* كفراشة تشتهي موتها المحتوم مخدرة ببريق النور الساطع، يدور اللبنانيون في فلك الانتخابات وشعارات المرشحين لها.
وبين متأمل في التغيير وآخر كواه تزلّف السياسيين ونفاقهم المتكرر تستوقفنا الأحداث المتسارعة للخروج من السجال الدغمائي *
بريبة واستهجان تلقى الشعب اللبناني المتخم بالهموم خبر تقديم موعد الانتخابات النيابية ليصار إلى انعقادها في السابع والعشرين من آذار، موعد خاض جدلا عقيما في الصلاحيات واستحوذ على الأخذ والرد بين رئيس الجمهورية والمجلس النيابي تزامنا مع اعتراض تكتل لبنان القوي عليه والطعن به. وجاءت الضربة الحاسمة من فخامة الرئيس حين أعلن صراحة عدم موافقته مترجما ذلك بعدم التوقيع على المرسوم الذي يدعو الهيئات الناخبة للاقتراع في 27 آذار المقبل.
مما لا شك أن هذا التاريخ الفضفاض يحمل في طياته شكوكا مشروعة حول أهمية هذه الخطوة والأثر التغييري الذي قد تنتجه ما دامت الحجة المعلنة في اعتماده إحلال المساواة وتأمين تكافؤ الفرص بين المرشحين في حملاتهم الانتخابية.
وهذا ما يفتح الباب عريضا حول كفاءة النواب السابقين وفعالية تمثيلهم لمقترعيهم ربطا بالأزمات التي تحيط بهم.
فكأن السنوات المنصرمة لم تكن كافية لتظهر معدن النواب وانجازات كتلهم قياسا بسرعة إقرار القوانين الملحة التي تطال جوانب معيشة ناخبيهم. بحيث أننا إذا ما قررنا استنطاق جدران كل من مبنى البرلمان ومبنى الاونيسكو لفضحت كل البرلمانيين وأطاحت بزيف مشاريع الكتل الاستعراضية وصفراويتها المتهاوية تحت أبسط مطالب المواطنين.
عدا عن أن هذه المهلة الصغيرة لن تنصف المرشحين الجدد لا سيما المستقلين منهم.
وبالتالي، الانتخابات إن حصلت في آذار أو أُجلت إلى أيار لن تضخ دما جديدا.
فالمواطن المسيس، كالعين التي لا تعلو فوق الحاجب، سواء أكان مقيما أو مغتربا، سيلتزم بلائحة حزبه بغض النظر عن لعبة التحالفات المرسومة بريشة الأحداث المتلاحقة التي فرزت الأحزاب والكتل وصبغتهم بأجندات إقليمية ودولية للتأثير على النتائج... ما خلا بعض الاستثناءات.
أما مَن بقي على الهامش وتُرك لمصيره يعاني مرارة الحياة في لبنان دون دعم سياسي_اجتماعي، أدرك أن لا أمل للوطن الذي آمن به إلا بزوال الطبقة السياسية كاملة وتغييرها عن بكرة أبيها متوجسا من قانون الانتخاب الحالي. وعليه، قد يجازف بانتخاب مستقلين للتأثير على تكامل اللوائح او يتعالى على التصويت معلنا عدم رضاه عنها ومؤثرا في نسبة الاقتراع التي ستعكس حتما الجو العام القائم.
وهنا لا بد من طرح سؤال صريح حول مدى ملاءمة اقتراع المغتربين الذين بلغ عدد المسجلين منهم للانتخابات أكثر من 210 الاف شخص ورهن المقيمين بمزاجهم السياسي الذي لا يعكس بالضرورة حالهم، وجدوى اقتراعهم المرهون مسبقا لآرائهم ومواقفهم السياسية. إذ بات جليا أن اللبناني لم يرتقِ إلى مستوى المواطن الصالح، وغالبا ما ينزع عنه رداء التحضر والعقلانية حين تطأ قدماه أرض المطار او يجد نفسه أمام استحقاق وطني ويستبدله بالطائفية والفئوية.
وفي هذا الإطار لا بد من التطرق إلى ديمقراطية الدول التي سيتم فيها الاقتراع ونزاهة احتساب الاصوات. إضافة الى نظرتها للائحة التي تدعم المقاومة أو تضم حلفاء لها وإفساحها المجال أمام تفعيل الحملات الانتخابية فيها لكل مرشحي الكتل، وكيفية معاملة المقترعين على اساس تصويتهم السياسي كردة فعل مصاحبة لهذا الأداء.
واقعيا لا بد من إجراء الانتخابات ولكن فرضية تطييرها تبقى قائمة. وفي قراءة حيثيات انتخابات 2022 النيابية يمكن التوصل إلى مسلمة تتمحور حول ضبابية نتائجها وصعوبة التوقع بها، سيما في ظل رهان البعض على تأثير الصوت الاغترابي في النتائج. ذاك الصوت المنقسم بين ساع إلى التغيير ومجدد للتبعية.
وعليه فقد يحدث تغيير لا يتناسب مع بيادق السياسة إن لم تكن نسبة المقترعين المقيمين جيدة.
وكالعادة سيرتفع منسوب الشعبوية وشد العصب الطائفي وستكثر حركة المساعدات العينية والمالية مع تراجع نسبة وعود التوظيف ربطا بالوضع العام الحالي، وسترتفع معه نسبة الاشمئزاز من المصرين على الانتخابات والمراهنين عليها لدى فئة كواها الهم المعيشي في وقت ينهار فيه الوطن بفعل تحالفاتهم العشوائية ومصالحهم الانانية ومهاتراتهم الهوليوودية المصطنعة.