الأربعاء 27 تشرين الأول 2021 13:55 م

الكوتا النسائية من حقي..


* مروة جهمي بيرم

المرأة ليست نصف المجتمع بل هي المجتمع بأكمله، هي الخاسر الأكبر من هذا النظام الطائفي البالي.
إن القانون اللبناني نص على المساواة والمشاركة، لكن الواقع مغاير تماماً، بالرغم من ترشح 86 إمراة في الانتخابات النيابية لعام 2016.
 لم تصل إلى الندوة سوى 6 سيدات، إن نسبة مشاركة  المرأة  في القرار السياسي 4.6% فقط، في بلد وضع دستوره منذ ما يقارب مئة عام ونال استقلاله منذ 80 عام، ويتغنى بالحضارة  الفينيقة والتحضر منذ ألاف السنين.
إن المرأة اللبنانية المتحضّرة والمتحرّرة، ظاهرياً هي مقيّدة ومسجونة بالكثير من العادات والتقاليد الموروثة والجاهلية، والتي منعتها من المشاركة والوصول إلى الندوة البرلمانية.
بسبب هذا النظام الطائفي التميّيزي، والذي يميّيز بين اللبنانيات واللبنانيون أن الطائفية والمذهبية، تفرق بين المواطنين والمواطنات حيث أنه، لا يحق للمرأة السنية ان تترشح للمجلس النيابي، ولا الشيعية أن تكون رئيسة حكومة، ولا يحق للمسلمة وصولها إلى رئاسة الجمهورية كما الرجل.
المسألة في لبنان معقدة وصعبة جداً.
وبحسب الاتحاد الأوروبي، تم انتخاب 15 امرأة منذ عام 1953 حتى اليوم، في حين أن النساء يشكلن أكثر من نصف المجتمع اللبناني، كما أن لبنان يحتل المرتبة 185 من بين 191 دولة فيما يتعلق بمرتبة تمثيل النساء.
وقد وصل معظم النواب من النساء إلى البرلمان نتيجة صلة قرابة او صداقة تجمعهن بمسؤول سياسي أو حزبي كبير أو برجل ذي نفوذ مالي، وليس بحسب برامجهن الانتخابية، إذ تمثلت المرأة اللبنانية ب 6 مقاعد نيابية فقط من أصل 128، تشغلهن كل من: بهية الحريري شقيقة رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، وستريدا جعجع زوجة رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، عناية عزالدين المدعومة شخصياً من الرئيس نبيه بري والتي لم تكن معروفة سابقاً في الشأن العام، كما رولا الطبش وديما جمالي مدعومتان من سعد  الحريري شخصياً. 
نلاحظ أن الموروث الطائفي والطبقي والعائلي، والعشائري والمناطقي لا زالو يتحكموا بالانتخابات النيابية. بل واتخذ منحى تصاعدي في السنوات الأخيرة.
إن الجهود الرسمية المبذولة  في مجال تحقيق المساواة بين المرأة والرجل هي متواضعة جداً، حيث لا يمكن القول أنّه تمّ وضع خطة وطنية لتحقيق الأهداف المرجوة إلى برامج تنفيذية تطبق على ارض الواقع، تتشارك فيها كلّ من الدولة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني.
وإذا كان تعزيز مكانة المرأة لا  يعارضه أحد على المستوى النظري بل تؤيده كافة فئات وشرائح المجتمع اللبناني، إلا أنّ الواقع العملي يُظهر أنّ المرأة، ورغم انخراطها أكثر فأكثر في مجالات التعليم والعمل والإنتاج - لا تزال تعاني انتقاص في دورها ومكانتها في المجتمع ولا زالت الذكورية النمط المسيطر. 
إن حقوق المرأة هو جوهر حقوق الإنسان، وهو الوسيلة الوحيدة و الأساسية  لتحقيق التنمية البشرية والعدالة الاجتماعية ووطن الإنسان.
تعتبر اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، الصادرة عن الأمم المُتحدة عام 1979، الإطار القانوني الجامع الذي يتيح تطبيق المساواة بين الجنسين على كافة الصعد والمستويات، وهي أتت لتتوج الكثير من الإعلانات والاتفاقات المتخصصة.
ومن مكامن القوة في اتفاقية "سيداو" أنها تحدد بشكل واضح مبدأ حقوق الإنسان القاضي بعدم التمييز وتلّزم الدول بتطبيقه، بل وإدانة كل أنواع التمييز التي تتعرض لها المرأة.
لقد أبرم لبنان هذه الوثيقة بموجب القانون رقم 572 الصادر بتاريخ 24/7/1996، أي بعد 17 عاماً على دخولها حيز التنفيذ، فقط ضد المرأة بل ضد الإنسان ككل.
وكان لبنان قد انضم إلى اتفاقيات أخرى ذات صلة مباشرة بالموضوع، أهمها:
- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 45 المتعلقة باستخدام النساء في العمل تحت سطح الأرض، لسنة 1935.
- اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق المرأة السياسية، لسنة 1955.
- الاتفاقية المتعلقة بعدم التمييز في مجال التعليم الصادرة عن الأونيسكو، لسنة 1964.
- اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن سياسة العمالة، لسنة 1964.
علماً بأن لبنان لم يبرم حتى تاريخه عدداً من الاتفاقيات الدولية، والسبب يعود إلى تحفظه إزاء المسائل المتعلقة بالجنسية وبالأحوال الشخصية.
بالعودة إلى الدستور اللبناني، الذي لا يتضمن أي نص تمييزي بحق المرأة، بل يكرس مساواة جميع المواطنين أمام القانون دون تمييز. 
إن ما نص عليه الدستور اللبناني غير كافٍ لضمان الحقوق الإنسانية للمرأة. فكان من المستحسن أن يضم الدستور عبارة صريحة وواضحة تكفل مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة على غرار العديد من الدساتير في العالم.
من الناحية التشريعية، اتّخذ لبنان خطوات عدّة، منها: إصدار بعض القوانين والمراسيم والقرارات، التي تتضمّن تعزيز مكانة المرأة في ما يتعلّق بـ: الحقوق السياسية (سنة 1953)، المساواة في الإرث (سنة 1959)، الحق في خيار الجنسية (سنة 1960)، حرية التنقل (سنة 1974)، إلغاء الأحكام المعاقبة لمنع الحمل (سنة 1982)، توحيد سن نهاية الخدمة للرجال والنساء في قانون الضمان الاجتماعي (سنة 1987)، الاعتراف بأهلية المرأة للشهادة في السجل العقاري (سنة 1993)، الاعتراف بأهلية المرأة المتزوجة لممارسة التجارة دون إذن زوجها (سنة 1994)، رغم الجهود المبذولة رسمياً في مجال تحقيق المساواة بين المرأة والرجل عدّة، لا يمكن القول أنّه تمّ وضع خطة وطنية لتحويل الأهداف المتوخّاة، إلى برامج تنفيذية.

