الاثنين 14 آذار 2022 10:58 ص

انتخابات 2022 تستعير فصول "حريم السلطان"


* جنوبيات

 

لا شك أن القانون الانتخابي النافذ أفرغ النسبية من محتواها، فالصوت التفضيلي الذي ابتدع لحسابات قوى سياسية دون غيرها خلط الأوراق ليس بين الحلفاء أنفسهم إنما داخل مرشحي الحزب الواحد الذين بداوأ بعد تجربة العام 2018 الكشف عن أنيابهم لكي لا يكونوا في ترشيحات العام 2022 كبش محرقة أو ممولين للوائح. كل مرشح اليوم يبحث عن النجاة لنفسه ويخشى أسماء ضمن اللائحة الواحدة قد تسحب منه أصواتا لحسابات شخصية أو عائلية، إلا أن حسابات المرشح تختلف عن حسابات رؤساء الأحزاب سياسيا وتمويليا وحزبيا

ليس بالجديد أن يتصارع المرشحون في دوائرهم للحصول على العدد الأكبر من الأصوات في سياق السباق على المركز الاول في مناطقهم ، بيد أن الواقع الراهن بدّل في الحسابات مع دخول الحاصل الانتخابي كتحدي أساسي بالنسبة للوائح المتنافسة، وصولاً إلى الصوت التفضيلي الذي نقل المنافسة إلى داخل اللائحة الواحدة والبيت الواحد.

مشهد الانتخابات مع قانون العام 2017 دفع أحد السياسيين إلى تشبيه الصراع الحاصل بين المرشحين ضمن البيت الواحد، بحقبة السلطنة العثمانية، فإبان تلك المرحلة، تناسى الأخوة صلة الدم وقاموا بتصفية بعضهم طمعاً في الوصول إلى السلطة او الاحتفاظ بها، وهذا ما عكسه المسلسل التلفزيوني التركي الشهير "حريم السلطان" الذي تابعه اللبنانيون مدبلجا بشغف، والمرشحون للانتخابا ايضا.

 هذا الحال ينطبق سياسياً على أبناء الحزب الواحد، وخصوصا ضمن الأحزاب المسيحية على وجه التحديد التي ستشهد مناطقها أم المعارك، في حين أن المشهد مختلف في الدوائر المختلطة اذا جاز التعبير.

لقد تنبه رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي"  وليد جنبلاط على سبيل المثال لما يحاك ضده وتحديدا في الشوف. فتخلى عن ترشيح كاثوليكي وذهب إلى تعزيز المقعدين الدرزيين بأصوات كانت تجيّر  في السابق للنائب نعمة طعمة، لقطع الطريق على الوزير السابق وئام وهاب. 

على خط "الثنائي الشيعي"، يبدو الارتياح سيد الموقف عند "حزب الله" وحركة "امل"، طالما أن الاحتمالات معدومة لخرق مرشيحهما في الجنوب والبقاع الغربي والاوسط والشمالي وبعبدا وبيروت وجبيل.

ولأن الحاصل الإنتخابي في بعض الدوائر، يجعل من المستحيل على  ما يسمى بـ"قوى التغيير" أن تؤمن حاصلا يؤهلها الدخول في المنافسة، ثمة من يعتقد أن دائرة الجنوب الثالثة قد تفوز بالتزكية لا سيما وأن "تيار المستقبل" لن يشارك في الانتخابات المقبلة وبالتالي لن يرشح أحداً وأن "الحزب التقدمي الاشتراكي" يدعم الوزير السابق مروان خير الدين ولن يسمي مرشحا درزيا آخر، بالتوازي مع تخبط مجموعات الثورة التي لن تشكل أي لائحة اذا لم تجد قاعدة ترفعها، علما أن هذا الأمر لا ينطبق على دائرة صور الزهراني التي قد تشهد تشكيل أكثر من لائحة، حيث ظهرت في الساعات الماضية نواة لائحة تتألف من بشرى خليل وحسن خليل ورياض الأسعد وحسن مغنية من دون أن يعني ذلك احتمال حدوث خرق في لائحة ثنائي "حزب الله" - حركة "امل".

في مقابل التحالف الاستراتيجي بين حركة "أمل" و"حزب الله"، تنشطر القوى المسيحية إلى أحزاب عدة أبرزها "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات" و"الكتائب" و"المردة" والتي لم تنجح في تنظيم خلافاتها مع دخولها في محاور متضاربة.

لجأت هذه الأحزاب اليوم إلى اعتماد منهجية جديدة في ترشيحاتها لانتخابات أيار 2022 تضمن حصولها على ما تبتغيه من مقاعد نيابية بدل تضعضع أصوات قاعدتها الشعبية ومناصريها، خاصة وأن لكل صوت قيمته في القانون النافذ.

على الجبهة العونية تشوب العملية الانتخابية في بعض الدوائر بعض المشاكل بين المرشحين. وبما أن كتلة "التيار الوطني الحر" تعاني من تراجع على النحو الذي لا تضمن أكثر من حاصل في معظم الدوائر أو حاصلين كما في المتن الشمالي مع كسور ،الأمر الذي يؤدي إلى محدودية في استخدام الصوت التفضيلي مما يعني أن هناك نائبا أول سيكون مضموناً من حيث أصواته التفضيلية في حين أن الثاني في الدوائر التي يترشح فيها مرشحان (جبيل وعكار) أو الثالث في الدوائر التي يترشح فيها ثلاث مرشحون(المتن الشمالي وجزين) سيستند بالنتيجة إلى كسور الحاصل الانتخابي، ومن المعروف أن حسم النتيجة بالاستناد إلى كسر الحاصل الانتخابي تعتبر مغامرة محفوفة بكثير من المخاطر وهو ما يولد تنافساً حاداً وحساسيات شخصية بين مرشحي التيار البرتقالي انفسهم في كل دائرة

يبقى الأكيد أن شد العصب لدى القواعد سوف يتصاعد في الأيام المقبلة، وسوف تستخدم فيه كل الأسلحة الفتاكة، فرئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل أعلن أمس خوض الانتخابات بمواجهة "حزب الحرباية"، لافتا إلى أن هناك حزبا كبيراً في لبنان هو حزب الفساد متل الحرباية فالمتلوّنون تنعّموا بالمكتسبات في زمن الوصاية، وعندما انتهى بدّلوا جلدهم وركبوا موجة الحرية.

إن المعركة بين الأحزاب والقوى السياسية، تبدو للرأي العام

معركة بين فريق يريد بناء الدولة وفريق يريد إسقاط مفهوم الدولة والارتهان للخارج، علما أن اللبنانيين سيستفيقون في 16 أيار المقبل على مشهد لن يطفو عليه أي تغيير جذري في التركيبة البرلمانية خاصة وأن الأحزاب السياسية المشاركة تداركت أخطاء الماضي وقرأت الوقائع الجديدة بعد 17 تشرين 2019 واستدعت عصبية الطائفة  التي تحمي وجودها السياسي لكي لا تطرأ على حساباتها أي مفاجآت لا تكون في الحسبان.

المصدر :لبنان 24