الأربعاء 15 أيلول 2021 14:59 م |
تسليم وتسلّم في وزارة العدل |
* جنوبيات شهدت وزارة العدل مراسم التسليم والتسلم بين الوزيرة السابقة ماري كلود نجم والوزير الجديد القاضي هنري الخوري في حضور المديرة العامة للوزارة القاضية رلى شفيق جدايل، رئيسة هيئة القضايا القاضية هيلانة اسكندر، رئيسة هيئة التشريع والاستشارات القاضية جويل فواز وعدد من القضاة الملحقين بالوزارة وموظفين وإداريين. وكانت كلمة لنجم قالت فيها: "لقد عينت في لحظة سياسية معينة كان فيها الشعب في الشارع فرض واقعا معينا ويطالب بوزراء مستقلين، وإلا لم يكن أحد ليأتي الي.اعتقدت بأنني أستطيع أن أضع خبرتي العلمية كوزيرة أكاديمية مستقلة للنهوض بقطاع حيوي هو القضاء، وأنه يمكنني من المشاركة بالسلطة التنفيذية المساهمة بوقف الإنهيار المالي ووضع البلد على السكة الصحيحة، واعتبرت أن دينامية الحراك الشعبي ستكون أداة دعم وضغط بيدي لكي أكون صوتكم في الداخل لفرض شروطنا الإصلاحية،كما اعتبرت أن الإنهيار المالي سيفرض الإصلاحات لسبب بسيط لأن ليس هناك خيار آخر وهذا الامر سيكون أول خطوة والمدخل للخروج من الدويلات الطائفية والعبور الى الدولة، وهنا بيت القصيد". أضافت: "الحل معروف وهو نقيض النظام الحالي، نظام إئتلاف زعماء الطوائف، فالحل هو بناء الدولة، بالتأكيد ليس الدولة العسكرية ولا الدينية أو المرتهنة الى الخارج، إنما الدولة المدنية، الدولة التي تعطي الحقوق لا المساعدات، والتي تعطي الكرامة لا "الشحادة" والإذلال، ولهذا السبب ومنذ اللحظة الأولى وفي كل خطوة قمت بها كان هدفي الوحيد تقوية الدولة وتعزيز مدنيتها وعلمانيتها وتفكيك المحاصصة الطائفية، والهاجس الأساسي الذي كان يراودني هو كيفية إبعاد القضاء عن أزمات الحكم وأمراض النظام الطائفي، ولهذا السبب وفي كل التعينات التي اقترحتها لم أزر زعماء الطوائف ليسقطوا الأسماء وهذا ما سبب لي المتاعب". وتابعت: "في تعيينات التفتيش وضعنا آلية وفتحنا باب الترشيح للقضاة، أجرينا مقابلات وأخترنا الأنسب للموقع كذلك بالنسبة الى أعضاء مجلس القضاء الأعلى غير الحكميين، لكن للأسف لم يوقع رئيس الحكومة المرسوم، وفي التشكيلات القضائية التي لا أملكها وهي تأتي من مجلس القضاء الأعلى لم أتدخل والجميع يعرف ذلك لكنني طالبت بوحدة المعايير وعدم تخصيص المواقع القضائية للطوائف والمذاهب كي نخرج القضاء من التلوث نفسه الذي أصاب السياسة والأمن والإقتصاد والمال والإعلام، لأننا لا نريد قضاء مقيدا بالقيود الطائفية، نريد أن نعطي جرعة أمل وحماسة للقضاء وللقضاة الشباب النظيفين والكفؤ الذين يخافون على مستقبلهم". وأردفت: "كذلك في كل المواقف التي اتخذتها داخل الحكومة وأذكر على سبيل المثال تسجيل المعارضة على التعيينات المالية، لكن للأسف تبين أن النظام الطائفي أقوى منا، وقد نجحت في إرساء المبادىء والإصرار عليها نظرياً وإدخال نهج جديد في التعاطي والمقاربة إنما لم أنجح في التطبيق الكامل والصراحة تلزمني الإقرار بهذا الموضوع، لأن مواجهة هذا النظام الطائفي لبناء الدولة يتطلب مجتمعا مدنيا حاضرا وإعلاما مواكبا ومسؤولية جماعية، والأرضية لم تكن جاهزة بعد". وتابعت: "العالم من حولنا يتقدم ويبتكر، ونحن لا نزال "نقيم القيامة"، إذا تم تعيين موظف شيعي بدل موظف سني، واذا تمت ملاحقة شخص من طائفة معينة يجب أن نلاحق آخر من طائفة ثانية، واذا تحدثنا عن ثغرات في الدستور وقلنا مثلاً أنه يجب وضع مهلة للتكليف يتكلمون عن تقييد صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني واذا تحدثنا عن مهلة للتأليف يقولون أننا نقيد صلاحيات الرئيس السني، واذا لم نعين وزير مال شيعي يقولون أنه يتم تعطيل التوقيع الثالث، وإذا أردنا إجراء تحقيق جنائي لحسابات مصرف لبنان لمعرفة أين ذهبت