السبت 9 تموز 2022 16:11 م

نعم يمكن إعادة جزء أساسي من الودائع لأصحابها


* جنوبيات

قدّر نائب رئيس الوزراء اللبناني ، سعادة الشامي ، رئيس لجنة التفاوض مع صندوق النقد الدولي ، خسائر القطاع المصرفي بنحو 69 مليار دولار ، فيما لا تزال الخلافات متفاقمة حول آلية توزيع تلك الخسائر، إذ يتم تقاذفها بين الدولة ، مصرف لبنان ، القطاع المصرفي ، والمودعين .

ووفق ما تسرب من معلومات عن خطة التعافي ، فإن عملية توزيع الخسائر ترتكز على تحويل الودائع بالعملات الأجنبية بمعظمها إلى الليرة اللبنانية ، وبذلك سيتم تحميل المودع الجزء الأكبر من الخسائر، لا سيما أن هذه العملية كانت بدأت منذ عام 2020 حيث أُجبر المودعون وفق تعاميم مصرف لبنان على سحب أجزاء من ودائعهم الدولارية بالليرة اللبنانية ، وبأسعار أقل من سعر الدولار في السوق الفعلي .


لكن لماذا يتم هذا التوزيع بهذا الشكل وعلى أي أساس استندت الحكومة ومصرف لبنان في هذا التوزيع وما هي المعايير التي اعتمدت للوصول الى هذا التوزيع وهل تم دراسة هذه المصارف ومصرف لبنان والتي ضاعت الودائع بينهما في عملية أحتيالية لم يسبق أن حصلت على مستوى الكرة الارضية .


في حالة كالحالة التي يمر بها لبنان ووفقا" للأصول ولواقع الحال فهناك طرفان مسؤولان بالدرجة الأولى عن الوضع المصرفي الحالي وهما :


- المصارف التجارية لأنها أساءت أدارة الودائع ولم تقم بدراسة وتقييم وتوزيع المخاطر بشكل يمنع الوقوع في هذه الخسارة الكبيرة .
- مصرف لبنان وهو ممثل نفسه والدولة اللبنانية ، هو مسؤول بصفته كبنك مستقل تماما" في أدارته وفقا" لقانون النقد والتسليف وبصفته المعنوية الممثل للدولة اللبنانية والتي تملك حق الرقابة والمتابعة ولم تقم بأي أجراء توقف المصرف المركزي عن سوء الادارة هذه وبالتالي حماية الودائع  بل ساهمت بشكل غير مباشر بوقوع هذه الكارثة .


مع بداية وضع خطة التعافي أيام حكومة الرئيس حسان دياب كانت الفجوة في الودائع لا تتجاوز قيمتها 40 مليار دولار لكن مع مرور الوقت وعدم أصدار قانون الكابيتال كونترول وعدم صدور خطة التعافي والذي أدى الى نزيف في أحتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة ، الى أن وصلت هذه الفجوة اليوم الى حدود 75 مليار دولار .


اليوم تحاول الحكومة توزيع هذه الفجوة ومن خلال خطة التعافي المطروحة حاليا" على أطراف أربعة وهي:
- المصارف التجارية
- المصرف المركزي
- المودعين
- الدولة اللبنانية


لكن ما هي المعايير التي تم أعتمادها لتحديد الفجوة وماذا نعني بالفجوة ؟
لقد جرى تحديد الفجوة من قبل الحكومة اللبنانية على أساس حجم الفارق ما بين قيمة الودائع بالعملات الصعبة والتي أودعتها المصارف الخاصة لدى مصرف لبنان بعد خصم أحتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة والتي وصلت اليوم الى أقل من 11 مليار دولار أميريكي مع حقوق السحب الخاصة .


هل يكفي أعتماد هذا المعيار لتحديد حجم الفجوة خاصة ان المصارف اليوم هي في حالة التوقف عن الدفع بحجة ان مصرف لبنان لا يدفع لها ودائعها ، ولكن من قال ان كل ودائعها موجودة في مصرف لبنان فجزء كبير منها كان موجود في خزائنها ولدى المراسلين وجزء أخر هو عبارة عن تسليفات يتم تسديدها من قبل عملاء البنك وفقا" لتواريخ استحقاقها مع ذلك لم تقم المصارف بتسديد هذه الودائع أو حتى جزء معقول ومقبول منها بل لجأت الى المراوغة وحجزها والتقنين الشديد في دفعها وفقا" لحجم سحوبات الفوائد من مصرف لبنان ، وقام مصرف لبنان بأصدار تعاميم يغطي بها المصارف في هذه العملية اللاأخلاقية والتي رفضت بها المصارف استعمال أي جزء من الموجودات الخارجية والداخلية الموجودة لديها .


