تعيش مدينة صيدا هذه الأيام ضجة كبرى حول مهرجاناتها السياحية، بين الإصرار على إقامتها والتحضير لها، وبين الاعتراض، في ثنائية لافتة، فمدينة صيدا التي تحب الحياة، تحاول أن تعود إلى أحضان الفرح مثل معظم البلدات والمدن اللبنانية صيفاً، بعد الجمود الاقتصادي الذي أثر على أسواقها إبان ظاهرة الشيخ الموقوف أحمد الأسير بأن تحافظ على عاداتها وتقاليدها تتمسك بالانفتاح والتلاقي.
فقد أطلقت «اللجنة الوطنية لمهرجانات صيدا الدولية» برنامج المهرجانات السياحية التي تنظمها بالتعاون مع بلدية صيدا، والمقررة أن تنطلق من 4 أيلول إلى 25 منه برعاية وحضور وزير السياحة ميشال فرعون.
ويستهل البرنامج في 4 أيلول بيوم سياحي في مدينة صيدا، وفي 16 منه يقام حفل موسيقي تحييه الفنانة نانسي عجرم على الواجهة البحرية للمدينة، وفي 17 منه يقام حفل موسيقي للفنان غي مانوكيان على الواجهة البحرية أيضاً، وختاماً في 25 أيلول نشاط رياضي «صيدا بالألوان» على الواجهة البحرية.
وأيد غالبية أبناء المدينة هذه المهرجانات، طالما أنهم يشاركون في مهرجانات أخرى تقام في مختلف المناطق اللبنانية ، فكيف يُحرم عليهم أن يشاركوا فيها في مدينتهم.
ولكن سرعان ما ساد الشارع الصيداوي الانقسام والاختلاف في المواقف، فاشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي غضباً واستنكاراً بين مؤيد للمهرجانات ومعترض عليها، وأطلقت مجموعة على نفسها اسم «صيدا لن ترقص» في محاولة لأخذ المدينة إلى التطرف والانطواء على نفسها، مثلما كان يفعل الأسير، فأطلقوا «هاشتاغ» على مواقع التواصل الاجتماعية بعنوان «صيدا لن ترقص» وصيدا إسلامية رفضاً للمهرجانات التي من المتوقع أن تستقطب الكثير من السياح وتحرك العجلة السياحية والاقتصادية في المدينة بدلاً من الركود الاقتصادي الذي تمر به.
«الجماعة الإسلامية»
{ ومع هذا الاعتراض «المحدود»، توجهت الأنظار إلى موقف «الجماعة الإسلامية» بعد الاعتقاد بأنها هي التي تقف خلف هذه الحملة، لكن الجماعة سارعت إلى إصدار بيان أعلنت فيه موقفها بوضوح بأنه «انطلاقاً من ثوابت ديننا الحنيف، وقناعاتنا الفكرية والوطنية، والتزاماً بقيمنا الأخلاقية، نعتبر أن هذه المهرجانات ليست الطريقة المثلى والوحيدة لتنشيط عجلة الاقتصاد، كما يدّعي المنظمون، بل هي هروب إلى الأمام، وإن تنشيط عجلة الاقتصاد إنما يكون بإطلاق المؤسسات من أسرها، وإيقاف هدر المال العام، والأخذ على أيدي المفسدين والمرتشين وممارسة الشفافية المطلقة في الإدارة، والاهتمام بقطاعات الماء والكهرباء، وغيرها من ضروريات الحياة للمواطنين».
وأضاف البيان: «ووقوفاً عند هذه القناعات والثوابت التي نؤمن بها، أبلغنا تحفظنا على هذه المهرجانات للجهات المعنية، وعبّرنا عن موقفنا هذا كشريحة صيداوية يُهمها مصلحة صيدا وأبنائها، ولنا الحق ضمن الإطار القانوني والديمقراطي وحرية الرأي أن نجاهر فيه».
وختم بيان الجماعة: «بما أننا لسنا السلطة التي تمنح أو تمنع إقامة أي مهرجان وإيماناً منا بالتنوع والتعددية الفكرية والثقافية في صيدا نعتبر أنه من حق الآخرين ممارسة قناعاتهم بما لا يؤثر على الطابع المحافظ لمدينة صيدا، التي نحرص عليها مع الآخرين، وإن اختلف الأسلوب».
السعودي: المهرجان جارٍ
{ في المقابل، قلل رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي من حجم الاعتراض، وقال: «إن المهرجان في المدينة جارٍ وصيدا ستفرح ولن ترقص، وكل أحد يبغي الشر للمدينة الله سوف يخذله».
وتساءل من قال لأبناء المدينة تعالوا وارقصوا؟! قائلاً: «انه مهرجان طبيعي وعادي مثل باقي المناطق اللبنانية، وصيدا معروفة منذ عشرات السنين أنها تحب الحياة وأهل للمهرجانات جميعها ولا أعرف لماذا هذه الضجة؟ فما المانع أن يكون هناك سهرة موسيقية محترمة في المدينة؟».
وأوضح السعودي «إن حملة الاعتراض ستخدم المهرجانات وستشكل دعاية لها دون أن يعرفوا ذلك، ونحن نعلم أن «الجماعة الإسلامية» لديهم تحفظ وكل إنسان حر في هذه المدينة وأنا احترم رأيهم ولكنهم لن يفعلوا ما يضر بالمهرجان».