الاثنين 10 كانون الثاني 2022 20:14 م

هل هو مجرد وفاء؟!


* جنوبيات

هل هو مجرد وفاء أن أكتب عن أصدقاء أو رفاق أو أخوة رحلوا، أم أن الأمر أكثر من ذلك، رغم أن الوفاء بحدّ ذاته قيمة أخلاقية وإنسانية عالية لا تقوم الأمم بدونها، ولا تتحصن المجتمعات الاّ من خلالها .

بالتأكيد ان الكتابة عن  أحبّة راحلين افتقدناهم بالنسبة لي هي فعل وفاء، ولكنه أيضاً فعل تعريف أجيال جديدة بأجيال سبقتها وأعطت لامتها الكثير، سواء باستشهادها أو بتمضية العمر نضالاً في سبيل شعبها وأمتها.

 والكتابة عن قامات رحلت، من رجال ونساء هذه الأمة، هو فعل تعريف بمراحل نضالية غنية عاشتها أمتنا لكن جرى اغتيالها بالتجاهل او بالنسيان، كما يجري اغتيال القادة والمناضلين بالرصاص، لأن من يعمد الى تجاهل هذه القامات يريد أولاً ان يتجاهل عطاءاتهم التي ملأوا حياة أقطارهم بها، سواء كانت نضالية أو فكرية أو ثقافية أو اجتماعية، كما يريد ان يوحي ان تاريخ أمتنا هو صحراء جدباء لا ينبت فيها إلاّ الشوك.

 بل ان الكتابة عن قامات رحلت من رجال الأمة ونسائها، هو كتابة عن محطات تاريخية مهمّة تشكّل هذه القامات منارات فيها، بل مشاعل تدعونا للتعمق في تلك المحطات ، وتطوير ما فيها من إيجابيات ، وتجنّب ما فيها من سلبيات.

 الكتابة عن هذه القامات المنيرة والمستنيرة، هي كتابة عن حلقات متصلة في تاريخنا المعاصر، كما في جغرافية وطننا الكبير، فنكتشف من خلال هذه القامات وحدة تاريخنا النضالي والثقافي والفكري كأمة  ممتدة من المحيط الى الخليج، كما نكتشف وحدة جغرافية الوطن الكبير حين نرى في قصص هذه القامات – الرواد شبهاً كبيراً مما يؤكد اننا رغم التجرئة ومحاولات التفتيت أبناء وطن واحد.

 فليعذرنا بعض الذين يصيبهم الضجر حين يقرأون عن هذه القامات، فالتعب أوله ضجر، وأخره يأس وقنوط، فيما كل قامة من هذه القامات، رجلاً كان أم امرأة، هي رافد من روافد الأمل والعزيمة والتصميم الذي تحتاجه أمتنا.

المصدر :جنوبيات