الأحد 14 آب 2022 14:46 م |
عدنان الحاج.. غاب صوت الذين لا صوت لهم |
* جنوبيات وداعاً عدنان الحاج، وداعاً لمن ولد مجبولاً بتراب المحبة والعصامية... من زواريب المحتاجين والمعذبين والمقهورين في الارض، ومن بين الذين لا صوت لهم خرج عدنان الحاج فتى يواجه الحياة باحثاً عن المستقبل الذي يتمناه... من المناطق الشعبية في الطريق الجديدة ومن البيوت المتواضعة حمل سيف الكرامة وخرج يرافقه إيمانه بأن تلك الاوضاع يجب ان تكون حافزاً له للتغلب عليها مقتنعاً بأن المعاناة والحرمان اذا ما تمت مواجهتهما يصنعان التفوق والنجاح... وبالفعل فقد حقق عدنان طموحه بأن أصبح الصوت المدوي، صوت الذين لا صوت لهم... تخيلت كل شيء الا أن أصل الى يوم أرثي فيه عدنان الحاج وأنا أودعه الوداع الاخير، ولكن محبي عدنان وما أكثرهم لم يتركوا لي مجال الرثاء فتسارعت أقلامهم في الكتابة عنه كلمات ليست بالكلمات وكلها تروي حكايات العمر معه والذكريات وها انا اقتطع جزءاً مما قاله فيه زميله الاستاذ نادر صباغ :" مات عدنان الحاج، مات " الكابتن" مكتئباً، حزيناً مكسور الخاطر، وهو الذي كانت الضحكة لا تفارق شفتيه.. كان عدنان روحاً متقدة لا يمكنك ان تتخيل العصر الجميل ل " السفير " من دونها.. مات عدنان بصمت قاتل بعدما كان صوته يملأ مبنى " السفير".. الجريدة كانت حياة عدنان ولم يستطع إكمال حياته من دونها.. عدنان مات في العام ٢٠١٧ يوم توقفت الجريدة عن الصدور لكنه بقي على قيد الحياة الى أن تم نعيه قبل يومين... ليس للصحافة أمان يا عدنان هي كالمومس تنام مع غيرك في الليلة التي تكون أنت تعباناً بها تنساك بسرعة كما تكون قد نسيت الكثيرين من قبلك ".
عدنان الحاج صديق الجميع هيئات إقتصادية واتحادات عمالية ورجال سياسة ومجتمع لا يمكن إلا أن تحب دماثة خلقه اتفقت معه في الرأي أو اختلفت.. منذ ان توقفت "السفير" عن الصدور اختفى عدنان عن شاشات التلفزة ووسائل الاعلام بعد أن كان صندوق الأسرار والمعلومات الاقتصادية الموثقة بالأدلة والأرقام .. إنزوى عن العالم وانطوى على نفسه وأستسلم للقدر الغاشم الذي لا يرحم حتى طواه الردى... كثيرة هي العروض والاغراءات التي تلقاها ليغادر "السفير" ولكنه كان يرفضها كلها معتبراً أن " السفير" أصبحت جزءاً من حياته وأن إطلالته على الحياة العملية كانت بدايتها منها ونهايتها لن تكون إلا معها...
عدنان حقق أمنيته بأن يصبح صوت الذين لا صوت لهم وهو الشعار الذي اختارته جريدة السفير عنواناً لها... ابو محمد الى جنان الخلد يا حبيباً لم يعد يفيدنا الاعتراف بالتقصير بحقك فغادرتنا بعد ان تركت في قلوبنا ونفوسنا حزناً وشوقاً وجرحاً ووجعاً.. ودّعت هذه الحياة بعد أن كتبت آخرسطر من روايتها المؤلمة.. توجعت.. تألمت.. ابتعدت عن الناس.. قلتها وأكررها اليوم: ان الموت لا يوجع الموتى، الموت يوجع الأحياء...
العزاء كل العزاء لتلك السيدة الصابرة "ام محمد" التي تحملت من العذابات ما لم يتحمله أيوب فتعبت وتألمت وصبرت وتقبلت المصاب بعزيمة الرجال فاليها الف تحية وسلام والى إبنك محمد الذي كنت تفاخر به والى شقيقه احمد الذي كنت تعتز به ايضاً والى عائلة الحاج والى أسرة جمعية المحررين الاقتصاديين وكل محبيك كل العزاء.
المصدر :جنوبيات |