السبت 11 أيلول 2021 09:30 ص

بالنظام - دفاعاً عن المحاماة


* جنوبيات

حقّ الدفاع مقدس، وواجب المحامي الدفاع عن موكّله وصون حقوقه (قانون تنظيم مهنة #المحاماة). والوكالة هي كناية عن عقد يفوّض بموجبه الموكّل الوكيل للقيام بأعمال للمحافظة على مصلحة الموكل. و"على الوكيل أن يُعنى بتنفيذ الوكالة، عناية الأب الصالح". (785 موجبات وعقود)

أحاط القانون مهنة المحاماة بشيء من القدسية، ومنح المحامين الحقوق والضمانات اللازمة لممارسة المهنة التي "تهدف الى تحقيق رسالة العدالة بإبداء الرأي القانوني والدفاع عن الحقوق"، فالمحاماة تساهم "في تنفيذ الخدمة العامة، ولهذا تولي مَن يمارسها الحقوق والحصانات التي ينص عليها هذا القانون كما تلزمه بالموجبات التي يفرضها".

تشدد النصوص القانونية الناظمة للمهنة على حرية المحامي واستقلاله في أداء مهنته، حتى أن واجبه تجاه موكله لا ينتقص من هذه الحرية، فالمحامي "لا يُلزم بالتقيد بتوصيات موكله إلا بقدر ائتلافها والضمير ومصلحة الموكل".

توقف المحامون في نقابة بيروت عن العمل بقرار من مجلس النقابة منذ أيار، على خلفية ظروف توقيف أحد المحامين. وأثيرت من ضمن الأسباب الداعية للإضراب علاقة المحامين بالقضاء وما يتعلق على وجه الخصوص بمسألتين:

- المادة 79 من قانون تنظيم مهنة المحاماة التي تمنع استجواب محامٍ قبل ابلاغ الامر لنقيب المحامين، باستثناء حالة الجرم المشهود. ولا تجيز ملاحقة المحامي لفعل نشأ عن ممارسة المهنة أو بمعرضها إلا بقرار من مجلس النقابة الذي يقدّر ما اذا كان الفعل ناشئا عن المهنة أو بمعرضها.
- والمادة 111 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي أجازت لقاضي التحقيق أن يستعيض عن توقيف المدعى عليه بوضعه تحت المراقبة القضائية، وبالزامه بموجب أو أكثر من الموجبات التي يعتبرها ضرورية لإنفاذ المراقبة ومنها منعه من مزاولة بعض المهن طوال مدة المراقبة (أو إلزامه الإقامة في مكان معيّن أو عدم التردد إلى مكان معيّن أو منعه من السفر).

في المسألة الأولى المتعلقة بالملاحقة والاستجواب، لا توجد إشكالية جدية حول معاني النص وكيفية تطبيقه، ولا يعقل أن يكون هناك في القضاء مَن يرفض تطبيقه أو يرغب في تجاوزه. وما دامت المسألة عالقة بين مَن يتولون تطبيق القانون وتوزيع العدالة من جهة ومَن يتولون الدفاع عن الحقوق من جهة أخرى، فمن غير المقبول أن تستمر هذه المادة بإثارة أية إشكالية.

أما المسألة الثانية فهي أكثر دقة، والقانون ال#لبناني مأخوذ عن القانون الفرنسي الذي خضع لاحقاً للتعديل فتم إحداث إجراءات خاصة بالمحامين ينبغي اتّباعها قبل اتخاذ قرار بمنعهم من ممارسة المهنة كتدبير مراقبة. ولكن القانون اللبناني لم يعدَّل وما يزال النص على إطلاقه. ولا سبيل بالتالي، إلى حين تعديل النص، سوى سلوك طريق الطعن بقرار قاضي التحقيق بمنع مزاولة المحاماة أمام الهيئة الاتهامية.

صحيح أن على المحامي أن يلتزم التعليمات التي يصدرها مجلس النقابة والتي تتعلق بممارسة المهنة (كما تنص المادة 23 من آداب المهنة)، إلا أن مهمة مجلس النقابة هي "السهر على مسلك المحامين" و"إصدار تعليمات للمحامين تتعلق بممارسة مهنتهم"، وفق المادة 59 من تنظيم المهنة. مهمة المجلس هي التنظيم، ولا يمكن أن يصل التنظيم إلى حد المنع الجماعي من العمل. أما الإضراب فهو موقف، يلتزمه الأعضاء عن قناعة ويتحملون المسؤولية الناتجة عنه ويقدّرون الحدود التي لا يجوز لهم تخطيها تجاه موكليهم. ولا يجوز أن يتحول القرار بالإضراب واجباً من واجبات المهنة لأن الواجب هو العكس، التزاماً ب#حق الدفاع المقدس. لأن المحامي مسؤول تجاه موكله عن اداء مهمته وفاقا لنصوص القانون ولمضمون وكالته (المادة 78 من قانون تنظيم المهنة). أما القرارات التي تناقض هذا الحق أو تعطله فهي تخالف بشكل مباشر النصوص القانونية الصريحة والمبادئ العامة المكرّسة.

المصدر :النهار