الأربعاء 8 كانون الأول 2021 19:02 م

كورونا سيبقى حليف البشرية!


* جنوبيات

ربما بشكل أكبر من أي شيء آخر في التاريخ الحديث، يؤثر فيروس كوفيد -19 على حاضر العالم بشكل جوهري، إذ أدى إلى تغير السلوكيات الاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية لأكثر من سبعة مليارات نسمة.

ومثلما أثر على الحاضر، يبدو كوفيد -19 مؤثرا على المستقبل كذلك، إذ أن العلماء يتوقعون أن يبقى الفيروس موجودا بشكل "متوطن"، فيما ستستمر تأثيرات تداعياته الاقتصادية والاجتماعية لسنوات طويلة مقبلة.

مستقبل الفيروس

بالإضافة إلى 4 فيروسات تاجية أخرى، يمثل Covid – 19 الحلقة الخامسة من الفيروسات "المتوطنة" التي يبدو أن على البشر تعلم التعايش معها إلى الأبد، بحسب عدد من العلماء آخرهم عالم الأحياء التطوري، جيسي بلوم، الباحث في مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان في ولاية واشنطن الأميركية.

ونقل موقع Nature العلمي المتخصص نتائج دراسة لبلوم، حاول فيها أن يوفر "خارطة طريق" لمستقبل الفيروس والبشرية، بالاستناد إلى دراسة "زملائه" من الفيروسات التاجية الأخرى.

ودرس بلوم، بحسب موقع نيتشر، الطريقة التي تفاعل بها البشر والفيروسات طوال عقود، من خلال دراسة فيروس تاجي يسمى 229E ويسبب نزلات برد خفيفة نسبيا لدى المصابين به.

وتقول الدراسة إن هذا الفيروس يصيب الناس بشكل متكرر طوال حياتهم منذ عقود، لكن نسخ الفيروس تقاوم المناعة البشرية بتحوير نفسها "مما يشير إلى أن الفيروس يتطور للتهرب من المناعة".

ومؤخرا، وجدت دراسة جديدة أن متحور أوميكرون من فيروس كورونا المستجد قد يكون اختلط بمادة وراثية من فيرس آخر يسبب البرد الموسمي المعتاد، ما قد يفسر سرعة انتشاره مقارنة بالمتحورات الأخرى، ويفسر أيضا أنه لا يصيب البشر بأعراض خطيرة، وفق ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست".

وحلل باحثون من "نفرنس" وهي شركة مقرها كامبريدج، ماساتشوستس، بيانات التسلل الجيني لسلالة أوميكرون، حيث عثروا على أجزاء من الشفرة الوراثية في المتغير الجديد لفيروس آخر يسبب الزكام.

وتوصل بلوم إلى هذه النتيجة بعد دراسة المضادات المناعية الموجودة في دماء المصابين في الفيروس منذ 1980 وحتى اليوم.

ويقول إن "الناس لديهم مناعة ضد الفيروسات من الماضي القريب، ولكن ليس ضد تلك الموجودة في المستقبل"، ويضيف "الآن بعد أن كان لدينا ما يقرب من عامين لنرى كيف يتطور فيروس كوفيد أعتقد أن هناك أوجه تشابه واضحة مع 229E".

وتحمل متغيرات مثل أوميكرون ودلتا طفرات تحد من قوة الأجسام المضادة التي تحارب "نسخ" الفيروس، مما يعني أن الفيروس يسابق المناعة التي يحصل عليها البشر سواء من خلال العدوى أو التطعيم، بتحوير نفسه "لتفادي الحصانة البشرية".

ويقول الموقع إن كيفية تطور فيروس كوفيد خلال الأشهر والسنوات القليلة المقبلة ستحدد شكل النهاية لقصة هذا الفيروس، سواء تحول الفيروس إلى مسبب لنزلات البرد الخفيفة، أو إلى التسبب بأعراض أكثر خطورة.

وينقل عن الدراسة "أعطت جرع التطعيم العالمية التي قدمت ما يقرب من 8 مليارات جرعة دفعة لتغيير المشهد التطوري، وليس من الواضح كيف سيواجه الفيروس هذا التحدي"، مضيفة "وفي الوقت نفسه، ومع رفع بعض البلدان القيود المفروضة على مكافحة الانتشار الفيروسي، تزداد الفرص أمام الفيروس لتحقيق قفزات تطورية كبيرة".

ويبحث العلماء الذين يتتبعون تطور كوفيد عن فئتين واسعتين من التغييرات فى الفيروس، واحد منها يجعلها معدية أكثر، والآخر يمكنه من التغلب على الاستجابة المناعية للمضيف.

انتشرت المتغيرات الثلاثة في جميع أنحاء العالم، ولا سيما ألفا، والتي أشعلت موجات جديدة من COVID-19 عندما أصبحت تهيمن في أوروبا وأمريكا الشمالية والشرق الأوسط وخارجها .

ويقول، تريفور بيدفورد، عالم الأحياء التطوري، إن الفيروس يجب أن يوازن بين قدرته على التكاثر بمستويات عالية في الشعب الهوائية للإنسان، والحفاظ على صحة المصاب بقدر يكفي لإصابة مضيفين جدد.

ويضيف "الفيروس لا يريد أن يضع شخصا ما في السرير ويجعله مريضا لدرجة منعه من أن يقابل أناسا آخرين".

ويقول بيدفورد "إحدى طرق الفيروس للوصول إلى هذه النتيجة هو النمو لمستويات أقل داخل الشعب الهوائية، لكن بزيادة مدة الإصابة".

 

وإذا تطور الفيروس بهذه الطريقة، فقد يصبح أقل حدة، لكن، بحسب بيدفورد "لا توجد ضمانات أكيدة".

 

المصدر :لبنان 24