ودائع الناس، يصبح الموضوع معركة مارونية- مارونية لرئاسة الجمهورية وانتقاما سياسيا، وكل ملف أو قضية كبيرة في القضاء تتحول الى استهداف طائفي أو سياسي أو مناطقي، وكل قاض يتحرك يهاجم في السياسية وتضيع المحاسبة". وقالت: "عندما يتقيد وزير أو وزيرة العدل بصلاحياتها ولا تتدخل مع القضاء وهو ما قمت به، تُعتبر ضعيفة، وحتى القرارات التقنية والقانونية تشوهت مع الأسف ويكفي أن نذكر ما حدث للخطة المالية التي اقرتها الحكومة، وقد لا يتعلق هذا الامر بوزارة العدل مباشرة الا أنها قضية عدل وعدالة، فقد تبينت الخسائر الهائلة وقررت الحكومة توزيعها بشكل عادل وبحيث يتحمل الجزء الأكبر من استفاد اكثر، ونحمي المودعين في الوقت نفسه خصوصا الصغار والمتوسطين منهم، وبهذه الخطة كانت الحكومة تحاول كسر الحلقة المالية التي هي ذراع النظام الطائفي والسياسي، وعندما ابصرت هذه الخطة النور وعلى رغم كل الخلافات اجتمع تقريبا الكل ضدها ليقولوا أن ليس هناك خسائر، واصبح هناك لجنة تقصي حقائق في البرلمان وخطة بديلة من جمعية المصارف وحملة اعلامية عنيفة ضد الخطة وبالتالي كل ذلك ليس من باب الصدفة انما أمر مقصود والخطة الخبيثة البديلة تُنفذ كل يوم وقد خسرنا الكثير من الوقت، لأن هدفها عدم تكبد المستفيدين الكبار الخسارة. لقد اجتمعوا لانقاذ الحلقة المالية لنظام إئتلاف الطوائف الذي هو أقوى من أي حكومة". وتابعت: "ما يمكنني قوله بعد الخبرة والعقبات التي واجهناها مع هذا النظام، المشكلات ليست تقنية انما بعمل نظامنا السياسي وهذا ما يجب أن نواجهه وألا نقبل به، وما أقوله ليس هروبا من المسؤولية ولا لرمي المسؤولية على الغير وانا لا أقول " ما خلونا"، فنحن نتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، وانا اتحمل شخصيا جزءا من هذه المسؤولية في كل الملفات التي لم اتمكن من انجازها في الوزارة، واعترف بأننا خسرنا معارك أو لم نعرف كيف نربحها، وقد واجهت ولم اساير ودخلت في صراع مع الطبقة السياسية في كل الملفات، من خلال الاصرار ،على سبيل المثال لا الحصر، على اقرار الحكومة للتدابير السبعة لمكافحة الفساد التي حضرناها في وزارة العدل مع اشخاص من المجتمع المدني حيث "قامت القيامة" وكذلك عندما خضنا معركة التدقيق الجنائي، وعندما طالبت بالصلاحيات الاستثنائية في الموضوع المالي واكتشفت بأننا اصبحنا مكبلين.لقد واجهت في كل ملف خلال الاشهر الستة التي كنا فيها بالحكم لأنني لم اكن اريد الاستقالة من اول صعوبة بعد اول محاولة، وبعد استقالة الحكومة بقيت ايضا ليس فقط لان هناك واجبا دستوريا بتصريف اعمال الوزارة، وانا كنت دائما من الداعين لاجتماع مجلس الوزراء في هذا الظرف الاستثنائي للعديد من الملفات، واكرر ان هذا الامر كان يجب ان يحدث، لقد بقيت لأن هناك اكثر من 200 قتيل و6 الآف جريح ومدينة مدمرة في قضية مفصلية عالقة أمام القضاء، وانا كوزيرة عدل أقف الى جانب الأهالي ولن اتركهم، لذلك آليت على نفسي البقاء لتأمين ما يلزم لتحقيق العدل من الناحية اللوجستية ولجهة التعاون الدولي من دون اي تدخل بقرارات المحقق العدلي والتي يتخذها بشكل مستقل وهو مسؤول عنها". اضافت: "لقد قمت بواجباتي في الحكومة ومن بعدها، لكن النظام سقط ونحن لسنا مستعدين بعد لتغييره لأننا نخاف من الآخر، ومن الذهاب الى عقد اجتماعي جديد خارج الطوائف لأننا نخاف أن تهتز الطوائف وتوازناتها، لقد قمت بواجباتي ولكن ايضا من واجبي السياسي والاخلاقي ان اعتذر من كل لبناني ولبنانية لأنني لم اتمكن من الوصول الى النهاية في معركتي ولم اتمكن من احداث النقلة النوعية التي حلمت بها، المهم ليس فقط ان نعترف بالخسارة، وقد تمكنا من تحقيق انجازات صغيرة لكن لسوء الحظ لم نستطع تحقيق الانجازات الكبيرة، لقد خسرنا معركة لا حربا، وهي