الثلاثاء 17 آب 2021 12:33 م |
مبادرة عاشورائية فردية.. خدمة نقية ودعوات صادقة.. وفاء ناصر |
* وفاء ناصر غالبا ما نسمع كلمات جميلة تترك أثرا آنيا، تستقر قليلا ولا تلبث ان تتلاشى، ويحدث احيانا ان نمر عليها مرور الكرام دون أن نعيرها اي اعتبار، بيد ان تلك الدعوات الصادقة الصادرة من أشخاص قلوبهم طيبة لا تزال تؤثر به سيما تلك العبارات النقية التي ينطق بها كبار السن وتختزل هموم الدنيا. "الله يرد عنك وعن اولادك بهالعمل الطاهر" معها تقشعر الأبدان وحتما تتلاشى الماديات. اعتدنا في الأيام العشر الأوائل من شهر محرم الحرام على معايشة مراسم ومظاهر متنوعة تبدأ بالرايات السوداء وتلاوة المجالس العاشورائية ولا تنتهي برؤية المضافات التي تفترش الطرقات ليلا نهارا لتروي ظمأ العطاشى وتشبع البطون الخاوية، وغيرها من الصدقات والتبرعات السرية والعلنية... غير ان مبادرة الدكتور نزيه جابر كانت ملفتة شكلا ومضمونا. دأب الدكتور نزيه_ وهو طبيب صحة عامة واخصائي أطفال_ منذ العام 1992 على معاينة المرضى الذين يقصدونه مجانا طيلة الأيام العشر الأوائل في عيادته الكائنة في بلدة عنقون من التاسعة صباحا حتى الواحدة ظهرا. غير ان هذه المبادرة الفردية ليست محصورة بأبناء البلدة فقط بل بالقرى القريبة جغرافيا منها؛ اي حومين التحتا، رومين، بنعفول، عرب الجل وعرب طبايا.
وبما ان الطب رسالة انسانية سامية، فهو لا يفرق بين مريض يقصده سواء أكان من الجنسية اللبنانية أو من المقيمين من الجنسيات الاخرى (سوري، فلسطيني...). ولا يعنيه موضوع الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها المريض ولا مستواه المعيشي. فنيته الصافية موجهة للجميع سواء أكانوا بحاجة لها ام لا.
اما عن نسبة الاقبال في هذه الايام المباركة، يقول الدكتور نزيه انها كانت ولا تزال كبيرة، والإعلان عن المبادرة بات شكليا.
وانطلاقا من حرصهم على مصلحة الدكتور نزيه خاصة في ظل الاوضاع الصعبة التي يعانيها اللبنانيون جميعا، تحدث البعض معه في موضوع عدم تفعيل هذه المبادرة حاليا ريثما تتبدّل الاحوال وتستبد الامور. لكنه لم يقبل عازما على الاستمرار بها حتى الرمق الاخير وعازيًا الأمر إلى سببين. صحيح ان هذه المبادرة الخيّرة اقتبست كما كل الأعمال والمبادرات من واقعة كربلاء التفاني، الإخلاص، النية الصادقة... لكنه أصرّ على ألا يضيع الخير في متاهات الماديات أو يتوه عن مساره الصحيح، فوجد أن في ما يقوم به راحة وسعادة لا مثيل لهما لان نية الخير موجودة والطريق واضح لا لبس فيه. وعن الرسالة التي يوجهها للأطباء، فهو إذ يطلب منهم الصبر على هذا الواقع المرير، يريد منهم التخفيف عن كاهل المريض لأنه لم يعد مريضا فقط "وإنما متلف الاعصاب نتيجة الهموم الكثيرة فوق رأسه". ويناشدهم تبسيط الامور على المرضى وضرورة الترفع عن الماديات. إذ بنظره "يجب دارسة حالة كل مريض وأن نكون معه وجنبه وليس ضده. ولن نخسر شيئا لو اشتغلنا على العنصر النفسي والكلمة الحلوة".
المصدر :جنوبيات |