الجمعة 4 شباط 2022 10:26 ص |
بالنظام - الانتظار |
* جنوبيات حين يفقد الإنسان الأمل لا يسقط مباشرة في اليأس، بل يدخل حالة وسطيةً تسمى الانتظار. كثير من اللبنانيين اليوم لم يدخل اليأس إلى قلوبهم بعد وهم إذاً يمارسون الانتظار. وقد طال الزمن حتى أصبح الجميع مدمناّ على الانتظار. الكل يترقب وينتظر لعل شيئاً جميلاً، أو قبيحاً، يحصل، لا فرق. المهم أن تتحرك المياه الراكدة وتنكسر رتابة الانهيار الهادئ ويسرّع إيقاع الموت الذي نعيشه بطيئاً، أو يتوقف. لا يخلو الانتظار من بعض التعلق بحبال الأمل (أو الهواء) وإن كان كل ما سبق أن ارتقبه اللبنانيون سراباً. كذا هي زيارات المسؤولين الخارجيين إلى لبنان، وأخبار النشاطات التي لها علاقة بلبنان في الخارج. بالطبع خرجت الأحداث السياسية الداخلية وأخبار الداخل من جدول انتظار اللبنانيين ولم يعد أحد يبالي بأي موقف أو تصريح أو بعمل الحكومة وموازنتها أو الاعتراضات الاستعراضية عليها، أو بالتشريع في مجلس النواب، أو بأخبار الملاحقات القضائية والفقاعات الإعلامية التي تستخدم من هذه الجهة السياسية أو تلك كمحاولات يائسة لترميم بعض الشعبية المفقودة. في السياسة، الجميع ينتظر شيئاً ما ويبقي خططه السياسية أو الخاصة معلقة، أو مواقفه الحقيقية مستترة ويمارس التصعيد والشتم أو التقيّة بانتظار تغيير الأمور من الخارج لصالحه. حتى الانتخابات لم تنطلق حملاتها بعد. الجميع ينتظر اجتماعات فيينا والحوارات في الإقليم وما ستؤول إليه من نتائج على المنطقة ولبنان. في هذا الوقت ثمة من يغرق في اليأس ويموت من يموت وتتراكم المصائب التي لم تعد تؤلم لأن الألم له أيضاً حدٌّ أقصى نفقد بعده الإحساس. في الانتظار حدثت أمور لم نألفها، فرضتها المآسي التي نعيشها، وذهب مسؤولون لطلب المساعدة من الدول لتأمين مقومات استمرار أفراد المرافق الأساسية في الدولة. وبالأمس رفع وزير العدل هنري خوري الصوت في العراق في مؤتمر وزراء العدل العرب طالباً مساعدة القضاة في لبنان. ذكرني ذلك بالعراق إبان الحظر الدولي عليه مطلع التسعينات والمآسي الإنسانية التي تسبب بها. وللتذكير أن تدخل مجلس الأمن الدولي في شأن عراقي داخلي تمّ من باب المآسي الانسانية التي حصلت واعتبر في قراره رقم 688 أن "القمع الذي يتعرض له السكان المدنيون العراقيون في أجزاء كثيرة من العراق... وأدى إلى تدفق اللاجئين عبر الحدود الدولية..." أنه "يهدد السلم والأمن الدوليين في المنطقة". وعلى إثر ذلك فرضت الدول الكبرى المعنية الحظر الجوي على مناطق معينة من العراق أي أنها عملياً أخرجت تلك المناطق من نفوذ النظام. نعم "الشرعية الدولية" تملك مشاعر إنسانية، تتحرك أحياناً ولكنها لا تلبث ان تنحرف إلى حيث الغايات الاستراتيجية للدول الكبرى. هل يكون هذا مآل الانتظار الذي نعيشه. المصدر :النهار |