الجمعة 24 حزيران 2022 10:43 ص |
بالنظام - ما بعد التكليف |
* جنوبيات مرة أخرى تكونت أكثرية ظرفية من النواب وأفضت إلى اختيار من سيتولى تشكيل حكومة جديدة هي الأولى بعد الانتخابات. وبناء على نتيجة الاستشارات التي أجراها رئيس الجمهورية كلف رئيس حكومة تصريف الأعمال #نجيب ميقاتي بالمهمة. ومرة جديدة تم التكليف بطريقة الاستدعاء والتكليف شفهياً بالمهمة من دون إصدار مرسوم التكليف كما هو مفترض. فقد درجت العادة منذ ما قبل تعديلات العام 1990 التي أدخلت على الدستور تطبيقاً لاتفاق الطائف، على تكليف من يتولى تأليف الحكومة شفهياً وأن يتأخر إصدار مرسوم إلى ما بعد النجاح بالمهمة بحيث يصدر مرسوم التكليف ومرسوم التأليف معاً بالإضافة إلى مرسوم قبول استقالة الحكومة السابقة. طبعاً هذه العادة لا أساس لها في الدستور، بنصيّه السابق والحالي. والمبرر الوحيد الذي يمكن استنتاجه أنه في مرحلة ما قبل الطائف كان الرؤساء يفضلون التكليف شفهياً دون إصدار المرسوم، إلى أن يثبت المكلف أنه قادر على التأليف وأن التشكيلة تحظى بموافقة الرئيس. واليوم في ظل النص الحالي للدستور المعدل سنة 1990 لا يزال التكليف من ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية ولكن هذه الصلاحية أصبحت مقيدة بنتيجة الاستشارات التي يجريها الرئيس مع النواب ويطلع رئيس المجلس على نتيجتها وبعد التشاور معه. قد يتمكن الرئيس المكلف من إنجاز مهمته سريعاً وفق الدينامية البرلمانية الحالية التي فرضت نفسها بنتيجة الانتخابات وتجربة انتخاب رئيس المجلس ونائبه، وأعادت النظام الدستوري إلى أصوله البرلمانية المتحررة من الشوائب التي التصقت به في السنوات الأخيرة وأدت إلى شلل شبه الدائم في عمل المؤسسات الدستورية، وتتكلل جهوده بإصدار مرسوم تشكيل حكومة جديدة أو تعديل بعض أسماء أو حقائب الحكومة الحالية. إلّا أنه من المحتمل أن تطول فترة التشكيل ولا تفضي مشاوراته إلى اتفاق مع رئيس الجمهورية على إصدار مرسوم تأليف الحكومة، ومن ثم تنتهي ولاية الرئيس في تشرين. في حال حصول ذلك سيُطرح السؤال حول مصير التكليف وما إذا كان يبقى قائماً ومنتجاً مفاعيله، سواء تم انتخاب رئيس جديد للجمهورية أو لم يتم، وقيام مجلس الوزراء بممارسة صلاحياته. صحيح أنه عملاً بالمادة 62 من الدستور "في حال خلو سدة الرئاسة لاي علة كانت، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء"، لكن مجلس الوزراء لا يمكنه أن يصدر مرسوم تشكيل حكومة جديدة أو أن يجري استشارات التكليف بدلاً من الرئيس، لأنه لا يستطيع أن يقوم مقام الرئيس في ممارسة الصلاحيات التكوينية للسلطة التنفيذية بل يقتصر ذلك على ممارسة الصلاحيات الإجرائية بالوكالة. أما إذا تم انتخاب رئيس جديد للجمهورية فإنه لن يكون مقيداً بالتكليف السابق لانتخابه وذلك وفق الاحتمالين التاليين، إذا لم يكن مرسوم التكليف قد صدر كما هو متوجب فإن الاستغناء عن الرئيس المكلف لن يثير أية صعوبة للرئيس الجديد الذي لن يرضى بتوقيع مرسوم تكليف شخص لم يقم هو بعملية الاستشارات لتسميته. وذلك لأنه ما لم يصدر المرسوم بالتكليف لا يكون المكلف مكلّفاً دستورياً. لأن الأداة الدستورية للتكليف هي المرسوم الذي يوقعه الرئيس منفرداً وليس الاستشارات التي تلزم الرئيس بمضمونها. أما إذا كان مرسوم التكليف قد صدر ولم يصدر مرسوم التشكيل وتم انتخاب رئيس جديد فإن مفاعيل التكليف تنقضي ويجب البدء باستشارات جديدة، لأن الحكومة برمتها تصبح مستقيلة مع بدء ولاية رئيس الجمهورية كما تنص المادة 69 من الدستور، فإنه من باب أولى أن يعتبر مرسوم التكليف بتشكيلها منقضياً. المصدر :النهار |