اذا اردنا إضفاء صفة لدائرة جزين - صيدا لا نجد سوى وصفها بإحدى عجائب التقسيمات الجغرافية للدوائر الإنتخابية الـ 15، محاولين ايجاد جامع مشترك على اساسه تم رسم هذه الدائرة، لم نجد ما يجمع بينهما سوى طريق بطول 30 كلم.
خلافاً لما نجده في الدوائر الإنتخابية الأخرى، وعلى الرغم من تقسيمها على قياس الكتل النيابية، على الاقل، هناك تشابه ديموغرافي وايديولوجي بين الدوائر الصغرى. ما ليس موجوداً في دائرة جزين - صيدا، فلو كانت الاحزاب السياسية في لبنان هي احزاب وطنية وليست أحزاباً طائفية لما كنا استغربنا من هذا التقسيم الجغرافي.
خلال انتخابات 2018 كان يسود أجواء تفاهمية بين معظم القوى السياسية مما سهل التحالفات مثل تحالف حركة أمل في جزين واسامة سعد في صيدا والذي ساهم تحالفهم بالحصول على مقعدين نيابيين: مقعد ابراهيم عازار في جزين ومقعد اسامة سعد في صيدا. مع العلم ان لائحة "لكل الناس" حصلت في جزين على 11828 صوتاً وحصلت في صيدا على 10255 صوتاً لم تستطع اللائحة في اي من القضاءين من الوصول الى الحاصل الإنتخابي الأول الذي بلغ 13148 صوتاً، انما بفضل هذا التعاون حصلت اللائحة على مقعدين.
اما اليوم وبعد ان حمل اسامة سعد راية المجتمع المدني والمعارضة في يد، ويحمل راية الحزب الناصري في يد أخرى، لم يعد يستطيع التحالف في جزين مع حركة امل او مع التيار الوطني الحر، ولا حتى مع القوات اللبنانية المناهض للحركة الناصرية، وهو الذي يصف رئيس القوات بالصهيوني.
لذلك سيكون اتكاله فقط على مؤيدين جدد ممن استقطبهم خطابه السياسي ومواقفه الداعمة للحراك.
اما بالنسبة لحركة أمل الداعمة لإبراهيم عازار في جزين فلديها خيارات اوسع للتحالفات مما لديه حالياً اسامة سعد، فالرقم الذي حصلت عليه اللائحة في جزين قريب من الحاصل الانتخابي، من هنا جاء خيار امكانية التحالف مع التيار الوطني الحر او التحالف مع الجماعة الاسلامية في صيدا بعد اعلان الجماعة عدم ترشحها على لائحة التيار.
استطاع التيار الوطني الحر تأمين حاصل انتخابي واحد وبمفرده في جزين، وساعد تحالفه مع الجماعة الاسلامية التي اعطت اللائحة 3200 صوت وتحالفه مع الدكتور عبد الرحمن نزيه البزري 3500 صوت على فوز التيار بمقعد ثانٍ في جزين بفعل الكسر الأعلى. أما اليوم وبعد اعلان الجماعة الاسلامية رفضها التحالف مع التيار وبأنهم أصبحوا بعيدين سياسياً محاولين التقرب من المجتمع المدني والحراك، اضافة الى تردد الدكتور البزري في صيدا، سيكون على التيار البحث عن حلفاء آخرين للمحافظة على المقعد الثاني.
لم يكن هناك من لوائح للقوى التغييرية، اما لائحة القوات اللبنانية فحصلت على 4930 صوتاً، وهي بعيدة عن الحاصل، فهل تنجح القوى التغييرية بالتحالف الذي تعمل عليه في محاولة انتزاع مقعد نيابي من السلطة السياسية الحاكمة؟
اما الفراغ الذي أحدثه غياب تيار المستقبل الناشط في المدينة، والذي حصلت لائحته على 15308 أصوات من دون التحالف مع أحد، فسيكون له مرشحين مؤيدين لهذا الخط محاولين الاحتفاظ بالمقعد النيابي.
من هنا ستجد جميع اللوائح المتنافسة وبدون استثناء صعوبة في التحالفات مع قوى سياسية لها اوزانها خارج القضاء الأم لبيئتهم السياسية والشعبية، محاولين تأمين لبعضهم البعض الحواصل الانتخابية، الصعب تأمينها لمعظمها. مما سيضطر البعض مجبراً على التحالف مع شخصيات مختلفة لا تمثيل شعبياً لها، فقط لتطبيق شروط المادة 52 من القانون الانتخابي الذي يلزم بلوائح في كل دائرة من الدوائر الصغرى ضمن الدائرة الإنتخابية الكبرى.
في قراءة لأرقام انتخابات 2018:
اقترع في جزين 31273 من أصل 61294 ناخب، بنسبة 51.82%.
كما اقترع في صيدا 35582 من أصل 63377 ناخب، بنسبة 56.14%.
بلغ الحاصل الانتخابي الأول 13148 صوتاً، والحاصل الإنتخابي الثاني 11900 بعد حذف مجموع لائحة "قوة التغيير" والتي حصلت على 6238 صوتاً.
تنافست أربع لوائح على 5 مقاعد مقسمة كالتالي: 2 ماروني و 1 كاثوليكي في قضاء جزين، و 2 سنّي في قضاء صيدا.
فازت لائحة "لكل الناس" بمقعدين سني وماروني، كما فازت لائحة "التكامل والكرامة" بمقعد سنّي، ولائحة "صيدا وجزين معاً" على بمقعدين ماروني وكاثوليكي.