يتسابق المسؤولون الإسرائيليون لكسب أصوات الناخبين في الانتخابات العامة الـ25 لـ«الكنيست»، المُقرر إجراؤها يوم الثلاثاء في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
هذه الانتخابات، التي تُجرى بعد 70 يوماً، هي الخامسة خلال أقل من 3 أعوام، في ظاهرة غريبة لم يشهدها الكيان الإسرائيلي مُنذ إنشائه قبل 74 عاماً.
يبدو أنها ستُواجه المأزق ذاته، بحيث يتوقع أن لا تكون نتائجها مُغايرة عما سبقها، لجهة عدم إمكانية أي من المُعسكرين المُتنافسين، تأمين أغلبية حتى ضئيلة، لن تصل إلى 61 نائباً في «الكنيست» لضمان تشكيل حكومة، وهو ما يُوحي أن الاحتمالات كبيرة بالتوجه قريباً إلى انتخابات سادسة!
في الطريق إلى صناديق الاقتراع، فإن رئيس حكومة الاحتلال لتصريف الأعمال يائير لبيد، حقق حلماً لم يكن من المُمكن تحقيقه لولا الظروف التي رافقت تشكيل الحكومة، بائتلافه مع رئيسها السابق نفتالي بينيت، واستفادته من تجربة شريكه في الائتلاف السابق رئيس حزب «أزرق أبيض» بيني غانتس، عندما وقع اتفاق التناوب مع رئيس حكومة الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو، الذي نكث بالاتفاق قبل موعد تسليمه غانتس رئاسة الحكومة، فجرى حلها.
حتى الآن، ما زالت الانتخابات تتركز على عنوان واحد، كيف يُمكن لكل فريق أن يُزايد على حساب الدم الفلسطيني، والحقوق المشروعة لشعب اقتُلع من أرضه، ومن ما زال صامداً يتعرض للتمييز العنصري، وجرائم حرب وضد الإنسانية، ومُحاولات «ترانسفير» لإقامة «دولة يهودية» خالية من العرب، وإن بقي قلة منهم، فهم مُواطنون من الدرجة الثانية، وليسوا أصحاب الحق بأرض المُقدسات.
السباق هو بين اليمين المُتطرف، الذي يقوده نتنياهو مع عدد من الأحزاب، لكن يتوقف عدد المقاعد التي قد ينالها هذا المُعسكر على 59 مقعداً.
في المُقابل، فإن الأحزاب الأخرى اليمينية الأكثر تطرفاً، وحتى الوسط واليسار، التي أصبحت تُغالي بالتطرف، تسود بينها الخلافات في طروحاتها، لكن تلتقي على قاسم مُشترك، وهو خصومة نتنياهو، والسعي لمُحاولة إزاحته عن المشهد السياسي!
بات واضحاً أن نتنياهو ما زال الأقوى برئاسة «الليكود»، حيث منحته استطلاعات الرأي 33 مقعداً.
بينما «شاس» برئاسة يوسي طييف يتوقع أن ينال 9 مقاعد، و«يهدوت هتوراة» برئاسة موشيه غافني 7 مقاعد.
وسُجل تطور هام، بالخلاف داخل «الحركة الصهيونية» الذي أعطتها الاستطلاعات 10 مقاعد، بالانقسام بين حزبيها.
فقد أعلن رئيس حزب «القوة اليهودية» عضو «الكنيست» إيتمار بن غفير، خوض الانتخابات بشكل مُستقل بعد الخلاف مع حليفه عضو «الكنيست» رئيس حزب «الصهيونية الدينية» بتسلئيل سموتريتش، على تقاسم المراكز في القائمة، حيث يُطالب سموتريتش بـ6 مراكز ضمن الـ10 الأولى.
وقد أوضح بن غفير أنه «تخليت عن المركز الأول والمُساواة، ولم يُرضي كل ذلك سموتريتش، الذي لا يُريدنا أن نخوض الانتخابات بقائمة واحدة».
وأعلن أنه «أعطت استطلاعات الرأي حزب «القوة الدينية» 8 مقاعد، وحزب «الصهيونية الدينية» 5 مقاعد».
وقد استفاد بن غفير من التطرف، بعدما كان يُهرول خلف نتنياهو لضمان دعمه بالوصول إلى «الكنيست»، وهو ما جرى بجمعه مع سموتريتش في قائمة واحدة، ودعمه بأصوات من مُناصري «الليكود»، ما جعل هذا الائتلاف يحصل على 4 مقاعد في «الكنيست».
يقود بن غفير «حركة الحاخام كهانا»، وأصبح بن غفير الآن يُشكّل ثُقلاً داخل اليمين المُتطرف و«الإرهاب» المُنظم بقيادته اقتحامات غُلاة المُستوطنين باحات المسجد الأقصى ودعم مُرتكبي الجرائم ضد الفلسطينيين.
