الأربعاء 9 آذار 2022 15:34 م

لرجالات عاشوراء نصيب من عيد المعلم


* جنوبيات

عيد المعلم هذا العام استثنائي جداً للبشرية عموماً وللمسلمين خصوصاً حيث يتزامن مولد أحفاد الرسول محمد صلى الله عليه وآله وصحبه المنتجبين وأبناء الإمام علي عليه السلام مع عيد المعلم.
فما شأن عيد المعلم برجالات ملحمة عاشوراء ؟
بعيدًا عن المغالاة، ومن دون أدنى مبالغة، لا يخفى على كل  متابع فطن، وقارئ فضولي، ومُستمِع واعٍ لملحمة عاشوراء أهميّة تلك الملحمة كمدرسة فيها العديد من الدروس الحياتية والمجتمعية والسياسية والعسكرية والقيادية وعلى رأس تلك الدروس مكارم الأخلاق من الوفاء بالعهود وتحمّل مسؤولية الرعية عندما لبّى الامام الحسين دعوة أهل الكوفة وخرج من المدينة (سافر وما للسفر من مشقة) باتجاه الكوفة، وكان ذلك تلبيةً  لآلاف الكتب (الرسالات) التي وصلته من مبايعة أهل الكوفة، أي بالمعنى العصري تم انتخابه واختياره ليكون رئيساً وقائدًا لهم، ولكن للأسف أرّخ التاريخ خذلان أهل الكوفة الذين خالفوا وخذلوا الامام الحسين وبعضهم انقلب عليه وحاربوه بعد أن وصلت قافلته أرضهم.

فكان الدرس الأول من قضية عاشوراء هو الإلتزام بتحمل مسؤولية الرعية ( من النطاق الأوسع الشعب والمجتمع إلى النطاق الخاص كالعائلة والمسؤولية الفردية)، عملاً بتعاليم الله تعالى لنا في دستور حياتنا القرآن الكريم واحدى الشواهد الآية الكريمة "وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُواْ ٱلْأَيْمَٰنَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ" (سورة النحل، الآية 91).

وبالعودة إلى النصوص والروايات التي وصلتنا من المؤرخين حول واقعة كربلاء، تبرز بوضوح علاقة الأخوّة التي تربط بين الإمام الحسين عليه السلام وأخاه أبا الفضل العبّاس وما تبع ذلك من إيثار عندما رفض العباس شرب المياه الممنوعة عن الحسين وأهل بيته عليهم السلام قبل أن تصل المياه لهم فكانت عاقبته الشهادة عطشانًا على حب الحسين وقضيته المحقّة في سبيل الله، ولا بدّ في معرض هذا المقال التوضيح أن قضية الامام الحسين كانت مطلب كل إنسان منذ أن كانت الخليقة وهي محاربة الفساد والظلم وإرساء العدل وتلبية نداء الرعية بالقيادة وتنظيم شؤونهم والدفاع عن الحق ولو بالدم، ولهذا السبب أطلق شعار انتصار الدم على السيف.

فكان الدرس الثاني، الإيثار والإنتماء إلى القضية وأصحاب القضية لو على حساب المصالح الشخصية والفردية، فلا حياد في قضايا الحق.

ولأن أي قضية محقّة تحتاج لاستقطاب واسع بالحكمة والصدق والشفافية ومكارم الأخلاق،  بغية حفظها ومخاطبة عقول وقلوب عامة النّاس لتحفيز وعيهم بالقدر الكافي للإحاطة بجوانب القضية وتثبيت الانتصار، فكان سعي الإمام علي ابن الحسين عليهما السلام الدؤوب في هذا المضمار مما أثمر عشاق ومنتسبين للإمام الحسين عليه السلام ومدرسته (مدرسة عاشوراء) جيل بعد جيل وإلى يومنا هذا.
فكان الدرس الثالث، كيف يمكن مخاطبة وعي الناس وتحويل أي تهديد وأي بلاء إلى فرصة لإبراز القضية المحقة ومحاربة الطاغية والفساد والظلم بالصبر وكثير من الحكمة والحنكة والحركة الممنهجة.

المصدر :جنوبيات