بعيدا عن الشعارات الاستهلاكية، تثبت الجولة الأخيرة من المواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال أن إسرائيل تخشى الحرب ، ولم تعد تسعى اليها وانما تهرب منها . وفي اللحظات الساخنة تبحث بشكل هستيري عن اية وساطات لتنزل عن الشجرة وتمنع هروب ملايين الإسرائيليين الى الملاجئ . وكل ما يقال على لسان الإسرائيليين من اليمين الى اليسار الى الوسط عن جهوزية إسرائيل للحرب واستعداها لخوضها محض كذب .
إسرائيل لا تريد حروبا ولا حتى معارك تظهر فيها تل ابيب وهي تدك بالصواريخ ويظهر جنرالاتها وهم يهربون الى الانفاق والى الملاجئ . لا تريد ذلك لا مع حزب الله ولا مع حماس في غزة ، ولا مع الجهاد الإسلامي . وهذه معادلة باتت معروفة عند جميع المراقبين والمحللين .
اما وقد استباحت الضفة الغربية تجتاحها متى تشاء ، وتقتل شبابها متى تشاء ، وتهدم منازلها وتعتدي على الأقصى . فقد خلقت المواجهة الأخيرة معادلة جديدة وهي العمليات داخل المدن الإسرائيلية .
العرب لا يريدون الحرب . بل ان دول التطبيع وعواصم الخيانة انتقلت الى مرحلة المحاربة مع إسرائيل ضد الفلسطينيين وعلنا وبشكل فاجر . وان اقوال وأفعال بعض العواصم وافعالها تأتي بناء على برنامج الموساد الإسرائيلي لقتل الفلسطينيين وقهر روحهم المعنوية .
منظمة التحرير وفتح لا تريدان الحرب حفاظا على انجاز "السلطة" في الضفة الغربية . وحماس لا تريد حربا حفاظا على انجاز سلطتها في غزة . ولكن من يحارب على الأرض ، ومن يقاتل بالسلاح هم شباب غاضب مقهور ومجموعات نخبوية من كتائب شهداء الأقصى ومن سرايا القدس شمال الضفة الغربية .
لا حرب ، ولا معركة . ولكن باب العمليات يبقى مفتوحا على مصراعيه طالما أن الاحتلال يهمل الضفة الغربية سياسيا واقتصاديا ويفلت المستوطنين للتنكيل بأهلها ويهدم بيوتها ويقهر سكانها ويقتل اطفالها ويستخف بها .
الجولة الأخيرة لها سبب واحد فقط وهو المنظمات الإرهابية اليهودية والمستوطنين أمثال بن غفير وسموتريتش الذين يعملون طوال أيام العام على استفزاز الفلسطينيين في القدس والضفة .
جنين قرعت الجرس ، ورسمت عنوانا واضحا للمرحلة القادمة . واعطت مثالا على القيادات البديلة على الأرض في حال انهارت السلطة .
لن يستطيع أي طرف ان يخطف حصته من هذا الصراع وينجو بفروة رأسه . وعليه أن يواصل الجلوس على طاولة القدس حتى النهاية . فإما سلام يعم جميع المناطق أو ان النيران سوف تصل مرة أخرى الى عباءة الجميع .