الجمعة 8 تشرين الأول 2021 17:10 م

رحيل الإعلامي د. سعيد عياد بعد مسيرة إبداع وتميز… من يحاسب المقصرين؟!


يُشكل رحيل الإعلامي الدكتور سعيد عياد (عن 60 عاماً)، خسارة إعلامية، وقيمة أكاديمية وثقافية فلسطينية كبيرة.

رحل الإعلامي المُبدع مُتأثراً بتداعيات اصابته بفيروس "كورونا"، نتيجة تجلطات، كما أكد الأطباء، بعد تقصير ممن يفترض بأن تكون "ملاك رحمة"، فإذا به يدفع ضريبة استهتارها بمهمتها الانسانية، بعدم مساعدته على شربة ماء، حين احتاج إليها، وهو الذي أسقى أجيالاً  ماءً، وعلماً، ووهب حياته من أجل وطنه.

رحيل قاس، لا يمكن تعويضه أو اعادته إلى الحياة،  لكن مطلوب لجنة تحقيق، لتحميل المسؤولية، حتى لا يدفع الانسان حياته ضحية الاستهتار وعدم المبالاة.

رحل الرجل الطيب، بعد مسيرة حافلة بالعطاء، مُنذ أن تخرج من "الجامعة الأردنية"، صحافة وإعلام في نهاية الثمانينيات القرن الماضي، فأسهم بنهضة الصحافة الفلسطينية في مجالاتها الإذاعية والتلفزيونية والورقية والأكاديمية والتأليف.

خطَ الدكتور سعيد عياد أسلوباً خاصاً في مسيرته المُتنوعة، وتفوقه باللغة العربية إلى أن أصبح رئيساً لدائرة اللغة العربية في "جامعة بيت لحم".

عايش هموم أبناء شَعْبه في مُخيماتهم وقراهم ودساكرهم وبلداتهم ومُدنهم، ونقل ذلك بإحساس صادق إلى المسؤولين، فكانت الكثير من القضايا تجد طريقها إلى الحل.

يُسجل للدكتور عياد تخريجه المئات من الإعلاميين في مُختلف المجالات، أعطاهم فيها من قلبه بما تعلمه واكتسبه من تجارب في حياته، فأضحوا إعلاميين مُميزين، وكُثر منهم في مراكز مرموقة.

لم يبخل على الصحافة التي اختارها، وهو يُدرك أنها مهنة البحث عن المتاعب، إيماناً منه بأنها وسيلة هامة لإبراز عدالة القضية الفلسطينية، التي آمن بها، وناضل لأجلها وعمل على إعلاء شأنها في المحافل كافة، بإبراز الرواية الفلسطينية الحقيقية بمُواجهة التشويه الإعلامي للاحتلال الإسرائيلي.

المرة الأولى التي التقيت فيها بالدكتور سعيد عياد، كان خلال عقد "المُؤتمر العام السادس لحركة فتح" بمدينة بيت لحم في الضفة الغربية، في الفترة ما بين 4-15 آب/أغسطس 2009، حيث كان يُقدم برنامجاً خاصاً على شاشة تلفزيون فلسطين (الذي تولى فيه مُدير عام الأخبار الأسبق ورئيس دائرة اللغة العربية والإعلام في "جامعة بيت لحم")، بتغطية وقائع المُؤتمر، واستضافني بلقاء حول أهمية ودلالات انعقاد هذا المُؤتمر على أرض الوطن.

يرحل الدكتور سعيد عياد تاركاً مسيرة حافلة بالعطاءات الإعلامية المُتنوعة، التي وثق فيها الكثير من التجارب والقصص في كتب عدة أصدرها لتكون وثائق ينهل منها أبناء شَعْبِنا، وأدلة على عدالة قضيتنا ومُعاناة وصمود الفلسطيني بمُواجهة اعتداءات ومُمارسات الاحتلال الإسرائيلي.

6 عقود من الزمن، هي عمر الراحل الدكتور سعيد عياد، يشهد فيها كل من عرفه بتواضعه، ودماثة خلقه، وتفانيه، وتعاونه مع الجميع بوجهه المُتورد، وطيبة قلبه كما شعر رأسه الأبيض.

يُشكل رحيل الدكتور سعيد عياد خسارةً كبيرة ليس فقط لأسرته وعائلته والإعلام الفلسطيني وأكاديمياً، لكن ترك صدقة جارية، وعلمٌ يُنتفع به وذريةً صالحة في طليعتها الزميلة الإعلامية ضحى عياد، لتُواصل المسيرة بإبداع وجدارة.

رحم الله الراحل وتغمده بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنانه، وألهم زوجته وبناته وأسرته أهله ومُحبيه الصبر والسلوان.

المصدر :جنوبيات