إنّه عنوان صادم لمقال كَتبه قاضٍ عايش القضايا الحقوقيّة والقانونيّة لمدّة قاربت الأربعين سنة.
يأخذ البعض عليّ أنّي مقلٌّ في كتاباتي القانونيّة، وأنّي أجنح نحو القضايا الاجتماعيّة والإنسانيّة إلى درجة أنّ البعض غالبه الظنّ بأنّي ابتعدت عن القضايا ذات الطابع القانونيّ البحت.
لهؤلاء أقول إنّه حين ينبغي أن أتكلّم في قضيّة قانونيّة تهمّ الرأي العامّ، فلن أتوانى عن القيام بتسليط الضوء على كلّ ما من شأنه توضيح ما يحصل -على مرأى المسؤولين ومسمعهم- مع الشعب المسكين.
وعليه، لقد نصّت المادّة ٥٤٩ من قانون العقوبات اللبنانيّ على أنّه:
يُعاقب بالإعدام على القتل قصدًا
إذا ارتكب:
عمدًا و...
وقد عدّدت المادّة ثماني حالات تستوجب عقوبة الإعدام.
هذا، ولقد مرّت هذه المادّة بعدّة تعديلات طالتها "في ظروف وأزمنة" كان الرأي العامّ فيها يتأرجح بين تيّارَين:
أحدهما يشدّد على تنفيذ عقوبة الإعدام.
والآخر ضدّ فكرة الإعدام أصلًا.
ولسنا هنا لمناقشة هذه الآراء والمواقف من عقوبة الإعدام، وإنّما للقول وبالفم الملآن أنّه ينبغي تعديل هذه المادّة لتطال مافيات الدواء.
نعم ينبغي تعديل هذه المادّة في الإطار التشريعيّ لتطال تجّار الأدوية وبعض الصيادلة الخارجين عن أصول مهنتهم الإنسانيّة.
قد يثور البعض ويقول: إنّ المادّة ٥٤٩ من قانون العقوبات اللبنانيّ تطبّق عقوبة الإعدام على قاتل إنسان بصورة فرديّة لأسباب عدّدتها.
ولهؤلاء الغيارى على حسن تطبيق القانون نقول:
من باب أَوْلى أن يُصار إلى تطبيق عقوبة الإعدام على من يقوم بقتل شعب بأكمله.
تصوّروا كم حجم الإجرام الذي ترتكبه مافيات الدواء.
دواء سعره لا يتجاوز المئة ألف ليرة، يتمّ إخفاؤه عمدًا لبيعه من قبل تجّار القهر وبعض صيادلة العهر بأكثر من مئة دولار تحت ذريعة أنّ شراءه قد تمّ من الخارج "وبالسوق السوداء".
سوّد الله وجوهكم وقبّحها. إذا لم يستطع المواطن شراء الدواء بالسوق السوداء، وعلى الأرجح أنّه لن يستطيع، فإنّه حتمًا سيموت من جرّاء عدم حصوله على الدواء، وهناك حالات على مستوى "العالم العاشر" يموت فيها المواطن لعدم قدرته على شراء دواء له ولعياله.
لا بل حتمًا، وفي خلال وقت ليس ببعيد، سيموت جزء كبير من الشعب اللبنانيّ المسكين لعدم قدرته على الاستشفاء والحصول على الدواء.
والسؤال الحتميّ هنا: أَوَليس فعل هؤلاء المرتزقة يساوي القتل عمدًا عن سابق تصوّر وتصميم ومع سبق الإصرار والترصّد في تشريعات أُخرى؟
لهذه الأسباب ولما يراه أصحاب الضمائر -إن وُجدوا- نطالب:
بتعديل المادّة ٥٤٩ من قانون العقوبات لتطال مافيات الدواء في حال وفاة أي مواطن غير قادر على دفع فاتورة الاستشفاء وفق "سوق الأبالسة السوداء".
قاتلهم الله أنّى يؤفكون...