بالعودة الى أساس المشكلة فأن توقف المصارف عن الدفع يعني أنها وفقا" للقانون وقعت في الافلاس وبالتالي يجب الحجز على كامل موجوداتها وفقا" للاصول القانونية ، من هذا المنطلق عدنا الى الميزانيات المجمعة لهذه المصارف لمعرفة القيمة الحقيقية لحجم العجز لديها في حال لم يقم مصرف لبنان بتسديد ألتزاماته أو في حال لجأ الى دفع هذا العجز من الموجودات التي يملكها والتي تم شراؤها من الاحتياطي المودع لديه منذ نشأته وبالتالي الوصول الى الفجوة الحقيقية والتي يجب على الدولة اللبنانية تحملها .


ان موجودات المصارف والتي يمكن تسييلها أو تحصيلها والمضمونة أما بضمانات عقارية أو هي موجودة بشكل نقدي هي على الشكل التالي :
موجودات المصارف :          مليار $
موجودات خارجية              11.00
أصول ثابتة وعقارات           5.00
تسليفات                          21.95
المجموع                         37.95
الودائع لدى مصرف لبنان *1 89.46
الاجمالي                        127.41

*1 – حجم الودائع 166440 مليار ليرة
- مدولرة بنسبة 80 بالمئة
- 33288 مليار ليرة ما يعادل 1.14 مليار دولار
- 133152 مليار ليرة ما يعا 88.32 مليار دولار
- المجموع : 89.46 مليار دولار
هذا يعني أن حجم العجز لدى المصارف في حال عدم دفع الدولة ومصرف لبنان ما هو مستحق عليهم يبلغ على الشكل التالي:
الودائع لدى المصارف *1   88.32 مليار $
الموجودات الممكن تحصيلها  37.95 مليار $
العجز                            50.37 مليار $
*1 – حجم الودائع لدى المصارف : 199537 مليار ليرة
- نسبة دولرة 77 بالمئة
- القيمة الحقيقية اليوم  : 103.49 مليار دولار
بالنسبة لمصرف لبنان فأن الاحتياطي اليوم يبلغ اليوم حوالي 10.30 مليار دولار منها 1.34 مليار دولار حقوق السحب الخاصة ، كما تبلغ قيمة الذهب والذي تم شراؤه من موجودات مصرف لبنان حوالي 16.73 مليار دولار مما يعني ان القيمة المؤكدة اليوم لموجودات مصرف لبنان هي 27.03 مليار دولار ، ويضاف أليها طبعا" ما يلي :
-    شركة الميديل أيست والتي تم شراؤها من أحتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة أي من ودائع الناس .
-    شركة أنترا بما تشمل من كازينوا لبنان وبنك التمويل وعقارات مختلفة .
-    العقارات التي تم استملاكها نتيجة تصفية مصارف متعددة سابقا" .
هذا يعني أن قيمة الفجوة الحقيقية هي أقل من : 50.37 – 27.03
-    23.34 مليار $ ينزل منها طبعا" قيمة الشركات والعقارات التي استملكها مصرف لبنان واستعمل فيها احتياطي العملات الصعبة .


نعم من الضروري أعادة جزء من الفوائد خاصة بالنسبة للودائع الكبيرة والتي استفادت من نسب مرتفعة من الفوائد وهذا يعني أن حجم الفجوة يمكن أن ينخفض الى حدود يمكن من خلالها تقسيط ما تبقى منها على فترة زمنية محددة ، كما يمكن للدولة توزيع أسهم للمودعين بشكل أختياري خاصة بالشركات والعقارات التي يملكها مصرف لبنان ، كما يجب أعادة جزء من الأموال التي تم تهريبها للخارج خلال الازمة ولوائح المهربين موجودة لدى حاكمية مصرف لبنان وفي حال عدم أعادتها يجب شطب جزء أساسي مما تبقى من ودائع هؤلاء والتي لا زالت في المصارف ليكون هناك حد أدنى من العدالة بين جميع المودعين وبالتالي نكون قد وصلنا وخلال فترة لا تتجاوز خمس سنوات الى دفع كامل قيمة الودائع لاصحابها على أن يتم خلال نفس الوقت أعادة هيكلة المصارف ومصرف لبنان بعد تعديل قانون النقد والتسليف لخلق رقابة مستقلة فعلا" على المصارف ومصرف لبنان مع أمكانية أعطاء رخص جديدة لمصارف جديدة تجلب الدولار الطازج للاسواق اللبنانية .


أن أدخال مصرف لبنان بعملية التصفية أمر حتمي وضروري كونه شريك أساسي بسوء أدارة الودائع وكونه قام بالتصرف بجزء كبير من هذه الودائع في عملية تمويل صفقات وشراء شركات وتصفية بنوك نتج عنها تملك هذه الشركات والعقارات وبالتالي فأن ملكيتها حتما" يعود للمودعين كون العمليات تمت بتمويل من ودائعهم


لكن أيضا" مطلوب لجنة خبراء محايدة ومستقلة للقيام بهذه المهمة بعيدا" عن التوظيف السياسي والمصلحي وان لا يكون أعضاؤها لهم أي علاقة مالية أو سياسية بأي فريق تتضارب مصلحته مع مصلحة المودعين .


فهل سيتم أعادة النظر في خطة التعافي لتكون أكثر عدالة ؟

المصدر :جنوبيات