كان أمس، يوماً حزيناً على الرملة البيضاء. إذ بدأ العمل على مشروع Eden Rock Resort في الجزء الجنوبي من ذاك الشاطئ المحبوب، الذي سيطمر عمّا قريب ليتحوّل كما شواطئ كثيرة إلى مشروع سياحي تجاري، يروق لشريحة ضيقة من أصحاب الجيوب الممتلئة.
إذاً بدأت عملية نقل الرمول من الرملة البيضاء إلى مكانٍ ما، وذلك قبل البدء بأعمال الحفر والبناء للمشروع، وكانت لافتة للانتباه محاولات منع المصورين الصحافيين من التصوير، وهذا الأمر وحده دلالةٌ على أنّ في الأمر حلقةً غير واضحة، أو بمعنى آخر «غير بريئة».
غير أن المحيطين بمحافظ بيروت زياد شبيب أوضحوا لـ «السفير» أنّ «ما يحصل قانونيّ تماماً، وكان سبق أن أوقفت رخصة صاحب المشروع وسام عاشور لثلاثة أشهر للتأكد عبر الصور الجوية من أنّ العقار هو أرضٌ وليس شاطئاً. والمكان كان صخرياً، وبالتالي حين أزيل جزء من الصخور، ثمّ توقف العمل في المشروع، حطّت الرمال رحالها على الشاطئ، فكان على القيمين على المشروع أن ينقلوا الرمل حتى يستطيعوا البدء بأعمال الحفر».
إذاً، لمن لا يعرف، هذا البحر ليس بحراً وهذا الشاطئ ليس شاطئاً.. هذه أرض!
الصورة القاتمة لبيروت التي لم تعد تعرف طريقاً إلى هويتها، عكستها مواقع التواصل الاجتماعي عبر موجة اعتراض على ما يجري في وضح النهار، فكان أن امتلأت تلك الصفحات بصور الشاحنات تنقل الرمول، مرفقةً بعبارات الشجب.
وكان قد تمّ وضع الحجر الأساس للمشروع في العام 2014، وهو من تنفيذ شركة «عاشور هولدينغ»، وقيل يومها إن هذا المنتجع هو من أهم وأضخم المشاريع السياحيّة، بمساحة 22300 متر تقريباً.
في الوقت نفسه، علمت «السفير» أن «المقاول الأول في الجمهورية» جهاد العرب الفائز بصفقة مطمر الكوستا برافا، تمكن من تحصيل رخصةً لسحب الرمول من بحر المنطقة نفسها، من دون معرفة شروط الترخيص وما إذا كانت الدولة قد استفادت من المشروع.
وبغض النظر عن كل ذلك، ها إنّ بيروت تصبح مدينةً بلا بحر تدريجياً، يوماً بعد يوم، مشروعاً تلو مشروع، وتتحول إلى بقعة إسمنتية من الأبنية والمنتجعات الضخمة والفنادق ذات النجوم الخمس، فيما بات من باب المعجزات أن يتمتع اللبناني ببحر بيروت من دون أن يدفع مالاً ويحجز مكاناً. البحر الذي زرعته السماء مجاناً من أجل أن يحبّه الناس، باعته الدولة اللبنانية، وتركت الفقراء يدفعون الثمن.