الأربعاء 17 تشرين الثاني 2021 09:01 ص

عام على رحيل عريقات... ماذا كشف عن خفايا قمة «كامب ديفيد2» واغتيال «أبو عمار»؟


أحيا ‏الفلسطينيون أمس الأول (الاثنين)، الذكرى الـ33 لإعلان الرئيس ياسر عرفات استقلال دولة فلسطين، خلال جلسة المجلس الوطني الفلسطيني الـ19، التي عُقدت في الجزائر في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1988.
يأمل ‏الفلسطينيون أن يتم تكريس قيام دولة فلسطين المُستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وفق ما اعترفت به 138 دولة، خلال انعقاد الدورة الـ76 للجمعية العامة للأُمم المُتحدة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، بعد خطاب الرئيس محمود عباس، واعتماد ‏مقعد لدولة فلسطين - بصفة مُراقب، ‏بعدما كان الرئيس "أبو عمار" قد انتزع مقعداً لـ"مُنظمة التحرير الفلسطينية"، في دورة الجمعية العامة للأُمم المُتحدة، التي عُقدت في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1974.
بين رحيل الرئيس ياسر عرفات في 11 تشرين الثاني/نوفمير 2004 (عن 75 عاماً) ورحيل أمين سر ‏اللجنة التنفيذية لـ"مُنظمة التحرير الفلسطينية" وكبير المُفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 (عن 65 عاماً)، ‏علاقة وثيقة للرحيل تأكيداً للترابط الكبير الذي جمعهما في حياتهما وفي رحيلهما، وكأنها حكمةٌ إلهية.
الدكتور ‏صائب عريقات كبير المُفاوضين الفلسطينيين على مدى أكثر من 3 عقود ونيف، كان حاضراً ‏في المُفاوضات السرية والعلنية، ويحفظ تفاصيلها بدقة، ومُقرباً جداً من الرئيس "أبو عمار" ومن الرئيس "أبو مازن".
لعل من الأسرار المُتعددة، ما باحه لي الدكتور عريقات، خلال لقاءٍ ‏في عاصمة مملكة البحرين، المنامة، في مثل هذه الأيام من العام 2016، خلال الاحتفال بذكرى استقلال دولة فلسطين.
كان يُعاني ‏حينها من آلامٍ أصابته، بتلف في الرئة، وبوضع صحي حرج جداً، ويتوقع أن تكون النهاية قد اقتربت، لأنه ‏كان ينتظر تأمين مُتبرع لرئتيه، اللتين تُلفتا وتفحمتا، من دون معرفة الأسباب، وتأخر تأمين ذلك!

تحدث بإسهاب، ‏ليكشف عن أسرار عدة، بينها ما يتعلق بمُفاوضات "كامب ديفيد2" في العام 2000، ‏وصلابة الرئيس "أبو عمار" بشأن رفض التنازل أو المساس بالمسجد الأقصى والقدس، أو التفريط بذلك، ما شكّل نقطة تحول، باتخاذ قرار التخلص وتغييب الرئيس "أبو عمار" عن الساحة، وكان ذلك باغتياله!
يقول "أبو علي" عن ذلك: "عُقدت بين 11-25 تموز/يوليو 2000، اجتماعات "كامب ديفيد2"، حاول خلاله الرئيس الأميركي بيل كلينتون تحقيق اتفاق على قضايا الحل النهائي بين الرئيس "أبو عمار" ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي - آنذاك - إيهود باراك.
ركز كلينتون على وجود "كنيس" تحت المسجد الأقصى، وهو ما أصرّ على رفضه ونفيه "أبو عمار"، على الرغم من إغراءات الرئيس الأميركي.
في الجلسة التي عُقدت يوم 23 تموز/يوليو 2000، طلب مني الرئيس "أبو عمار"، القيام بترجمة حديث كلينتون من الإنكليزية إلى العربية، على الرغم من أنه يُتقنها جيداً، لكنه كان يُريد من ذلك كسب الوقت، لأن حدسه كان يُنبأه بما يُريده الرئيس الأميركي!
توجه كلينتون بالحديث، مُخاطباً "أبو عمار" بالقول: "أيُها الرئيس (أبو عمار) أنت ستأخذ شعبك إلى الاستقلال بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، والقدس الشرقية عاصمة، وأنا رأيتُك وأنت تُصلي".
رد عليه "أبو عمار" مُباشرة، قائلاً له: "إحنا منصلي، الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء".
عاد كلينتون ليأخذ الحديث، قائلاً: "أنا بعرفك قائد شُجاع، وأطلب منك وبشجاعتك وإيمانك ودينك أن تقف أمام العالم، وتقول له أن هيكل سليمان موجود تحت الحرم".
عند هذه الجُملة لم يعد "أبو عمار" بحاجة إليّ للترجمة، بل التفت إلى كلينتون قائلاً له مُتسائلاً: "حضرة الرئيس، هل أنت مُؤمن أن هيكل سليمان تحت الحرم الشريف!".
رد كلينتون قائلاً: "أنا أؤمن بأنه تحت الحرم".
عاد "أبو عمار" ليُجيب: "صدق أو لا تُصدق، لهم أكثر من 30 سنة وهم يحفروا ولم يجدوا حجراً".
تابع: "أيُها الرئيس، أنت تعيش في منطقة شعوبها وحدودها موضع تغيير وتبديل خلال السنوات المُقبلة".
عندها أجابه كلينتون: "أنت تعيش في منطقة تغيرت، وهذه أوهام من الماضي، وهناك هيكل سليمان موجود".
عندها انتفض "أبو عمار" قائلاً: "بتهددني، بعزمك على جنازتي، أنا اسمي ياسر عرافتيان...، وسيأتي خلال سنوات من يرفع علم فلسطين على أسوار القدس ومساجد وكنائس القدس".
يُتابع عريقات: "عندما انتهى هذا المشهد التاريخي العظيم، غادرنا القاعة، وبدأتُ أُدون المحضر، و"أبو عمار" جالس، فنزلت دمعتي، لأنني أدركتُ أن الذي سيأتي علينا، سيكون كبيراً جداً".
يختم عريقات بالحديث عن أحد الأسرار الكثيرة، ليُؤكد بأنهم اتخذوا قراراً باغتيال "أبو عمار"، وهو ما كان.
لكنه رحل مُتمسكاً بالثوابت الفلسطينية، ومُؤمن بإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ورفع العلم الفلسطيني فيها وعودة اللاجئين.

المصدر :اللواء