الاثنين 20 أيلول 2021 16:25 م

بعد إعطاء الثقة للحكومة..عوائق وتحديات تواجهها!


باستثناء الوتيرة السريعة، وغير المألوفة، وربما "القياسيّة"، في إنجاز بيانها الوزاريّ، لم تحمل مسيرة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي منذ ولادتها حتى اليوم أيّ "مفاجآت" تخرج عن سقف التوقّعات المرسومة لها، في "سيناريو" قد ينتهي عند حدود "جلسة الثقة"، التي لن يكون ما بعدها كما قبلها، وفق ما يجزم الكثير من المتابعين.

لعلّها الظروف الاستثنائية التي تحيط بهذه الحكومة هي التي تجعل رحلتها محفوفة بالمخاطر سلفًا، فثقة مجلس النواب التي بدت "مضمونة"، ليست أكثر من تفصيل "شكليّ" في مسيرتها لن يقدّم ولن يؤخّر شيئًا، لأنّ "الامتحان الحقيقيّ" يبدأ بعدها، وصولاً إلى "ثقة" أصدقاء لبنان الذين يعوَّل عليهم، ولكن قبلهم أيضًا، الشعب، مصدر كلّ السلطات.

اليوم فقط يبدأ "الامتحان" الحقيقيّ، فالبيان الوزاريّ قد لا يكون سوى حبر على ورق، تمامًا كالتصريحات الواعدة التي صدرت عن رئيس الحكومة والوزراء، والتي قد تعكس نوايا صادقة وشفافة ومشجّعة، لكنّها قد تصطدم كما يعرف الجميع بواقعٍ مرير وصعب، تُسيَّس فيه المطالب الاجتماعية والبديهية، فتطيح بكلّ المكاسب والانتظارات دفعة واحدة!

تحديات "ثقيلة"

قبل أن تحصل الحكومة على ثقة البرلمان، بدأت "الاستحقاقات" تلاحقها من كلّ حدب وصوب. وصلت بواخر الوقود الإيراني فحاصرتها من حيث لا تدري، ووضعتها في موقف "محرج" أمام العالم، في ظل العلاقات الدولية الشائكة والملتبسة، خصوصًا أنّ الدولة تسعى لعلاقات سوية مع الجميع، من دون تحدّي هذا الفريق أو استفزاز ذاك.

لكنّ "الإحراج" الذي تسبّب به الوقود الإيراني ليس كلّ شيء، فأزمة المحروقات تكاد تكفي وحدها لتكون "تحديًا مصيريًا" للحكومة، بعدما رُفِع الدعم بنسبة كبيرة، ويُتوقَّع أن يُرفَع كليًا في القريب العاجل، من دون أن تظهر في الأفق "تباشير" أي انفراجة مرتقبة، بعدما بات المواطنون محرومين من "امتياز" الحصول على "فتات" من البنزين للتنقل بحرية وأمان، ودونما خوف من فصل "إذلال" آخر.

وتتوسّع التحديات من الوقود، لتشمل سائر مناحي الحياة، التي لم تعد تحتمَل في الكثير من جوانبها، ما يجعل المهمّة الملقاة على عاتق الحكومة صعبة ومعقّدة، فالانخفاض النسبي في سعر صرف الدولار خلال الأيام الماضية ليس كافيًا، والمطلوب "تحصينه" حتى لا ينقلب "السحر على الساحر" في أيّ لحظة، كما هو متوقَّع، عند أول اختلاف أو تباين، يكاد يكون "حتميًا" أكثر من أيّ شيء آخر، في ظلّ تناقض الرؤى بين مكوّنات الحكومة نفسها.

 

الوصفة "المثالية"
رغم صعوبة الظروف، ثمّة من يستبشر خيرًا بالحكومة، ليس لأنّ وجودها يبقى أفضل من استمرار حالة الفراغ القاتلة فحسب، وهذا أضعف الإيمان، ولكن أيضًا لأنّ "الوصفة المثالية" للإنتاجية قد لا تكون بعيدة، إذا ما تضافرت الجهود لذلك، وإذا ما توافرت الإرادات بالحدّ الأدنى، وهو ما يؤكده رئيس الحكومة، الذي يصرّ على أنّ فريق عمله الحكومي متجانس، وعازم على "الإنقاذ"، بكلّ السّبُل المُتاحة.

لعلّ كلمة السرّ في هذه "الوصفة" هي، بلا شكّ، التضامن، فالتعاون بين الوزراء ضروري وحتميّ لتحقيق النجاح، بعكس الاستمرار في سياسة النكد والنكايات وتسجيل النقاط، لأنّ الركون إلى هذه السياسة، خصوصًا على أبواب الانتخابات، من شأنه "إحباط" كلّ الآمال والرهانات، ودفن الحكومة في مهدها، وبالتالي منعها من تحقيق أيّ إنجاز، فضلاً عن "تضييع" سنة العهد الأخيرة التي تعهّد الرئيس ميشال عون أن تكون مليئة بالإنجازات.

وإلى التضامن الوزاري، تشمل "الوصفة" الحكومية المثاليّة اتباع سياسة "النأي بالنفس" عن كلّ الصراعات السياسيّة، وعن "الحروب الصغيرة" لهذا المحور أو ذاك، والتركيز على حلّ الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، من خلال الانفتاح على الجميع دون استثناء، وتقديم "أنموذج" العمل المسؤول الذي يطالب به الجميع، بعيدًا عن "ابتداع" نظرية مؤامرة من هنا أو حصار من هناك للتشويش، وربما الهروب إلى الأمام.

التحديات صعبة وثقيلة، لكنّ رئيس الحكومة مصرّ على قدرته على المواجهة، وهو يستند في ذلك إلى فريق وزاريّ صاحب اختصاص وكفاءة رغم كلّ شيء. قد تختلف القناعات السياسية بين أفراد هذا الفريق، لكنّهم جميعًا متفقون على أنّ الفرصة المُتاحة اليوم لإنقاذ لبنان، كلّ لبنان، قد تكون الأخيرة. لكلّ ذلك، صحيح أنّ التحديات صعبة، لكنّ الفرصة موجودة، والمطلوب الاستفادة منها حتى الرمق الأخير وعدم تفويتها، فهل تتحقّق "المعجزة"؟! 

المصدر :ليبانون24