ثمّة بخل لا يدخل في خانة المال أبدًا. فهناك بخيل الأخلاق الذي لا يظهر منه إلّا كلّ شيء سيّء. فانعدام الأخلاق كارثة إن تفشّت في مجتمع دمّرته.
فأمير الشعراء أحمد شوقي يقول:
وإنّما الأمم الأخلاق ما بقيت.../ فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
وهناك بخيل الابتسامة الذي لا يرسم على وجهه سوى التجهّم، علمًا أنّ تبسّمك في وجه أخيك صدقة. وقد صدق الشاعر إيليّا أبو ماضي حين قال:
قال السماء كئيبة وتجهّما.../ قلت ابتسم يكفي التجهّم في السما.
وهناك بخيل الصدق والأمانة والوفاء بالعهود. وقد ورد في الحديث النبويّ الشريف: آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب. وإذا وعد أخلف. وإذا اؤتمن خان.
وأبشعهم البخيل الذي لا يتمنّى الخير لأحد، وعلى رأسهم البخيل السياسيّ الذي تجتمع فيه كلّ أنواع البخل التي أوردناها.
فالبسطاء أجملنا ابتسامة، وأصدقنا مشاعر، وأقلّنا تكلّفًا لأنّهم يشعرون بالسعادة بأقلّ الأشياء لديهم، فسلام على البسطاء.
ومن القلب "شكرًا" لكلّ الذين يتركون فينا أشياء جميلة، تجعلنا نبتسم حين تكون الحياة كئيبة.
ومن العقل "تعسًا" للساسة في لبنان، عنوان المآسي والأحزان، الذين سياستهم خساسة، وقراراتهم دسّاسة، والذين يبيعون شعبهم في سوق النخاسة، ويبخلون بأبسط قواعد الأخلاق والآداب والتصرّف الحسن.
وفي محصّلة الأمر يقول أحد الشعراء :
"يسوسون الأمور بغير عقل
فينفّذ أمرهم ويقال ساسة
فأفّ من الحياة وأفّ منّي
ومن زمن سياسته خساسة ".