الخميس 24 شباط 2022 19:41 م

معروف سعد: مقاوم في فلسطين وشهيد في لبنان



بقلم طلال أرقدان

من قبل ان يكون هناك مقاومة كان معروف سعد، لا بل انه يمكن تأريخ اولى ارهاصات الفعل الشعبي المقاوم في لبنان مع معروف سعد وثلة من رفاقه، كانت مقاومتهم نتاج وعي ثوري متقدم عنوانه منع قوات الاستعمار الفرنسي ، الذي احتل لبنان بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى اواخر العقد الثاني من القرن الماضي ، منع هذه القوات من احكام سيطرتها الكاملة على الارض عن طريق اشغالها بعمليات اولية اخذت صيغة الاعتراض على وجودها في لبنان لتعود وتنتظم في اطار عصبوي منظم اخذت في كثير من الاحيان الطابع المسلح بمهاجمة قوافل الجيش الفرنسي ومن ثم القوات الانكليزية التي كانت قد سيطرت على فلسطين واعدة العصابات الصهيونية باعطائها الارض الفلسطينية وفقا لوعد بلفور للحركة الصهيونية العالمية التي اسسها تيودور هرتزل عام 1917.

مع انفضاح مخاطر المشروع الصهيوني في فلسطين وبداية تدفق موجات الهجرة اليهودية الى فلسطين من سائر انحاء المعمورة بتسهيل من الاحتلال الانكليزي، اخذت مقاومة معروف سعد واخوانه الطابع العسكري المنظم حيث انخرطوا في ثورة 1936 الى جانب الحاج امين الحسيني وفوزي القاوقجي والامير عبد القادر الجزائري وقد دامت تلك الثورة نحو ستة اشهر امضاها معروف سعد في ربوع فلسطين يخوض حرب الانصار بضرب قوافل الجيش البريطاني والاشتباك المسلح مع عصابات الشتيرن والهاغانا الصهيونيتين، وقد توج نضاله المقاوم في الانخراط بمعركة المالكية الشهيرةحيث اوقع واخواه بالعصابات الصهيونية الكثير من القتلى والجرحى رغم عدم تكافؤ القد ات والامكانيات.

في العام 1958 اسس معروف سعد المقاومة الشعبية في صيدا حيث قام بتدريب الشباب الصيداوي والجنوبي على القتال يوم كان الاسطول السادس الاميركي يحاصر الشاطىء اللبناني انتصارا لحلف بغداد في مواجهة المد القومي العربي في المنطقة لا سيما في لبنان ، حيث كان الزعيم الخالد جمال عبد الناصر قد اطلق ثورة يوليو المجيدة عام 1952 ساعيا الى توحيد الامة العربية وكنس اذناب الاستعمار عن ساحاتها.

معروف سعد قاوم في فلسطين واستشهد في لبنان، وكأني به يرسم بدمه وحدة التراب العربي ووحدة المصير المشترك بين لبنان وفلسطين، لقد احب معروف سعد فلسطين منذ ريعان شبابه وظل حاملا لقضيتها وجرحها في وجدانه وقناعاته، قاتل فيها وكاد ان يستشهد فوق ارضها لكن قدره كان الشهادة في لبنان، بين فقراء المدينة وصياديها، يوم كان يتقدم الصفوف مدافعا عن حق الصيادين في بحرهم بعيدا عن مشاريع الاحتكار التي كانت ستصادر رزق اولئك الفقراء الذين لا يعرفون غير البحر عملا، مثلهم ككل ابناء المدن المشاطئة، في اربع جهات الارض.

معروف سعد الثائر الفلسطيني العربي، الوطني، المناضل المطلبي، المربي، المقاوم، وتطول قائمة الصفات النبيلة والشجاعة التي تقلدها والتي ما فتىء يناضل في سبيلها حتى آخر نقطة دم في شرايينه، خسرته صيدا والوطن وفلسطين والامة لكنه ربح جولة التحدي في تعليم كل المناضلين كيف يكون النضال والعطاء والتضحية والشهادة، ارتقى شهيد لقمة عيش الفقراء ورغيفهم المغمس بالعرق والكبرياء ، انتصر معروف لحظة استشهاده كون الرصاصات التي اخترقت جسده ولدت وعيا شعبيا عارما راكم من العملية الثورية لدى اجيال حملت لواء فلسطين والمقاومة والثورة.

في ذكرى استشهادك نفتقدك معروف سعد بطلا وقائدا شجاعا ومعلما، لكن عزاءنا ان الاخ مصطفى الذي التحق بك قبل عقدين من الزمن قد حمل الامانة باقتدار، وها هو الاخ اسامة يخوض اليوم معمودية النضال الشعبي والمطلبي ضد طغمة فاسدة اغرقت البلد بالفساد والمديونية، واننا معه سندك حصون الطواغيت والفاسدين تجار الاوطان، لنبني وطنا على شاكلة طموحاتك، وطن العدالة والمواطنة المتساوية وطن الديمقراطية والتقدم وطن المقاومة والشموخ والانتصار.

المصدر :جنوبيات