ضجّ العالم بإعلان رئيس دولة فلسطين محمود عباس، عن المجازر، المُرتكبة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، والتي لم تتوقف حتى يومنا هذا، مُشبهاً ذلك بـ«الهولوكوست» التي ارتُكبت بالقرن الماضي، والمُدانة بأشد العبارات، وهي من أبشع الجرائم التي حدثت في تاريخ البشرية الحديث.
مواقف الرئيس «أبو مازن» جاءت رداً على سؤال خلال المُؤتمر الصحفي المُشترك الذي عقده مع المُستشار الألماني أولاف شولتس، في ختام اللقاء معه في برلين، حيث أعلن «أن «إسرائيل» ارتكبت مُنذ العام 1947 حتى اليوم، 50 مجزرة في 50 موقعاً فلسطينياً.. 50 «هولوكوست»، وإلى الآن هناك قتلى وكل يوم يُقتل الفلسطينيون بسبب قوات الاحتلال.. كفى تعالوا نصنع السلام والأمن والاستقرار».
الحقيقة التي تحدث عنها الرئيس الفلسطيني أمام العالم، مُثبتة بجرائم الاحتلال ومجازره المُتمادية، التي هدف منها إلى بث الرعب والخوف لدى الفلسطينيين، وكان ذلك عاملاً على إجبار الكثير على مُغادرة منازلهم تحت هول المجازر والتهديد، والوعود بالعودة، بعد خروج لأيامٍ عدة، استمرت أكثر من 74 عاماً.
بات واضحاً حجم المجازر الجماعية التي ارتكبها الاحتلال في قرى فلسطينية أو حتى ضد أشخاصٍ، وهي مُوثقة، مُدعمة بالأدلة والمُستندات، ومُستمرة مع تمييز عنصري تُنفذه سلطات الاحتلال بشكلٍ واضح.
وإذا كانت «الهولوكوست»، مُدانة، فلم يقترفها الفلسطينيون، بل إن المُتهم بها ألمانيا، التي عليها وعلى العالم وقف «الهولوكوست» الإسرائيلي المُستمر ضد الفلسطينيين، بارتكاب مجازر وقتلٍ وتدميرٍ، وارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية، وأيضاً استهداف الأرض والمُقدسات الإسلامية والمسيحية.
لذلك، فإن الرئيس عباس الذي يعمل على تحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة وعاصمتها القدس، يدعو من كل المنابر، إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، في طليعتها الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والأُمم المُتحدة، التي اعترفت بالكيان الإسرائيلي كدولة، ولم تعمل حتى الآن على تكريس وتجسيد الاعتراف بالدولة الفلسطينية المُستقلة، التي ما زالت تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وإذا كان المُستشار الألماني شولتس، قد برّأ دولة الاحتلال الإسرائيلي من كونها دولة تمييز عنصري، فإن ما ترتكبه يُؤكد هذا التمييز، والمسؤولون الألمان والأوروبيون ومُمثلو الأُمم المُتحدة ومُؤسسات ومُنظمات وحقوق الإنسان العالمية، تثبتوا من ذلك بشكلٍ ملموس على أرض الواقع.
فقد انتقد رئيس «حزب الديمُقراطيين المسيحيين» الألماني المُعارض فريدريخ ميرتس، طريقة رد المُستشار شولتس، بالقول: «كان يجب على شولتس الرد على أقوال الرئيس عباس ومُطالبته بمُغادرة ألمانيا على الفور».
قُوبلت مواقف الرئيس «أبو مازن» بهجومٍ أميركي وإسرائيلي، بشكل مُمنهج ومدروس، يُحاول قلب الحقيقة عن العدوان الإسرائيلي ومجازره.
فقد علّقت المبعوثة الأميركية الخاصة لمُراقبة ومُكافحة مُعاداة السامية ديبورا إي ليبستات عبر حسابها على «تويتر»، قائلةً: «يُمكن أن يكون لتشويه «الهولوكوست» عواقب وخيمة ويُؤجج مُعاداة السامية، وإدعاء الرئيس عباس بأن «إسرائيل» ارتكبت 50 محرقة، غير مقبول».
سريعاً رد رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية يائير لبيد عبر حسابه على «تويتر»، قائلاً: «إن الحديث لا يدور عن وصمة عارٍ أخلاقية، بل أيضاً عن تحريف فظيع للتاريخ. إن 6 ملايين يهودي أبيدوا في «الهولوكوست»، بينهم مليون ونصف مليون طفل، التاريخ لن يغفر لـ«أبو مازن» ذلك».
من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي في حكومة تصريف الأعمال بيني غانتس: «إن كلام «أبو مازن» شائن وكاذب، ومُحاولة لتشويه التاريخ وإعادة كتابته، إن المُقارنة مُؤسفة التي لا أساس لها من الصحة، بين المحرقة التي قام بها الألمان ومُساعدوهم، وبين الجيش الإسرائيلي الذي يحمل نهضة «إسرائيل» في أرضها ومُواطني «إسرائيل» وسيادتها ضد «الإرهاب الوحشي» هو إنكار للمحرقة».
هذا في وقتٍ، يُواصل فيه المسؤولون الإسرائيليون التسابُق لخوض استحقاق الانتخابات العامة الـ25 لـ«الكنيست»، ويُحاولون المُزايدة فيما بينهم على حساب الدم والحقوق الفلسطينية، واستثمار ذلك في صناديق الاقتراع لكسب الأصوات، وترجمة ذلك أكثر تمثيلاً في «الكنيست»، التي تُعاني فقدان أي من المُعسكرين المُتنافسين، الحصول على أكثرية لتشكيل الحكومة على أبواب الانتخابات الخامسة خلال 3 أعوام، التي ستُجرى في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2022!