![]() |
الثلاثاء 7 أيلول 2021 17:30 م |
لبنانيون يجتاحون قبرص!! |
![]() |
* جنوبيات قطع مئات اللبنانيين خلال الأشهر الماضية المئتي كيلومتر جواً التي تفصل بين بلادهم وجزيرة قبرص ليستقروا فيها، ولو موقتًا، هربًا من جحيم الأزمة في بلادهم حيث انقطاع الكهرباء وشحّ الوقود والأدوية وانسداد الأفق. بعد رحلةٍ منتظرة بفارغ الصبر رغم أنها لا تتجاوز الـ25 دقيقة، خرجت اللبنانية نانور أباشيان (30 عامًا) مع زوجها وطفليهما من مطار لارنكا قادمة من بيروت، وهم يجرّون سبع حقائب معظمها كبيرة الحجم. وقالت لوكالة فرانس برس “وجعي كبير جداً لأنني تركتُ بلدي وأهلي، لكنني مجبرة على ذلك، لأنني أريد أن أربي ولدي بعزّ وكرامة وضمان مستقبلهما”. ويشهد لبنان أزمة اقتصادية حادة منذ نحو عامين صنّفها البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850. ويعجز اللبنانيون عن سحب أموالهم من المصارف بسبب قيود ناتجة عن شحّ السيولة، وتدهور سعر صرف الليرة اللبنانية بنسبة تفوق التسعين بالمئة، وفقد كثيرون وظائفهم. في الوقت نفسه، ينقطع التيار الكهربائي معظم ساعات النهار والليل، ولا يوجد مازوت في السوق لتشغيل المولدات الكهربائية. وينعكس ذلك على كل جوانب الحياة. كما يشهد البلد أزمات أدوية وخبز ومواد أخرى أساسية.
لكن السفيرة اللبنانية في قبرص كلود الحجل أكدت لوكالة فرانس برس أنه منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019 مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في لبنان ضد الطبقة السياسية، “لاحظنا زيادة كبيرة في عدد الملفات العائلية التي فُتحت في السفارة وسجلنا الزيادة الأكبر بعد انفجار 4 آب/ أغسطس” في مرفأ بيروت الذي أسفر عن أكثر من مئتي قتيل وستة آلاف جريح ودمّر أجزاء كاملة من العاصمة.
وقالت الحجل “في الثمانينات، كان هناك مئة ألف ملف عائلي مسجّل في السفارة”.
وكانت وكالة فرانس برس التقت عائلة نانور في منزلها شمال بيروت قبل يومين من سفرها إلى قبرص. وقالت الوالدة الشابة يومها بينما كانت تحزم أمتعتها بحسرة “قررت مغادرة لبنان لأننا لم نعد نشعر بالأمان… أصبحنا في المجهول، بتنا نعيش في الذل”.
إنقاذ العام الدراسي
وقال الرجل الأربعيني “لا نرى أفقاً للعام الدراسي في لبنان. المازوت غير متوفر لتشغيل المولدات والأساتذة لن يحصلوا على علاوة ليتمكنوا من التعليم، ولن يستطيعوا ملء سياراتهم بالبنزين ليذهبوا إلى المدارس…”.
في العاصمة نيقوسيا، تلقت المدرسة الفرنسية خصوصاً عشرات طلبات التسجيل بسبب قرب برنامجها الدراسي من برامج المدارس الفرنكفونية العديدة في لبنان. ولم تتمكن من تلبيتها كلها، كما أفاد لبنانيون قادمون حديثًا. وحاولت فرانس برس التواصل مع إدارة المدرسة للاستفسار، لكنها لم تتلق ردًا، بسبب انشغال المسؤولين بالتحضير لاستقبال كمّ هائل جديد من التلامذة، فيما أرجئ موعد دخول المدرسة للتلاميذ الذين تسجلوا بعد 24 آب/ أغسطس. وتحدث لبنانيون ومسؤولون قبارصة عن أكثر من 250 طلب تسجيل للبنانيين في المدرسة. وإذا كانت بعض العائلات قصدت قبرص بحثًا عن الأمان والتعليم والاستقرار ولو المؤقت فحسب، فإن لبنانيين آخرين وجدوا فيها أيضا مكانًا للعمل والاستثمار. وقال المسؤول عن قسم التجارة والصناعة في وزارة التجارة كونستانتينوس كارايوريبس إن السلطات القبرصية “أطلقت مساراً سريعاً لتسجيل الشركات الأجنبية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي”، وإن “هذه الآلية لقيت اهتماماً كبيراً من جانب شركات لبنانية، إذ تسجّلت حتى الآن سبع شركات كبيرة ومتوسطة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ونقلت معها مئتي موظف لبناني”. وتوقّع أن يرتفع العدد بحلول آخر العام الحالي بفعل أن عائلات موظفين كثيرين ستنتقل أيضا إلى الجزيرة. ولفتت السفيرة اللبنانية إلى أن “قبرص تساعد اللبنانيين كثيراً”، مضيفةً أنه، بموجب آلية المسار السريع لمعاملات تأسيس الشركات، “أصبح الأمر يستغرق 10 إلى 15 يوماً بدلاً من شهرين أو ثلاثة كما كانت الحال في الماضي”. ورأى كارايورييس أن انتقال هذا العدد الكبير من الشركات اللبنانية سينعكس إيجاباً على الاقتصاد القبرصي من خلال “إنفاق موظفي هذه الشركات رواتبهم العالية إجمالاً” في السوق القبرصية، ومشيراً إلى أن “المنفعة الأهمّ هي انتقال المعرفة من الشركات الأجنبية إلى تلك المحلية”.
وقال رجل الأعمال اللبناني جورج شهوان، وهو صاحب عشرات المشاريع العقارية في قبرص، “شركتنا باعت 400 شقة لعائلات لبنانية بين 2016 و2021 (…) مئة من بينها خلال الأشهر الستة الأخيرة”. وأشار إلى أن اللبنانيين يختارون الجزيرة العضو في الاتحاد الأوروبي للاستثمار والاستقرار، لأنها تقدّم لهم حوافز عدة، فهي “تمنح الإقامة مدى الحياة لكل شخص يمتلك فيها عقاراً جديداً، كما أن المصارف القبرصية تسهّل معاملات الحصول على قروض للبنانيين الذين لديهم مدخول بالدولار”. وقال شهوان “منذ العام 1975، شكلت قبرص ملاذاً آمناً للبنانيين”، مضيفاً “إنها قريبة وتتمتع بالأمن والاستقرار (…). يشعرون فيها بأنهم في بلدهم الثاني”.
المصدر :جنوبيات - فرانس برس |