حرب على ثقافتنا وذهنيتنا التي هي اول عدو للبنان". وقالت: "أعود اليوم كاستاذة جامعية الى طلابي الذين لم اتركهم، وهذه هي وظيفتي الأكبر والاهم، وساكملها في اي مكان وفي كل مكان." وتوجهت نجم الى الوزير الخوري بالقول: "لقد قبلت المهمة وكل شخص في هذا الظرف يتجرأ على النزول الى هذا المستنقع يستحق التقدير والاحترام، اتمنى لك التوفيق وان تنجز ما لم استطع القيام به، وانت ابن العدلية واثق أنه بما لديك من معرفة وكفاءة وحكمة وشخصية ستتمكن من معالجة الملفات المهمة والملحة التي تنتظرك، أولها استكمال تكوين مجلس القضاء الاعلى وكذلك ملف التشكيلات القضائية وملف استقلالية السلطة القضائية وقد عملنا عليه في الوزارة، وأيضا الاوضاع المتدهورة في قصور العدل". وختمت نجم كلمتها بالشكر العميق "لمسؤولي وموظفي وزارة العدل وكل الجنود المجهولين -المعلومين، وصولا الى المديرة العامة للوزارة التي ستختم بعد بضعة ايام مسيرتها في الوظيفة القضاء لكنها ستبقى في خدمة هذه الوزارة وهي التي واجهت معي ومع الموظفين كل الصعوبات، واشكر جميع القضاة الملحقين بالوزارة وغير الملحقين ايضا والذين عملوا معنا على مشاريع قوانين واقتراحات قوانين، لقد قمنا بعمل رائع بالنسبة الى النصوص وتحديث القوانين". بدوره تحدث وزير العدل القاضي هنري الخوري فقال مخاطبا الوزيرة نجم: "لقد تسنى لك الوقت لتكوين كل الافكار التي طرحتها، ويمكن أن يكون هناك اشياء تمكنت من تحقيقها وأخرى في طور التحقيق انما اريد أن احيي الجهود الكبيرة التي بذلتها في الوزارة خصوصا ان الأيام صعبة ولا احد يمكن ان ينكر ذلك كما ان التعاطي معها كان اصعب، لذا تمكنت من ارساء او تثبيت بعض الامور وهو امر تشكري عليه، وقد تكون هذه المرحلة من اصعب المراحل التي يمر بها لبنان ولا شك ان وزارة العدل تواجه ظروفا صعبة ومعقدة كمثل حال البلد كله، وان قصور العدل تتصدى لملفات مفصلية في تاريخ هذا البلد، وكما كانت لديك كامل الثقة بالقضاة انا ايضا على ثقة بان القضاة على قدر المسؤولية، وبقدر ما هو مطلوب منهم، المطلوب منا حمايتهم وتحصينهم معنويا وماديا".
أضاف: "لقد تقاعدت منذ عامين لكنني اعتبر نفسي، بكل تواضع، على دراية تامة بهموم وشجون هذا المكان بشقي القضاء العدلي والاداري، بعد ان امضيت فترة طويلة في القضاء العدلي ثم لأقل من سنتين في القضاء الاداري وعشت هواجس وهموم هذا الاخير. وتابع: "سبق ان قلت بأنني ابن هذا المكان، وأكدد مجددا انني كوزير للعدل ساكون الى جانب مجلس القضاء الاعلى ومكتب مجلس شورى الدولة، ضمن الحدود التي يسمح بها الدستور والقوانين المرعية الاجراء. ومن الطبيعي ان يكون للوزير ضمن هذا الاطار، وساتمسك بهذه الصلاحيات كوزير عدل وسأمارسها، وبالمقابل آمل من الجسم القضائي بذل جهده في المرحلة المقبلة للتعويض عن فترات الاقفال الطويلة التي عشناها خلال السنتين المنصرمتين والتي اثرت على انتاجية القضاء نوعا ما.ومن جهة أخرى، ساتابع مشكلات وصعوبات اتت على ذكرها الوزيرة نجم وهي ابسط قواعد ومستلزمات ومتطلبات الحياة من مياه وكهرباء وتنظيفات في قصور العدل في بيروت والمحافظات خصوصا في بعبدا، كل ذلك بهدف تحسين العمل القضائي وخدمة للقانون والحق". وتابع: "من سوء الحظ أنه يتبقى للمديرة العامة للوزراة أيام قليلة في الوظيفة ولن نتمكن من التعاون معها بشكل كامل،آملا أفضل تعاون مع من سيحل مكانها الى حين تعيين مدير عام جديد في اقرب وقت ممكن، وانا ايضا على استعداد كامل للتعاون مع الجميع في الوزارة وتسهيل امور الجميع بما فيه خير الوزارة والبلد والوطن، وآمل أن نستطيع القيام بالمهمة كما يجب لخدمة الشعب والوطن والعدل والعدالة في هذه المرحلة التي ستكون قصيرة دستوريا آملين أن نستطيع اتمام هذه الامور". المصدر :جنوبيات |