يخوض رئيس حكومة تصريف الأعمال في الكيان الإسرائيلي يائير لبيد الانتخابات العامة الـ25 لـ»الكنيست»، على حساب الدم الفلسطيني، وآخره بعدوانٍ على قطاع غزّة وتصفيات في جنين ونابلس.
يسعى لبيد إلى تحسين وضعه في الانتخابات التي ستُجرى يوم الثلاثاء في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وهو الاستحقاق الخامس خلال 3 أعوام، ما يُثبت الانقسام الحاد بين المُكوّنات السياسية للأحزاب الإسرائيلية، في ظاهرة غريبة يشهدُها الكيان الإسرائيلي للمرّة الأولى مُنذ إنشائه قبل 74 عاماً.
مردُّ ذلك إلى تفكُّك الأحزاب، وعدم تمكُّن أي من المُعسكرين، الذي يقوده رئيس حكومة الاحتلال الأسبق بنيامين نتنياهو ومعه أحزاب اليمين المُتطرف، والمُعسكر الآخر المُناوئ لنتنياهو، حيث تلتقي مصالح الأحزاب الأخرى ضد شخصه، وليس على مشروعٍ سياسي!
على الرغم من الاستعدادات لإجراء الانتخابات، لكن استطلاعات الرأي، لا تُعطي أي من المُعسكرين أرجحية تشكيل حكومة بضمان 61 صوتاً، ما يُنذِر باحتمالات إجراء انتخاباتٍ سادسة قريبة.
يُدركَ لبيد أنّ الأيام تقترب من موعد استحقاق الانتخابات، ما يجعله في عجلةٍ من أمره بإثبات أنّه الأحرص على مصلحة الكيان الإسرائيلي، لذلك يسعى إلى القيام بعملياتٍ عسكرية وأمنية استباقية، لمُراكمة ما يُساهِم برفع رصيده في صندوق الاقتراع.
سارع إلى شنِّ عُدوانٍ على قطاع غزّة، بين يومَي الجمعة والأحد في 5-7 آب/أغسطس 2022، على مدى 66 ساعة، عنوانه تصفية «حركة الجهاد الإسلامي» وجناحها العسكري «سرايا القدس».
وإذا تمكّن من اغتيال القياديين في «الجهاد» القائد العسكري تيسير محمود الجعبري وعضو المجلس العسكري وقائد المنطقة الجنوبية خالد سعيد منصور، وشنّ طيران العدو غاراتٍ مُكثّفة، استهدفت المدنيين، ما أدّى إلى استشهاد 44 شخصاً بينهم 15 طفلاً و4 سيدات وإصابة 360 آخرين بجراح وإلحاق أضرارٍ فادحة، وجرح 25 جُندياً إسرائيلياً.
إلا أنّ غارات الاحتلال لم تتمكّن من إيقاف صواريخ «الجهاد»، التي خاضت المعركة مُنفردةً، واستطاعت إطلاق أكثر من ألف صاروخ، استهدفت 58 مدينة ومُستوطنة، فضلاً عن القدس المُحتلة وتل أبيب، أسدود وعسقلان، ما استدعى طلباً إسرائيلياً عبر الوسيط المصري، الذي نجح بوقف إطلاق النار، مع التزامٍ بالإفراج عن أسيري «الجهاد» الشيخ بسام السعدي وخليل عواودة، مع اشتراط «الجهاد»، باعتبار أنّ «الاتفاق لاغياً، وسيُستأنف القتال مرّةً أخرى إذا أخلّ الاحتلال به، وبضمانة مصرية».
حاول الاحتلال الردَّ على هزيمته بجريمة اغتيال القائد في «كتائب الأقصى» الجناح العسكري لحركة «فتح» إبراهيم النابلسي في نابلس، الذي قاوم واستشهد مع رفيقيه إسلام صبوح وحسين جمال طه، بعد رفض الاستسلام لوحدة «اليمام» في قوّات الاحتلال الإسرائيلي، حيث جرت مُواجهات حادّة.
خرج موكب التشييع الحاشد، تتقدّمه والدة الشهيد إبراهيم، الحاجة «أم إبراهيم»، التي نفّذت وصيته، بابتسامتها وزغاريدها، وحملها لسلاحه ونعشه، في رسالة تُؤكد أنّ «الخنساوات الفلسطينيات» يلدن لأجل الأرض وفلسطين.
يسعى لبيد إلى تحسين صورته ووضعه، مع المعلومات عن قُرب التوصُّل إلى الاتفاق النووي في فيينا بين أميركا وإيران، فيُمعن أكثر باستهداف إيران عبر حُلفائها، فكان مع «الجهاد الإسلامي» في غزّة، وعمليات اعتقال لكوادر من «الجهاد» في الضفة الغربية وقصفٍ ضد «الحرس الثوري» الإيراني في سوريا، فضلاً عن حرب الاغتيالات والتصفيات بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران في أكثر من ساحة.
لذلك، لا يُستبعد أنْ يستبق لبيد رد «حزب الله» على أي اغتيالٍ لقيادي لبناني أو فلسطيني على الساحة اللبنانية، أو تنفيذ تهديدات أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله، في ما يتعلّق بالنفط والغاز والحدود البحرية، مع معلوماتٍ عن خلط أوراق غير مُطمئنة في ملف الترسيم البحري!
وفي ضوء الاستطلاعات، فإنّها لا تُعطي ترجيحاً لأي من المُعسكرين لتشكيل الحكومة المُقبلة، ما يرفع من احتمالات التوجُّه إلى انتخاباتٍ سادسة، هذا يعني بقاء لبيد برئاسة الحكومة، بعدما لعب الحظ معه، وتسلّم مقاليد رئاستها من حليفه نفتالي بينيت عند سقوطها في «الكنيست»، في 30 حزيران/يونيو 2022، وهو الشرط الذي كان قد ضمنه الاتفاق حين إعلان تحالفهما، في 28 أيار/مايو 2021، وإلا لكان وقع في المطب ذاته الذي أصاب حليفه السابق في «أزرق - أبيض» بيني غانتس، حيث لم يُنفّذ نتنياهو اتفاق التناوب، بعد استقالته وحل «الكنيست» قبل تسليمه رئاسة الحكومة.
فقد أعطت استطلاعات المُعسكر، الذي يترأسه نتنياهو 59 مقعداً، حيث يُحاول الإمساك مُجدّداً بزعامة المُعارضة، من خلال ضمان الحسم بالفوز بأكبر عددٍ لحلفائه في الانتخابات التمهيدية لحزب «الليكود»، لاختيار مُرشّحيه لانتخابات «الكنيست»، حيث تضمُّ لائحة المُرشّحين 27 نائباً حالياً في «الكنيست».
بينما الأحزاب في المحور الذي يسعى لبيد لقيادته يُرجح فوزها بـ55 مقعداً، فيما منحت الاستطلاعات «القائمة العربية المُشتركة» 6 مقاعد.
هذا يعني أنّ لا إمكانية لأي من المُعسكرين لتشكيل حكومة جديدة، في ظل إصرار نتنياهو على تزعّم مُعسكر اليمين المُتطرّف، ورفض الأحزاب في المُعسكر الآخر المُشاركة معه، وإصرارها على إبعاده عن المشهد السياسي!