إن الصعوبات كثيرة والتحديات كبيرة

إن استمرار التمييز ضدّ المرأة لا يزال في منظومة القيم الثقافية والدينية والتربوية والسلوك الاجتماعي، الاقتصادي، والإداري والسياسي واستمرار الارتهان لمجموعة من الأعراف والتقاليد الجاهلية وتهميش المرأة في سلطة اتّخاذ القرار و لاسيّما القرار السياسي، لذا ندعو المجلس النيابي إلى إقرار الكوتا لأنها تعزّز حتمية انخراط النساء بنسبة معيّنة ووصولها إلى المشاركة في صنع القرارات المصيرية للبلاد.
تُعتبر الكوتا بمثابة آلية لتحقيق قفزة نوعية من خلال تمييز إيجابيّ لسدّ فجوة اللامساواة الجندرية التي تتمثّل بخلل في الأدوار الاجتماعية، ان المجتمع الدوليّ والجهات المانحة ينتظران إصلاحات اجتماعية بنيويّة - بقدر ما تشغلها الإصلاحات الاقتصادية - تقوم على مبدأ مكافحة الفساد و الديموقراطية الفعليّة والتكافؤ بين الجنسين، وهو ما ضُرِب به عرض الحائط مع إفراغ قانون الانتخاب من الكوتا النسائية، التي وإن حصرت تمثيل المرأة بعدد مقاعد محدّد، من شأنها أن تُساهم في تكوين صورة سياسية- اجتماعية حسنة عن لبنان المنهك والذي يتجه للانهيار.
إن النظام اللبنانيّ يحتاج إلى صدمة ايجابية تعزز مشاركة المرأة وتمثيلها في هياكل الحَوكمة الرشيدة المحلّية والوطنية سواء على مستوى المجالس البلدية أو النيابية، إنها خطوة ضرورية في مرحلة انتقالية.
أنّ "نصف المجتمع مهمّش ولا يُشارك في صناعة القرارات".
أنّ المرأة ضحية الصراعات والنزاعات وهي الخاسر الأكبر تخسر فلذات أكبادها على الطرقات، ولا طريقة لها  لإيصال صوتها الا عبر ادوات سياسية طالما خذلتها . تحتاج المرأة للوصول لتنزع حقها بنفسها.
إن التمثيل الناقص في الحياة السياسية، هو وصمة عار على جبين المجلس النيابي الحالي، 
لذا يجب الإسراع في إقرار الكوتا النسائية على غرار قانون 2016.
- المراجع: جلسات مجلس النواب.
- منظمة الامم المتحدة - اتفاقية سيداو.
* الناشطة الحقوقية.

المصدر :جنوبيات