الخميس 17 شباط 2022 09:33 ص |
الوزير بيرم أقرّ بحقهم ومجلس الشورى مارس عنصرية .. الفلسطينيون في لبنان: حقيقة اقتصادية غير قابلة للتأويل |
* رحيل دندش، وفاء أيوب:
سواء قرّر وزير العمل الانتصار لحقّ الفلسطينيين اللاجئين في لبنان بالعمل في مهن كانت محصورة باللبنانيين، أم قرّر مجلس شورى الدولة الانتصار لعنصرية الرابطة المارونية بوقف تنفيذ قرار الوزير ومنعهم من هذا الحقّ، فإن هؤلاء يمثّلون جزءاً لا يتجزأ من قوّة العمل المحليّة. بمعنى أوضح، قرار وزير العمل لا يمنحهم وظيفة أو دخلاً، بل يمنحهم إقراراً بواقع فعلي لا يمكن شطبه بإقرار كهذا، إنما يسبغ عليه الشرعية فقط. وجود الفلسطينيين في لبنان حقيقية اقتصادية واجتماعية
سواء اعترف بهم هذا النظام أم أنكر وجودهم، لا أحد يمكنه تغيير حقيقة أن اللاجئين الفلسطينيين يعملون في لبنان، وينفقون مداخيلهم لشراء الغذاء والملابس. وحيث يعيشون (في المخيمات)، يحصلون على السلع من تجار في السوق كما في أي منطقة فقيرة أخرى في لبنان. وهم يتشاركون مع سائر المناطق المعاناة من سوء الخدمات، وإن في ظل ظروف أكثر قساوة وتمييزاً. وأساساً، للنظام في لبنان خصائص تمييزية بين الشرائح والمناطق والأديان... هذه هي الخلاصة التي تتجاهلها العنصرية اللبنانية دائماً عند النظر في أي مسألة تتعلق بالفلسطينيين. وهي الخلاصة الوحيدة التي يمكن الخروج منها بعد قرار مجلس شورى الدولة وقف تنفيذ قرار وزير العمل بناء على طعن مقدّم من الرابطة المارونية. فما حصل في هذا السياق، ليس سوى شكليّات لوقائع لا يمكن تغييرها.
قرار عنصري وطائفي
رغم واقعية القرار، إلا أنه أثار مشاعر تمييز ضدّ الفلسطينيين المقيمين في لبنان. وفيما عبّر رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل عن رفضه للقرار الذي يمرّر «التوطين المقنّع»، تحرّكت الرابطة المارونية في الاتجاه نفسه معتبرة قرار الوزير «محاولة مشبوهة لضرب الكيان وتغيير وجه لبنان الحضاري والتاريخي، والعبث بالتوازنات الوطنية وفرض واقع ديموغرافي جديد». وتقدّمت الرابطة بمراجعة أمام مجلس شورى الدولة لوقف تنفيذ القرار، مستغلّة ثغرة بيروقراطية، أو هفوة ارتكبتها وزارة العمل لأنها أصدرت القرار قبل استشارة مجلس شورى الدولة. وإثر بيان الرابطة ورغبتها الجارفة في إبطال القرار، أجرت وزارة العمل تصحيحاً للعيب الشكلّي، وأرسلت مشروع قرار جديد إلى المجلس بتاريخ 29/12/2021. وأشارت إلى أنها لم تكن تقصد تجاهل استشارة المجلس، بل اتبعت سلوك الوزراء السابقين وفيهم قانونيون (أمثال بطرس حرب وسليم جريصاتي) لم يستشيروا المجلس عند إصدار قرار تحديد المهن الواجب حصرها باللبنانيين، «والسبب بعدم الاستشارة أن هذا القرار هو مؤقّت يطبق سنة فسنة» يقول إسماعيل. وزراء العمل السابقون، وبينهم قانونيون، لم يستشيروا «شورى الدولة» لتحديد المهن المحصورة باللبنانيين هذا الجدل القانوني، يعدّ شكلياً في علم الاقتصاد. فالحقيقة القانونية قد تفترض أنه يحقّ أو لا يحقّ للعامل الفلسطيني مزاولة مهن مخصّصة للبنانيين، لكن الحقيقة الاقتصادية تفترض التعامل مع الوقائع كما هي بكل نتائجها ومخاطرها. فالفلسطينيون موجودون في لبنان منذ عقود، وهم بالمعنى الفعلي يزاحمون اليد العاملة اللبنانية لأنهم اندمجوا معها وصاروا جزءاً منها، يقدّمون قوّة عملهم في مقابل أجر مسعّر وفق معايير السوق المحليّة. إذاً لا يمكن إنكار حقيقة أنهم يعملون، لا بل مضطرون أن يعملوا لمواصلة الحياة. هذا العمل قد يكون نظامياً أو مخفياً. هنا فقط يجب النظر إلى النتائج. بالتالي فإن قرار وزارة العمل هو لتأكيد المؤكّد فقط والتعامل مع نتائجه الحاصلة حتماً. أما الطعن في القرار فهو، من وجهة اقتصادية، ليس أكثر من وهم.
الفلسطيني ثانياً
80 ألف فلسطيني المصدر :الأخبار |