أعلن بن غفير أنه بعد انتخابه في «الكنيست» المُقبل سيعمل على إصدار قانون لترحيل كل من يُعادي دولة «إسرائيل»، أو ينتقد الجيش، بمن فيهم أعضاء «الكنيست» و»القائمة العربية المُشتركة» وترحيل رئيسها أيمن عودة في القطار، فضلاً عن مُهاجمته الجمعيات والهيئات اليهودية التي تعملُ من أجل السلام.
استخدم بن غفير، أسلوب الوعيد والتهديد وبطرد ونفي وقتل كل يهودي غير صهيوني، ويُعارض الدولة التي تُمارس التطهير العرقي و«الإرهاب».
قوبلت تصريحات بن غفير بردٍ من رئيسة حزب «ميرتس» سابقاً زهافا غالؤون، التي أكدت أنه «حان الوقت لطرد بن غفير من الكنيست».
فيما في مُعسكر الائتلاف الحالي، فإن الاستطلاعات أعطت بأنه قد يتمكن من حصد 55 مقعداً، بحيث ينال «يش عتيد» 25 مقعداً، حيث يُراكم لبيد الاستفادة من عُدوانه والمجازر التي يرتكبها ضد الفلسطينيين، حصداً لمزيد من المقاعد، بعدما كانت الاستطلاعات قد منحته سابقاً 21 مقعداً.
هذا في وقت يُحاول فيه رئيس حزب «أزرق أبيض» غانتس وحليفه رئيس حزب «أمل جديد» جدعون ساعر، توسيع مُشاركة شخصيات في القائمة التي شكلاها لخوض الانتخابات، واختارا لها اسم حزب «الوحدة الوطنية»، بأن انضم إليها رئيس الأركان السابق لجيش الاحتلال الجنرال غادي أيزنكوت، الذي سيكون في المرتبة الثالثة في القائمة بعد غانتس وساعر.
كذلك، انضم إلى القائمة، عضو «الكنيست» وزير الخدمات الدينية مُمثلاً لحزب «يميننا» ماتان كهانا، وسيكون رقمه 9 على قائمة المُرشحين.
وقد أعطت الاستطلاعات هذه القائمة 14 مقعداً.
أما حزب «العمل» برئاسة ميراف ميخائيلي، فقد أعطتها الاستطلاعات 7 مقاعد، و«إسرائيل بيتنا» برئاسة أفيغدور ليبرمان 5 مقاعد، و«القائمة العربية المُوحدة» برئاسة منصور عباس 4 مقاعد.
هذا وتُواجه وزيرة الداخلية ورئيسة حزب «يميننا» أييليت شاكيد مأزقاً، بعد تخلي رئيس حكومة الاحتلال السابق وحزب «يميننا» نفتالي بينيت عن رئاسة الحزب، وتشكيلها مع رئيس حزب «ديريخ إيريتس» وزير الاتصالات يوعاز هندل قائمة «الروح الصهيونية» المُشتركة.
حتى الآن، فإن استطلاعات الرأي تُعطي هذه القائمة 1.25%، ما يعني أنها لن تتمكن من تجاوز نسبة الحسم البالغة 3.25%.
كما أن حزب «ميرتس» برئاسة موسي راز، لم يتمكن أيضاً من تجاوز نسبة الحسم.
بينما أعطت الاستطلاعات «القائمة العربية المُشتركة» برئاسة أيمن عودة 6 مقاعد.
ووصل الأمر إلى تحريض الصحافة العبرية ضد «القائمة العربية المُشتركة»، مع بث إشاعاتٍ عن خلافاتٍ بين مُكوناتها الحزبية الثلاثة.
وأيضاً بالإشارة إلى أن لقاءً عُقد بين أعضاء هذه القائمة: أيمن عودة، أحمد الطيبي وسامي أبو شحادة، مع رئيس جهاز المُخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج في رام الله، الذي طالبهم بالحفاظ على «القائمة المُشتركة» والعمل على إعادة التحالف مع «القائمة المُوحدة» التي يترأسها منصور عباس، وذلك خشيةً من عودة نتنياهو إلى الحُكم، جرّاء انخفاض نسبة التصويت في المُجتمع العربي.
هذا علماً بأن المسؤولين في السلطة الفلسطينية يعقدون اجتماعات مع أعضاء «الكنيست» العرب واليهود، من دون تدخُلٍ في الانتخابات الإسرائيلية.
وذكر «الليكود» أنه يعتزم الاتصال بجهاز «الشاباك»، وطالب الشُرطة بإجراء تحقيقٍ شامل في هذا الأمر الخطير، بتدخُل السلطة في الانتخابات الإسرائيلية والتحريض ضد نتنياهو.