الأحد 9 كانون الثاني 2022 12:52 م

الطلاب الفلسطينيون بين الأحلام والواقع!


* ماغي الحاصباني

معروف أن التعليم حق من حقوق الجميع ولكن في بعض الحالات قد يكون هذا الحق غائباً أو ناقصاً وتحديداً مع الطلاب الفلسطينيين اللاجئين في لبنان.

مخيم ضبيه هو أحد المخيمات التي يعيش فيها الفلسطينيون اللاجئون, وفي جولة على الطلاب الفلسطينيون والتحديات التي تواجههم, استخرجنا قصصاً بعضها يظهر خيبات تخيّم على بعض الأولاد الذين فقدوا حقهم بالتعليم, وبعضها الاخر يظهر قوة قد كُوّنت من الضعف وشغفاً يغلب على كل الصعوبات ويقف ليصرخ بأعلى صوت: نعم لتحقيق الأحلام , نعم لمواجهة الظروف ونعم وألف نعم للتحدي والنجاح!

بدأت القصة مع الطلاب في المرحلة المدرسية سواء أكانت ابتدائية أو متوسطة أو حتى ثانوية, يؤكد الطلاب أنهم أبناء العلم وأن لهم أحلام ستحقق لو مهما كلف الأمر ولكن ثمة صعوبات تواجههم خصوصا مع مرحلة التسجيل.

يتفق أغلبهم على أن قرار وزارة التربية والتعليم العالي بتسجيل الطلاب اللبنانيين أولاً ثم الطلاب "الأجانب" يؤخر البدء بعامهم الدراسي مع زملائهم في الصف  وأن هذا القرار يكون غير عادلاً في معظم الأحيان لأنه يصعّب عملية البدء بنفس المستوى مع زملائهم مما يجبرهم على بذل ضعف المجهود للّحاق بكل ما قد شُرح ودُرس قبل اصدار قرار يسمح للتلامذة الأجانب عموما والفلسطينيين ضمنا بالتسجيل والمداومة.

وبالنسبة للتعليم عن بعد, يؤكد التلامذة أن حالهم كحال الطلاب أجمع من حيث التقنين الكهربائي الذي يمنعهم أحيانا من الحضور ومتابعة دروسهم خلال الحصص الأونلاين.

هذا بالإضافة الى صعوبة تأمين الأجهزة المطلوبة أحيانا ووجود جهاز ذكي واحد داخل الأسرة الواحدة ذات الأكثر من طفل واحد, فأحيانا يضطر الأهل للاستعانة بأحد الجيران واستخدام أجهزتهم لكي يعطوا المجال لكل أبنائهم بالدراسة, وفي بعض الأحيان الأخرى وفي حالة استحالة تأمين جهاز اخر يقسّم الجهاز الواحد على أكثر من تلميذ. فيتابع كل تلميذ منهم حصة معينة ويعطي الدور لغيره للتمكن من متابعة الدروس.

أما عن التعليم الحضوري, فيعتبر الأهالي أنه أصعب وذلك بسبب زيادة تسعيرة بدل النقل بحيث راتب ربّ الأسرة لا يكفي لدفع بدل النقل لكل الأطفال إضافة الى الحاجات المعيشية اللازمة من مأكل ومشرب وملبس.

ومن جهتهم, يواجه طلاب الجامعة مصاعباً وعراقيلاً أكبر وأكثر وذلك بدءًا من اختيار الجامعة والاختصاص وصولا الى مرحلة التدريب وإيجاد فرص عمل تناسب اختصاصهم.

فتؤكد احدى الطالبات أنها لم تجد صعوبة باختيار الجامعة لأنها اختارت الجامعة اللبنانية منذ البداية كونها الأوفر رغم أن رسم التسجيل للطلاب الأجانب يزيد عن رسم التسجيل للطلاب اللبنانيين الا أنه أصبح هذه السنة وبفضل القرار الجديد يوازي رسم التسجيل للبنانيين. 
وتضيف:" لم تكن مشكلتي يوما باختيار الجامعة بل باختيار الاختصاص, فأنا أحب القانون ودراسته ولكن لسخرية القدر, هذا القانون نفسه يمنعني من ممارسة المهنة التي أحبها داخل الأراضي اللبنانية التي تعتبر بيتي الثاني". 

"فعندما انتهيت من مرحلة الثانوية العامة بفرع الاقتصاد والاجتماع, كنت أمام القرار الأصعب حيث كان علي الاختيار بين شغفي بدراسة الحقوق والواقع الذي يؤكد أنني لن أستطيع ممارسة مهنتي وأن كل تعبي سيذهب سدىً ولن يكون الا ثقافة وشهادة تعلق على الحائط".

كما وأنني قررت بعد تفكير عميق أن ألحق أحلامي وشغفي, قررت أن أدخل اختصاص الحقوق لعله يوما ما يتحقق حلمي وأصبح محامية كما أتمنى! وبالفعل دخلت الجامعة باندفاع وإصرار رغم الغصة التي دائما ما تذكرني أنني لن أستطيع ممارسة المهنة في البلد الذي أحب وأعيش، حيث ترعرعت.

قصة هذه الفتاة تكاد لا تختلف عن الكثير من اللاجئين الفلسطينيين الذين دائما ما يخضعون لعراقيل قد تمنعهم من الدخول في اختصاصات يحبونها. ولكن معظمهم قرر التمرد والتمسك بأحلامهم رغم صعوبتها واستحالتها في بعض الأحيان. فجيل الشباب هذا المفعم بالأمل والتمرد وحب الحياة يؤكد القول: "ما أصعب الحياة لولا فسحة الأمل!"
 

المصدر :جنوبيات