الأحد 5 كانون الأول 2021 18:57 م

سايد كعدو.. مبدع عروبي من لبنان


* جنوبيات


(كلمات للاستاذ معن بشور في سايد كعدو، عضو المنتدى والمؤتمر القومي العربي، المخرج السنمائي اللبناني الراحل لوثائقي "جمال عبد الناصر: ارفع رأسك يا اخي" الذي ستبثه قناة الميادين في التاسعة من مساء الأحد في 5/12/2021 والذي انتجه المنتدى القومي العربي في لبنان عام 2002)

كلمة الأستاذ معن بشور في حفل تكريم المخرج الراحل سايد كعدو بحفل خطابي في الاونيسكو بدعوة من وزارة الثقافة اللبنانية:
لم يكن سايد كعدو يوما سياسيا بالمعنى المتداول، بل المبتذل، للسياسة كما هو حالها. كان سايد رجل مبادىء، أيا كان الثمن، وكان همه أن يصل إلى الناس فاختار الكاميرا ليصور معاناتهم، ويركز على قضاياهم الكبرى، لا ليستغلها ويتاجر بها، ليحرضهم على التغيير لا ليركب موجته، ليحرك فيهم الكوامن لا ليخدر فيهم المشاعر، وليطلق داخلهم الطاقات بالاتجاه الصحيح لا ليدفعها بالاتجاه الخاطىء او المنحرف.

كان سايد مسكونا بالابداع والتجدد، رافضا للجمود والتكلس، متمردا على ما هو شائع وسائد من الافكار الضيقة والمختلفة، جادا وحادا في أن يقول قناعته مهما كان القول مكلفا، متحررا من الحلقات الضيقة والحسابات الصغيرة، منطلقا الى الارحب والاوسع من الآفاق، والاعمق والاغنى من الرؤى. لذلك، كان محصنا ضد الاستعراضية والانانية والبهرجة والمظهرية وحتى النجومية، رغم امتلاكه لكل مقومات هذه الآفات المؤذية في حياتنا، خصوصا بعد أن تحولت الى غايات لدى الكثيرين، وكذلك كان متفانيا في عطائه، بسيطا في علاقاته، مخلصا في صداقاته، أنوفا، أبيا، مترفعا عن كل صغير عابر.

لقد كان سايد كعدو من جيل فهم السياسة رسالة، والعمل العام مسؤولية فكرية واخلاقية، فسكنته القيم، واستبد به التوق الى التغيير، فملأ حياته ابداعا، وقدم لمجتمعه نموذجا مميزا في العطاء، فكان خطابه جامعا بين وضوح القصد ورهافة التواصل، وبين الرؤية العميقة والصورة المباشرة، بل كان بهذا المعنى رساليا، ولا اقول سياسيا في السينما، وسينمائيا في السياسة وطلب التغيير.
كم يحز في نفوسنا أن يغيب سايد فيما طلائع من شباب لبنان تحمل أفكاره المناهضة للطائفية والفساد والانقسام وتملأ الشوارع والساحات بمسيراتهم واعتصاماتهم.

سايد كعدو السينما بين جراح الأمّة
في مثل هذه الايام  قبل خمس سنوات ونيف ودع الإبداع اللبناني والعربي (المخرج السينمائي سايد كعدو)، أحد فرسانه الأصليين الذي جال بكاميراته السينمائية في كل جراح الأمّة ومواطن الاعتزاز والكرامة فيها. فشق للمهجرين "طريق العودة"، وعزف للعراقيين "تقاسيم من بغداد"، و"رفع رأسه" مع جمال عبد الناصر في أحد أهم أفلامه الوثائقية، ودعا للانفتاح ونبذ التعصب مع "الإمام الاوزاعي"، ورصد بعين الفنان إبداعات المقاومة في حرب تموز/يوليو 2006، بعد أن رصد جرائم العدو في مجزرة "قانا"1996، وأثر استكمال افلامه الوثاقية عن الحرب الأهلية اللبنانية "بيروت" و"زوار بالصدفة"عامي 1977، وعام 1978، دون أن ينسى "الشباب والمخيمات" الذين لن ينسوه أبداً بحضوره المتألق في مخيماتهم اللبنانية والعربية. سايد كعدو لن تغيب صورك عن محبيك الكثر في المنتدى والمؤتمر القومي العربي وفي بلدتك زغرتا الأبية وحيثما حللت بين أبناء وطنك وأمّتك.

المصدر :جنوبيات