الأحد 26 أيلول 2021 16:30 م

الزيتون..ذهب أخضر وسلعة نادرة!


* إبراهيم مرعي

يتميز لبنان على امتداده الساحلي والداخلي بتربته الخصبة وتنوعه البيولوجي والنباتي وأشجاره المعمرة والمثمرة. ومن أهم هذه الأشجار التي تميز بها لبنان على مدى آلاف السنين شجرة الزيتون المباركة التي تزين الساحل والداخل اللبناني وتكاد لا تخلو بلدة لبنانية إلا فيها شجرة زيتون واحدة أمام كل منزل على أقل تقدير.

وفي بلد لا تهدأ فيه عواصف الأزمات والنكبات ولا يهدأ فيه جشع التجار والمحتكرين، لم يسلم فيه الزيت ولا الزيتون من عواصف الأزمات ولا من جشع التجار.

فمع بداية الأزمة أواخر العام 2019، ومع ارتفاع دولار السوق السوداء وما واكبه من ارتفاع جنوني قي أسعار السلع والمنتجات، طالت الأزمة الشجر والحجر ومُحقت بركة الزيت لتحل مكانها لعنة الاحتكار والغلاء. فقد أصبح الزيتون ذهبا أخضرا أو سلعة نادرة لا يمتلكها إلا من استطاع  إليها سبيلا.

فقبل الأزمة اللبنانية كان سعر تنكة الزيت التي يبلغ وزنها 16 كيلو لا تتجاوز 120 ألف ليرة وفي أحسن الظروف قد يصل سعر التنكة الواحدة إلى 150 ألف ليرة. أما سعر كيلو الزيتون الأخضر (للرص) فقد وصل في أحسن الظروف إلى 6000 ليرة لبنانية للكيلو الواحد.

ومع بداية الأزمة اللبنانية بدأت أسعار الزيت والزيتون ترتفع بشكل جنوني حيث وصل سعر تنكة الزيت الصيف الماضي إلى حدود 600 ألف ليرة فتهافت التجار لتخبئة الزيت واحتكاره بغية بيعه بأسعار مرتفعة بعد فقدانه وزيادة الطلب عليه، حيث وصل سعر تنكة الزيت منذ شهور قليلة لحدود 800 ألف ليرة.

ومع هذا الارتفاع الجنوني لأسعار زيت الزيتون ظهرت تجارة جديدة في الغرف المظلمة حيث ظهرت أنواع جديدة من زيت الزيتون الذي ادعى أصحابها أنه زيت سوري، بينما أكد خبراء في الزيت أن هذا الزيت مغشوش ومصبوغ، وما هو إلا زيت نباتي(دوار الشمس) تضاف إليه بعض الصبغات الخضراء ليصبح لونه مماثلا للون زيت الزيتون. وقد بيعت التنكة الواحدة من هذا الزيت بأسعار منخفضة جدا نسبة لأسعار الزيت الأصلي، حيث لم تبلغ سعر التنكة الواحدة أكثر من 350 ألف ليرة، وامتلأت الأسواق اللبنانية بهذا الزيت فاختلط الحابل بالنابل، ولم يعد يُعرف الزيت الأصلي من الزيت المغشوش.

وبالعودة لزيت الزيتون فقد أجرى موقع "جنوبيات" لقاء مع عدد من تجار زيت الزيتون في مناطق جبل عامل وإقليم التفاح لمعرفة أسباب ارتفاع أسعاره. فجال مراسل "جنوبيات" في بلدتي "مغدوشة" و"طنبوريت" بالإضافة إلى بلدات أخرى في قضاء صور والنبطية.

وبعد سؤالهم عن سعر تنكة زيت الزيتون هذه السنة، فقد كان السعر صادما ومتفاوتا بين منطقة أخرى لكنه بكلا الحالتين كارثي وغير متوقع.
فطعام الفقير - الخبز والزيت - أصبح طعاما ملوكيا لا يأكله إلا أصحاب الثراء!

. فقد أشار هؤلاء التجار إلى أن سعر التنكة 16 كيلو هذه السنة سيبلغ مليون و300 ألف ليرة فيما أشار بعضهم أنه سيفوق هذا المبلغ ليصل سعر التنكة إلى مليون و700 ألف ليرة. أما سعر كيلو الزيتون الأخضر (للرص) فقد وصل سعره إلى 45 ألف ليرة.

وبعد سؤالنا عن سبب الارتفاع الجنوني لسعر الزيت أجابنا أحدهم أن الارتفاع يعود لارتفاع السلع بشكل عام وغلاء المعيشة وتغيّر الظروف.فعلى حدّ قوله أن سعر تنكة الزيت الفارغة(الغالون) كان سعره لا يتجاوز 10,000 ليرة قبل الأزمة بينما وصل سعره اليوم لأكثر من 40 ألف ليرة.

كذلك كان أجر العامل في قطاف الزيتون 45 ألف ليرة قبل الأزمة بينما لم يقبل العامل اليوم بأقل من 100 ألف ليرة لليوم الواحد.

أضف إلى ذلك كلفة عصر التنكة التي لم تتجاوز 10,000 قبل الأزمة بينما وصلت اليوم لأكثر من 60 ألف للتنكة.

بالإضافة إلى ذلك كلفة النقل والاستهلاك وتكاليف كثيرة، عدا عن ربحة صاحب الزيتون والضامن والتاجر.

ويقول أن العامل الأكبر في ارتفاع أسعار الزيت، تصديره إلى الخارج وبيعه بالدولار ما ضاعف أرباح التجار أضعافا مضاعفة وفقدانه في السوق المحلية.

بهذا يقول التاجر أنه لا يستبعد أن يصل سعر التنكة هذه السنة لأكثر من مليوني ليرة في بلد لا رقيب فيه ولا حسيب.

وفي سؤال عن كيفية التمييز بين الزيت الأصلي والزيت المغشوش، أشار الخبير حسن مرعي أن زيت الزيتون الأصلي
بعد وضعه لمدة 24 ساعة في الثلاجة يتجمد ويصبح صلبا . أما الزيت المغشوش فيبقى سائلا مهما وضعته في الثلاجة.

وعن لونه قال مرعي الزيت الأصلي يكون لونه شديد الخضار مع حدة في طعمه أما الزيت المغشوش فيميل لونه للأصفر ولا طعم له.

 

 

 

 

 

المصدر :جنوبيات