حتى الآن لم يحن وقت التسويات الإقليميّة والدوليّة، وهناك مخاوف خطيرة على لبنان والمنطقة في المرحلة المقبلة، وشخصيّتان عربية ولبنانية في دائرة الخطر.
هذه أبرز خلاصات لقاء خاص مع وزير لبناني سابق، عاصر مرحلة الحرب اللبنانية وما بعدها، وتولّى مهمات عديدة لبنانية وعلى صعيد العلاقات العربية وكان مقرّبًا من عدد كبير من القيادات العربية واللبنانية، ولا يزال يتابع الأوضاع اللبنانية والعربية والدولية من موقع المراقب والحريص على مستقبل لبنان والعالم العربي في ظل المتغيّرات الإقليمية والدولية.
الوزير الذي واكب أيضًا تجربة كمال جنبلاط يقول: "إنّ الشخصيّات السياسية والقيادية التي تلعب دورًا مهمًا في مصير أي بلد وتتخذ خطوات أو مواقف غير تقليدية تصبح معرّضة للخطر الشديد، وهذا ما حصل مع الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز عندما اتّخذ قرار حظر النفط خلال حرب تشرين في العام 1973 ممّا عرّضه للإغتيال لاحقًا، وكذلك الزعيم الوطني اللبناني كمال جنبلاط الذي طرح مشروعًا تغييريًا للبنان في مواجهة تحديات داخلية وخارجية ممّا أدى لإغتياله في العام 1977، والإمام موسى الصدر الذي حاول مواجهة الحرب اللبنانية والقوى التي تعمل من أجل تغيير الواقع السياسي اللبناني في الجنوب مما أدى لإختطافه في العام 1978، والقيادي الوطني المغربي المهدي بن بركة والذي كان له دور مهم في المغرب فتمّ إختطافه من فرنسا في العام 1965 وعلى الأغلب أنه قُتل آنذاك كما تبيّن لاحقًا، هذه نماذج لبنانية وعربية حاولت أن تلعب أدوارًا مؤثرة فتعرضت للخطف والإغتيال، وهناك نماذج عديدة يمكن ذكرها واللائحة تطول."
وعلى ضوء هذه التجارب يقول الوزير اللبناني الخبير في الشؤون العربية والدولية: "اليوم نمر في مرحلة إنتقالية لبنانية وعربية ودولية، وهناك شخصيّة عربيّة مهمة (يفضل عدم ذكر اسمها) تلعب اليوم دورًا مفصليًا على صعيد بلدها وعلاقات هذا البلد على الصّعد الاقليمية والدولية وتغيير المسار الداخلي في هذا البلد، ممّا يجعل مستقبله في دائرة الخطر سواء من القوى الداخلية المؤثّرة في البلد أو من جهات خارجية مؤثرة فيها، وطبعًا لا يعني ذلك نهاية محددة لهذه الشخصية البارزة لكنها ستكون في دائرة الخطر في المرحلة المقبلة."
وعلى الصعيد اللبناني يعتبر هذا الوزير صاحب التجارب الكبيرة في العمل الصحافي والسياسي والعلاقات العربية ودوره في مواكبة الحرب اللبنانية أن لبنان يمر اليوم في مرحلة إنتقالية والبحث عن التسويات مستمر داخليًا وخارجيًا، إلا أن الوقت لم يحن حتى الآن لهذه التسويات بسبب الصراعات الداخلية والاقليمية والدولية، ورغم أهميّة الدور الفرنسي والفاتيكاني والمدعوم من دول عربية كمصر لإنقاذ لبنان، فإن الوصول الى تسوية شاملة ما يزال صعبًا لأن الأميركيين لم يتّخذوا قرارًا حاسمًا في هذا الشأن وهم منشغلون بملفات أخرى ومنها الحرب في أوكرانيا والمفاوضات حول الملف النووي الايراني، وهم كلّفوا الفرنسيين بمتابعة الملف اللبناني لتهدئة الأوضاع لكن ذلك لا يعني أن الفرنسيين يملكون القدرة لوحدهم على حسم الأمور، وأن أية تسوية لن تمر قبل إعادة ترتيب وضع القوى الخارجية وتحجيم بعض القوى اللبنانية التي أصبح دورها أكبر من لبنان، مما قد يؤدي الى مخاطر شديدة على مستقبل من يتولى قيادة أي طرف لبناني قد يكون عائقَا أمام التسويات المقبلة في حال جرى الاتفاق على حلول معينة، وهذا يتطلب إعادة تغيير دور هذه القوى وانسجامها مع المتغيرات المقبلة والتكيّف مع أي تسوية يمكن أن تحصل، أو مواجهة خطر التصفية والتحجيم .
هذه الاستنتاجات السياسية والمستقبلية التي يقدمها الوزير اللبناني السابق لا تعني بشكل أكيد حصول عمليات إغتيال أو تصفيات لبنانية أو عربية أو أن الأمور محسومة، ولكنها تحاول قراءة المتغيّرات الحاصلة على ضوء التجارب السياسية والاستراتيجية السابقة في لبنان والعالم العربي، مما يتطلب المزيد من الوعي والحذر لبنانيًا وعربيًا، والله أعلم.