لفتني منشور اطّلعت عليه لدى تصفّحي "للفيس بوك" عائد للرئيسة رلى جدايل (المديرة العامّة السابقة لوزارة العدل) تقول فيه: "نسمع كثيرًا عبر وسائل الإعلام جهابذة من المذيعين يقولون، وأحيانًا بثقة وتحدٍّ: "من سابع المستحيلات"، فهل هم يعرفون حقًّا المستحيلات الستّة التي يستهجنون إضافة سابع إليها؟!
أنا أشكّ في ذلك.
لأنّ الصحيح هو أنّ المستحيلات عند العرب ثلاثة وهي: الغول والعنقاء والخلّ الوفيّ.
فهناك شاعر عربيّ قديم قال:
لمّا رأيت بني الزمان وما بهم
خلّ وفيّ للشدائد أصطفي
أيقنت أنّ المستحيل ثلاثة
الغول والعنقاء والخلّ الوفيّ.
لذلك، (والكلام لصاحبة المنشور الراقي) فإنّ من يرى استهجان إضافة مستحيل جديد وجب عليه أن يقول: "من رابع المستحيلات"."
إنّ هذا الكلام له علاقة بأدبيّات العرب، إذ نقول من رابع المستحيلات في إشارة إلى المستحيلات الثلاثة التي ذكرها العرب في أدبيّاتهم.
فما هي المستحيلات الثلاثة عند العرب؟
لقد اعتاد العرب أن يقولوا عند تأكيد عدم حدوث الشيء واستحالة وقوعه، إنّ هذا الأمر من رابع المستحيلات. وهذا يعني أنّ هناك مستحيلات ثلاثة تسبق هذا الرابع الذي يتمسّك به الناس وكأنّه "يمين مغلَّظة".
تحدّث التراث العربيّ القديم عن قصص وحكايات وأساطير كان يعلم العرب أنّ بعضًا منها من صنع الخيال، وأن لا وجود لها في الحقيقة. ولهذا قالوا عنها إنّها المستحيلات الثلاثة، والتي جمعها أحد الشعراء في بيتين من الشعر كما أسلفنا، أي الغول والعنقاء والخلّ الوفيّ.
وفي محاكاتنا للواقع المأساويّ الذي نعيشه اليوم في بلد الحرمان والطغيان وانهيار مقدّرات الدولة بمرتكزاتها على كلّ الصعد والمستويات الحياتيّة والبنيويّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والتربويّة والصحّيّة والنفسيّة الى ما هنالك من أمور تعزّز أوجه الإذلال للمواطن المسكين مع زمرة من الظالمين، فإنّنا نكاد نجزم أنّه من رابع المستحيلات أن يقوم هؤلاء الزمرة المتمترسون خلف سياسة الفساد والاستبداد بوضع حلول لمشاكل أورثونا إيّاها بسبب أفعال ما أنزل الله بها من سلطان.
"فمن جرّب المجرّب كان عقله مخرّب".
رحم الله الفنّان الكبير "شوشو" عندما قال: آخ يا بلدنا... وهل بعد الآخ من مستحيلات؟!