الخميس 28 تموز 2022 09:51 ص

ليس الله بظلّام للعبيد


يُحكى في خوابي الزمن أنّ امرأة أرملة كانت تسكن مع أطفالها الأيتام على شاطئ البحر. وكانت تصنع كلّ يوم عجينة حمراء تُستخدم في سدّ التصدّعات والشقوق في مراكب الصيّادين والتجّار مقابل دينار تشتري به طعامًا لصغارها (وتحمد الله على ذلك).

وذات يوم صنعت العجينة وذهبت بها إلى الشاطئ كالمعتاد وإذ بطائر يخطف العجينة ويطير بها بعيدًا.
ظلّت المرأة تبكي وتنوح وتتذمّر وتندب حظّها وحظّ صغارها وتقول: لماذا يا ربّ؟ صغاري سيموتون، لا أملك إلّا هذه العجينة. ثمّ كرّرت لماذا يا ربّ لماذا؟
وبعدها أسرعت إلى حكيم القرية وروت له ما حصل معها، ثمّ قالت له: أريد أن أسألك سؤالًا.
فقال لها: اسألي.
فقالت: لماذا الله ظالم هكذا؟
نظر إليها الحكيم بابتسامة عذبة وقال: أنت لا تعرفين حكمة الله ولا تدبيره وترتيبه للأمور. كلّ ما أودّ أن أقوله لك: الله ليس بظالم. الله يحبّك أكثر ممّا تتخيّلين وحنون عليك وعلى أولادك أكثر ممّا تتوقّعين. 
وبينما هو يحدّثها عن حكمة الله ورحمته، إذ بطرقٍ شديد على الباب، فدخل عشرة أشخاص يهلّلون ويصيحون ويحمدون الله قائلين: "يا حكيمنا ويا معلّمنا، لقد نجّانا الله من موت محقّق".
فقال الحكيم: قصّوا عليّ ما حدث.
فتكلّم أحدهم قائلًا: نحن عشرة تجّار وكنّا اليوم نستقلّ مركبنا التجاريّ، وإذ في عرض البحر تصدّع المركب، وبدأ الماء يتسرّب إلى الداخل وكدنا نغرق. وبصوت واحد صرخنا: يا الله أنقذنا من هذا الكرب العظيم، وسيعطي كلّ واحد منّا مئة دينار للفقراء والمساكين. وإذ نُفاجَأ بطائر يحمل بيده عجينة حمراء، وهذه العجينة تُعالج تصدّعات المراكب، وألقاها علينا في هدوء ونجونا بعون الله.
وها هي الألف دينار، من كلّ واحد منّا مئة دينار أعطِها للفقراء. ثمّ خرجوا إلى أعمالهم. 
فنظر الحكيم إلى المرأة مبتسمًا وقال: انظري إلى حكمة ربّك، فلقد اشترى الله منكِ العجينة بـ1000 دينار بدلًا من دينار، خذي الألف دينار واذهبي أطعمي صغارك.
يقول الله تعالى في محكم تنزيله: "ذلك بما قدّمت أيديكم وأنّ الله ليس بظلّام للعبيد".
ويقول جلّ في علاه:
"وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شرّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون". 
صدق الله العظيم 

المصدر :جنوبيات