الاثنين 18 تموز 2022 18:25 م

من الذكريات الفلسطينية


* جهاد دكور

فلسطينيات
الست نزهة

تزوج الحيفاوي التاجر الكبيرغ من نزهة الفتاة المتعلمة الحصيفة اللطيفة الاديبة اللبيبة ذات الفكر والدراية والتدبير.
يملك الحيفاوي العقارات والمحال التجارية وله تواصل مع العديد من المدن الفلسطينية ومع مصر والاردن وسوريا ولبنان..

في رحلات تجارية مكوكية ناشطة . ولا غرو في ذلك ففلسطين عامرة بالمصنوعات المميزة كالثوب المجدلاوي والتحف المقدسية والحراير والاصبان النابلسية والمطرزات النصراوية والمنمنمات التلحمية والبيارات ناهيك عن الزيوت والحبوب والمواشي وما ينتج منها ثم الموانيء والبضائع والمواسم الدينية والاجتماعية والحج والسياحة والآثار والمقدسات والاقصى والقيامة وكثرة المدن وازدهارها.كل ذلك كان مجال واسع للتجارة والربح الوفير. 
لم يلبث ابو وليد الحيفاوي ان توفي بحادث مؤسف فبكته الست نزهة بكاء مرا ولكنها لم تستسلم فشمرت عن ساعديها واكملت المشوار وتربية الصغار بهمة ونشاط ملفتة الانظار باحاديثها واخلاقها وجذبها للزبائن. رأت الست نزهة ووعت النهضة الحضارية والاجتماعية التي حدثت في فلسطين في اوائل القرن العشرين من بعثات تبشيرية وارساليات اجنبية حيث تدفق سيل عرم من الاغراب ورافق ذلك فتح المدارس والمعاهد والكليات والمؤسسات والمياتم والملاجيء والمستشفيات والمستوصفات وانتشار اللغات الاجنبية كالروسية والانكليزية والفرنسية والايطالية والالمانية..

ثم شهدت البلاد هزات عنيفة كالحرب العالمية الاولى والثانية وويلاتهما ودمارهما وتدفق الجيوش الاجنبية على البلاد واحتلال الانكليز لفلسطين ووعد بلفور والاتفاقات الكيدية ضد العرب والانحياز الكلي للصهيونية ومشاريعها الهدامة. هذا السيل العرم من الغرباء والسياح والحجاج والمكتشفين والمغامرين والمغرضين ونهضة المرأة وتأسيسها العديد من الاندية والاتحادات والروابط ودخول الاحزاب الثورية العربية والماركسية والدينية البلاد والحركات الاستقلالية وانتشار الصحف والمجلات وعلى راس كل ذلك الرفاينري وتدفق البترول وكثرة فرص العمل حيث اصبح الجنيه الفلسطيني يدغدغ عقول المغامرين. شدهت الست نزهة حيث رأت رأي العين احتضان بريطانيا للصهيونية وشراء الاراضي والاستيلاء على البلاد حيث فتحت فلسطين على مصراعيها للصهاينة وشاهدت الوطن يتمزق فلماذا هذا التراخي والجمود؟ شمرت الست نزهة عن ساعديها وخاضت المعمعة من اوسع ابوابها فتواصلت مع الحركة النسائية في حيفا والقدس واخذت تجلب السلاح والذخائر للثوار وتساعد ببناء المشاريع مدارس،محو امية مياتم ملاجيء دور عجزة،مساعدات للطلبة،العائلات الفقيرة،اثراء المكتبات اسعافات اولية دعم اسر الشهداء والجرحى والمعاقين.. ساهمت الست نزهة بكل تلك المشاريع متعاونة مع زميلاتها من المتطوعات اللواتي نذرن انفسهن للبذل والعطاء والدفاع عن الوطن بشتى الطرق.

ساعد الابناء امهم بالتجارة والحركة الوطنية وساروا على منهاجها فلم يروا ثغرة الا سدوها ولكن المؤامرة كانت كبيرة حيث اشترك الغرب وامريكا بوضع قاعدة استعمارية في فلسطين الموقع الاستراتيجي حتى يفصلوا بين جناحي الوطن العربي وبالتالي ايقاف نموه ووضعوا حكاما طوع امرهم في الخضوع والطاعة والولاء لمشاريعهم الهدامة.

وبالعودة الى ام الوليد الست نزهة الله لطف بها واكرمها فلم تتجرع كاس النكبة المر وان شاهدت ملامحها قبل ان تفارق الحياة.

رحمك الله يا ام الوليد
فهؤلاء رفيقاتك يحملن مشاعل التحرير ويقدمن ابناءهن على مذبح
الوطن.
 

المصدر :جنوبيات