الاثنين 3 تشرين الأول 2016 10:11 ص |
"مهند حلبي" مفجرها.. عام على "انتفاضة القدس" |
"استشهد مهند وهو نفسه يروح على يافا ... نفسه يروح على البحر" قالت والده الشهيد مهند حلبي وهي تتحدث عنه، ويافا هي مدينته الأصل التي هُجرت عائلته منها في العام 1948، وبقيت حسرة في حلقه كلما نطقها :"كان يضل يحكي عن يافا، يحكي عنها كأنه بيعرفها ويحكيلي أحنا راجعين عليها شو ما صار" تابعت الوالدة. ليست يافا "حسرة" مهند الوحيدة فقد كان للقدس في داخله الكثير، فما يجري في الأقصى كان يوجعه دائماً، وما كان يتابعه على التلفاز باستمرار من الاعتداء على المرابطات و المصلين يؤثر فيه، حتى أصبحت كل ما يجري في القدس حديثه اليومي. تقول الوالدة أنه كان يردد دائماَ حينما يرى المرابطات أثناء الاعتداء عليهن " تخيل لو أنها أمك أو أختك"، وكان الغضب بادياَ على وجهه دائماَ وهو يتابع ما يجري. نقطة تحول نقطة التحول في شخصية مهند كان باستشهاد ضياء التلاحمة، زميله في الجامعة ورفيقه في الرابطة الإسلامية الذراع الطلابي لـ "حركة الجهاد الإسلامي" في جامعة القدس أبو ديس حيث يدرس، كما تقول الوالدة، وأمام كل زملائه بالجامعة هنأ والد ضياء بشهادته قبل أيام من استشهاده وهمس في أذنه بكلمات "سنثأر له إن شاء الله". ما تذكره والده مهند كان واضحاَ في كتابات مهند قبل استشهاده على صفحته الشخصية على الفيس بوك، حينما كتب:"حسب ما أرى فأن الانتفاضة الثالثة قد انطلقت، ما يجري للأقصى هو ما يجري لمقدساتنا ومسرى نبينا وما يجري لنساء الأقصى هو ما يجري لأمهاتنا وأخواتنا، فلا أظن أنا شعب يرضى بالذل". انتفاضة ثالثة وباستشهاد مهند كانت الانتفاضة الثالثة التي توقعها، ولكنه بالتأكيد لم يكن يعرف أنه هو من سيقودها وأن ما قام به سيكون الفتيل الذي سيحرق به من يعتدي على نساء فلسطين ومرابطات الأقصى. وعما إذا كانت تتوقع أن يقوم بمهند بهذا العمل الجرئ، تقول الوالدة: "مهند جرئ جداَ رغم أنه هادئ أيضاَ، تماما كما رأيناه في الفيديو وهو ينفذ العملية". أحد شهود عيان العملية قال: "دخل مهند على دكاني وطلب مني "ولعه" استغربت لأنه لم يكن يحمل سيجاره، سألني كيف هو الوضع في الأقصى وخرج وسمعت صوت المستوطن يصرخ، وحينما خرجت رأيته يطعن المستوطن وبكل هدوء وثقة أخذ مسدسه ولاحق المستوطن الثاني وقام بإطلاق النار عليه... لم أرَ في حياتي أكثر منه جرأة". مهند 19 عاماً، كان يدرس الحقوق في سنته الثانية، وهو الابن الثاني للعائلة بعد شقيقه الأكبر محمد، إلا أنه المميز بينهم الخمسة، كان الأكثر هدوءاً رغم جرأته الواضحة، كان الأقرب لأشقائه وخاصة مصطفى شقيقه الأصغر. يوم استشهاده وعن يوم استشهاده تقول الوالدة :"قبل استشهاده بيوم قام بوداعنا كلنا، قام بتقبيلي أنا وأخوته وأصر على النوم بجانب شقيقه الأصغر، وترك له "مجسم" صغير لخارطة فلسطين أوصى شقيقته بأن تعطيها له: "لم ألحظ عليه شيء قبل العملية، كان هادئاً كما عادته، ولكنه كان مصر على تقبيلي مراراً أنا وأخوته، وكان يوصيني بشقيقه الأصغر، لم أكن أعلم أنه كان يودعنا". عائلة مهند، كما غيرها من الفلسطينيين هللت وفرحت بالعملية التي قام بها قبل أن يعلن عن أسمه، تقول والدته :" قلت الله يحي البطن اللي حملته للمنفذ فقد شفى قلوبنا بما يجري في القدس" ، إلا أن فرحتها كانت أكبر عندما علمت أنه مهند "مهند بطل و عمليته كانت نوعية، مهند أشعل الانتفاضة كلها بما فعله". تقول الوالدة:" حينما أعلن عن العملية قلت لوالد مهند "وكأنه ابنك من قام بالعملية كنت أشعر بذلك، كان لدي شعور طوال الوقت أنه هو، وخاصة حينما تم الإعلان أنه من البيرة". والدة مهند لم تبكي حين وداعه، كانت صامدة شامخة في مسيرة تشييعه، تقول :"حزنت عليه كثيراً ولكني لم أبكي كما طلب مني"، وتتابع:" لم يظهر لي أنه ينوي تنفيذ عملية أو يستشهد، ولكنه حينما استشهد ضياء كان يقول لي دائما تعلمي من عائلته كيف صبرت على فراقه، وأن أهل الشهيد لا يبكون عليه و إنما يحتسبوه عند ربهم ويصبروا، كان كل يوم يحدثني عن صبر أم الشهيد وكأنه كان يوصيني بذلك ولكن بطريقة غير مباشرة". صبرت أم مهند كما لم تصبر أي من أمهات الشهداء، و وكانت مثالاً لكل أمهات الشهداء حينما تصدرت مسيرة تشييعه وقامت بالغناء له وإطلاق الزغاريد في كل مكان، وهي تردد "الحمد لله أن مهند بطل رفع رأسي عاليا". المصدر : جنوبيات |