السبت 2 تموز 2022 19:57 م

"عذرًا فكتور هوغو"!


* جنوبيات

لم يكن يعلم الكاتب الكبير فكتور هوغو عندما كتب روايته الشهيرة البؤساء أنّ هناك مشهديّة أقسى وأقوى تأثيرًا ممّن رسمه من شخوص دراميّة حرّكت مشاعر الإنسانيّة آنذاك، وجعلت أحاسيس الجلّ لا بل الكلّ تذرفُ الدمع على مجريات الأحداث الروائيّة في سبك سيناريو حزين ظلّ على مدى السنوات الماضية الأكثر إيلامًا للقارئ وللمشاهد بعدما حُوّلت القصّة إلى أفلام سينمائيّة ومسلسلات، فضلًا عن اقتباسات مُتشابهة في الكثير من الأحيان. لا شكّ ولا غروَ أنّ الكاتب الكبير فكتور هوغو تفوّق على ذاته وأضاء في حقبة زمنيّة على الحال المعيشيّ للفرنسيّين في زمن الرغيف المرّ وأوجاع الفقر والبطالة وتحكُّم الحاكم، وسلطة قضاء الواقع. وقد كان الأديب هوغو يعكس هذه الصور بقلمٍ ساحر يُحاكي مجريات الأحداث ويجسّدها على أرض الواقع المأزوم بشكلٍ يجعلُ المتلقّي يعيش تلك الأحداث بجوانحه كلّها. بالطبع لا أحد ينكر على كاتب البؤساء دقّته في نقل الصور الدراميّة وتجسيدها بصورةٍ رائعة.


فجان فالجان، ذاك الشخص الفقير قويّ البنية، قد ذاق الأمرّين، والمفتّش جافير، تلك الشخصية الفذّة الظالمة، قد استعمل سلطته القمعيّة راسمًا صورة العدالة العمياء. وإذا كانت نهائيّة الخير أقوى وانتهاء الظلم في مهبّ انتحار الذات، كلّ هذا يدفعنا إلى القول وبالفم الملآن: عذرًا فكتور هوغو... فلقد أصبح وضع المواطن اللبنانيّ أصعب وأكثر مقتًا من حال جان فالجان. وقد بات المسؤول في لبنان أقسى وأظلم من المفتّش جافير. لذا أستميحك عذرًا بأن تُعاد كتابة رواية البؤساء على وقع الأحداث المؤلمة في لبنان لعلّنا نتعلّم من شخصيّة جان فالجان السعي نحو تحقيق العدالة الاجتماعيّة، وعسى أن نلقى مفتّشًا آخر يشعرُ بخاتمة ظلمه، فانتحارُ المفتّش جافير كان لخلاص الشعب من قبضة الحكّام.

المصدر :جنوبيات