الثلاثاء 4 تشرين الأول 2016 12:34 م

فتاتان تستعرضان بالكرة في صيدا


 

من المعروف في الأوساط الاجتماعية العربية، أنّ لعبة كرة القدم تقتصر على الذكور غالباً. قلما نجد فتيات يحببن اللعبة ويجدن لعبها. المجتمع والعائلة وتقاليدهما تمنعهن من ذلك. لكن، هناك دائماً استثناءات تتجلى من خلال فتيات يكسرن الأعراف والتقاليد ويلعبن ما يحببن.
في مدينة صيدا، فتاتان تلعبان الكرة، بل تستعرضان بالكرة تحديداً، في اللعبة المعروفة باسم "كرة القدم الاستعراضية" القائمة على تنطيط الكرة باستخدام كلّ أجزاء الجسم. هي لعبة لا يمارسها كثيرون في صيدا وفي كلّ لبنان، فما بالك بفتاتين.

سجى ونهى تلعبانها في شوارع المدينة وعلى أرصفتها. سجى حجار تبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً. هي طالبة في السنة الأخيرة من دراستها المهنية في قسم المحاسبة والمعلوماتية. تحبّ هذه اللعبة، وتعيش في عائلة تشجعها على ممارسة رياضتها التي تحبّ. تعتبر أنّ الاستعراض بالكرة ليس حكراً على الفتية، بل بإمكان الفتاة ممارسته. في هذه اللعبة يمكنها تحريك الكرة كما ترغب، وباستخدام يديها وقدميها ورأسها. تقول إنّ اللعبة على الرغم من شهرتها خارج لبنان، فإنّها هنا، خصوصاً في صيدا، تقتصر عليها وعلى صديقتها نهى.
تحتاج اللعبة إلى دقة وتركيز. تقول سجى: "انتسبنا إلى جمعية تضمّ فريقاً لممارسة اللعبة. هو الفريق الوحيد في لبنان. كنّا في البداية ثلاث بنات فانسحبت واحدة، وبقينا نحن الاثنتين بين مجموعة من الشبان". الجمعية تلك حديثة التأسيس، لكن أمّنت للفتاتين ممارسة اللعبة على أرض الملعب البلدي لمدينة صيدا.  لكنّ سجى تمكنت من بعدها من الانضمام إلى فريق كرة قدم للسيدات في بيروت تتدرب فيه اليوم، وهو نادي درجة أولى على مستوى لبنان. مع ذلك، ما زالت تمارس الكرة الاستعراضية منفردة في العديد من الأماكن.

تقول: "أحب أن أكون صاحبة البصمة الأولى في هذه اللعبة. أعتبر أنه من خلال هذه اللعبة تستطيع الفتاة أن تنال حقها في كلّ شيء. لكنّي عندما لا ألمس ذلك، أحاول أن أبادر لمنع الظلم، فالبنت مثل الصبي لا فرق بينهما. وتصل الفتاة إلى حقها عندما تنال ما هي في حاجة إليه".

أما نهى سوحاني (19 عاماً) فهي طالبة جامعية تعتزم دراسة الصيدلة. تقول: "منذ صغري أحب اللعب بالكرة والتلاعب بها مهما كان نوعها. كنت ألعب مع أصدقائي الذكور في الشارع وأسمع كثيرين ينادونني بلقب حسن صبي. تتابع: "عندما بلغت السادسة عشرة، بات الجميع يقول إنّ الفتاة لا يصح أن تبقى إلى أوقات متأخرة خارج المنزل. لكن، بما أنّي أعتبر أنّ الفتاة لا تتمكن من نيل حقوقها، وجدت أنّ من واجبي فعل شيء مختلف عنهن. أحببت هذه اللعبة، وصرت بطلة فيها".

تضيف: "الجميع يعتقد أنّ من حق الذكر فقط أن يلعب مثل هذه الألعاب، وأنّه مختلف في تركيبة جسده عن الفتيات، لكنّ هذه النظرة خاطئة، وبإمكان الفتيات أن يلعبن ما يردن، شرط أن يتمسكن بالإرادة والثبات على مواقفهن".

لا تخفي نهى أنّها سمعت الكثير من الانتقادات، بداية من الأهل والجيران. مع ذلك، لم تهتم بذلك وتحدثت مع والدها بصراحة في المسألة، فأيّد رغبتها في لعب الكرة الاستعراضية، وأيّدت العائلة من بعده الأمر.

تقول نهى: "يعتقد الجميع أنّ ما أمارسه مجرد تسلية، لكنّي أحب هذه اللعبة. أقول لأهل كلّ فتاة أنّ من واجبهم دعمها حتى تحصل على ما تريد، فلا يبقى نيل الحقوق مقتصراً على الذكور تحت شعار الأعراف والتقاليد. في الخارج هناك نواد مختصة بمثل هذه الألعاب التي تمارسها الفتيات بحريّة. أما في بلادنا، فالعكس حاصل تماماً، فلا نوادي ولا فتيات يمارسن ألعاباً يحببنها، بالرغم من أنّ رياضة ككرة القدم الاستعراضية مثلاً تساعد على تعزيز شخصية الفتاة". وتختم حديثها: "أتمنى أن نحقق شيئاً في المستقبل، لكن ليحصل ذلك، يجب على الفتاة أن تقاتل حتى تصل إلى الهدف الذي تريده، خصوصاً في مدينة صيدا، حيث لا تجد الفتاة متنفساً لها".
 

المصدر : جنوبيات