

يخضع لبنان للمحاسبة وهناك قانون تدرسه اللجان النيابية المختصة لتعديل قانون العمل بما يتناسب مع الأعراف الدولية. وفي 2 حزيران 2021 أدلت مجموعة من الأهالي لموقع الحرة بشهادات حول مآسي أطفالهم في لبنان، فقالت بانه وطن لا يستوفي شروط حياة تلائم الاطفال نتيجة استمرار الغلاء الفاحش، أما المصاريف من أجل تربية الأولاد فهي خيالية باهظة موجعة لذا يضيف الأهالي بأن الرحيل عن لبنان يشكل الحل الأنسب لتربية آمنة مستقرة لأولادنا.

في حين يقول تقرير صدر في 1 حزيران 2021 عن منظمة اليونسيف أن ثلث أطفال لبنان يبيتون ليالٍ خلال شهر بامعاء خاوية، وذلك تحت ضغط عنيف من أحد أسوأ الانهيارات الاقتصادية، ورأت منظمة اليونسيف في تقريرها أن الازمات المتتالية التي تضافرت في ولادة الأزمة الكبرى في لبنان ومن ضمنها الانهيار الاقتصادي الكامل ادت إلى جعل الأسر والاطفال في حال يرثى لها ولا يحسدون عليها، وأثرت تقريباً على كل جانب من جوانب حياتهم خصوصاً في ظل شح الموارد واستحالة الوصول واقعياً إلى الدعم الاجتماعي.

ونقل التقرير عن ممثلة اليونسف في لبنان يوكي موكو تأكيدها أنه في ظل عدم وجود تحسن في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية فإن المزيد والمزيد من الاطفال سيذهبون إلى فراشهم ببطون خاوية.

ويزداد عدد الأسر في لبنان التي تضطر إلى تزويج بناتها القاصرات أو بيع ممتلكاتهم.

وقد أعرب 76% من الأسر اللبنانية عن تأثرهم الكبير بالزيادة الهائلة في أسعار الادوية بينما توجد نسبة 30% من الاطفال التي لا تتلقى حقاً مكتسباً لها ألا وهو الرعاية الصحية الأولية.

المصدر :اللواء