بحسب الظاهر والتي يتحدث به معظم اللبنانيون فأن الفساد هو السبب الاساسي لما وصل أليه واقع الحال في لبنان ، لكن بالعودة الى الواقع الحقيقي وبالنظر العميق الى ما نحن به ، يمكن تفصيل هذه الاسباب الى أنواع ثلاثة :
السبب الاول : الفساد
ان عدم وجود أجهزة رقابة فاعلة ، كما أجهزة محاسبة مستقلة بعيدة عن تأثير الواقع السياسي الذي نعيشه هو من شجع على حركة الفساد التي استشرت في الكثير من الادارات العامة ، والمصالح المستقلة كما داخل الأجهزة الامنية ، العسكرية ، والقضائية ، وفي ظل حماية القانون والتغطية التي يقدمها ومنها قانون السرية المصرفية الذي مارس هذه الحماية منذ نشوء لبنان ، كما قانون الوكالات الحصرية الذي يحمي هؤلاء المرتكبين والاحتكاريين ويقدم لهم الكثير من التغطية والحماية القانونية .
هذا الفساد والذي استفاد منه معظم رجال الدولة والمقربين منهم والمحميين من قبلهم جعل هذا الفساد سهل الممارسة ، كما أدى الى ممارسته من قبلهم دون الخوف من المحاسبة .
السبب الثاني : النظام السياسي
مارس هذا النظام ومنذ تعديله بموجب اتفاق الطائف سياسة التعطيل على كل المستويات ، هذه السياسة التي اتبعتها معظم الطبقة السياسية لتحقيق عدة أهداف منها فرض شروطهم في عملية توزيع الحصص وهي كانت السياسة الاكثر استعمالا" ، ومنها أيضا يعود الى تنفيذ سياسات خارجية ترى في تطبيق أو أقرار بعض القوانين تهديد لسياساتها أو أقتصادها ، وهذه السياسة أدت الى تعطيل كل البلد والى خسائر كبيرة راكمت ولا زالت تتراكم نتيجة لخسارة الوقت ، ونتيجة لعدم اقرار القوانين والخطط في الوقت المناسب ، والامثلة على ذلك كثيرة منها قانون الكابيتال كونترول .
السبب الثالث : العقوبات
ان العقوبات التي فرضت على لبنان سواء بطريقة مباشرة كالعقوبات التي تم فرضها على مصارف ، شركات ، أشخاص ، أو غير مباشرة كقانون قيصر ، منع النازحين السوريين من العودة ، منع الشركات من الاستثمار في لبنان عبر تهديدها بوضعها على لائحة العقوبات ، تهديد السياسيين بوضعهم على لائحة العقوبات في حال اقرارهم وتوقيعهم على قرارات تحرر الاقتصاد اللبناني المنكمش والراكد .
هذه العقوبات أدت الى تراجع في كل القطاعات ، حتى ان التحويلات السنوية للمغتربين والتي كانت تتجاوز قيمتها العشرة مليارات دولار تراجعت الى ما دون السبعة مليار دولار سنويا" .
لذلك فأننا لا زلنا نرى استحالة معالجة واقع لبنان الاقتصادي والمالي طالما ان هذه الاسباب لا زالت على حالها ، ولا بد من إدخال ولو تعديلات أساسية على هذه الاسباب للتخفيف بالحد الادنى من تأثيرها على واقعنا ، فهل ستنجح الحكومة القادمة بخلق هذا التأثير