«كل المؤسسات الأمنية مستنفَرة من الآن وحتى ما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية». هذا الاستنفار يستوجب، بحسب مرجع أمني لبناني، «تضافر جهود جميع الأجهزة، من أجل توسيع مساحة الرصد أمنياً وجغرافياً ومن أجل استخدام أفضل للطاقة الأمنية القصوى في اتجاهات متعددة في هذه اللحظة المفصلية».
هي أيام سياسية ـ رئاسية بامتياز، سيكون أبرز الغائبين عن تفاصيلها المحلية، رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يغادر اليوم على رأس وفد نيابي وإداري وإعلامي للمشاركة في المؤتمر البرلماني الدولي، في جنيف، على أن يعود الى بيروت يوم السبت في التاسع والعشرين من تشرين الحالي، فيترأس جلسة الحادي والثلاثين المخصّصة لتكريس انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، في ظل تقديرات بأن ينال «الجنرال» ما بين 84 الى 87 صوتاً من أصل 127 (راجع «البوانتاج» ص. 3).
وفيما يواصل عون و «تكتل التغيير» حركة تشاورهم مع بعض الكتل والقيادات، على أن تشمل في الساعات المقبلة رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، كان لافتاً للانتباه، أمس، صدور الموقف الأول من نوعه للإدارة الأميركية من الاستحقاق الرئاسي اللبناني.
فقد أبدى وزير الخارجية الأميركي جون كيري حذراً في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، وقال رداً على سؤال لدى استقباله نظيره الكويتي صباح الخالد الصباح في مقرّ الخارجية الأميركية: «نحن نأمل بالتأكيد أن (يحدث) تطور في لبنان، لكنني لست واثقاً من نتيجة دعم سعد الحريري (..) لا أدري». وأضاف كيري بحذر «نحن نأمل أن يتمّ تجاوز هذا المأزق الذي يؤثر على لبنان والمنطقة».
في هذه الأثناء، ينتظر أن تتوجّه السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيث ريتشارد الى بلادها من أجل تزويدها بتوجيهات ديبلوماسية جديدة ربطاً بالاستحقاق الرئاسي، وهي أبلغت الرئيس سعد الحريري الذي طلب الاجتماع بها، في إطار استدعائه معظم سفراء الدول الكبرى في بيروت، أن بلادها لا تمانع أي خيار يتوصل إليه اللبنانيون من أجل ملء الفراغ الرئاسي، ونفت كل ما يُشاع عن تقليص المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني، وقالت إن هذا البرنامج العسكري لن يتأثر وستواصل بلادها تزويد الجيش بالأسلحة والذخائر، وأكدت أن الأولوية لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، وقالت إن بلادها مهتمة بالدرجة الأولى بالحفاظ على استقرار لبنان وإعادة تفعيل مؤسساته الدستورية.
عدم الممانعة الأميركية، قابلها موقف خليجي مماثل، إذ إن الرئيس الحريري ولدى تدقيقه في بعض التصريحات الخليجية في بيروت، تبين له أن مرجعاً رئاسياً لبنانياً سابقاً، بادر الى استدعاء عدد من السفراء الخليجيين وطلب إليهم أن ينقلوا الى بلادهم «مخاطر ومحاذير» يمكن أن تترتّب على انتخاب العماد عون، وخصوصاً ما يتصل بقيادة الجيش وهرميته والتأثير على قراره وبرامجه وعقيدته!
ولاحقاً، بادرت دوائر خليجية إلى الاتصال بمسؤولين رسميين لبنانيين وأبلغتهم حقيقة موقفها الذي يتقاطع الى حد كبير مع موقف الولايات المتحدة (عدم الممانعة). وقالت مصادر ديبلوماسية عربية إن عدم الحماسة لأحد الخيارات الرئاسية لا يعني الاعتراض عليه أو الوقوف ضده، كما يحاول البعض أن يصوّر موقفنا.
شبكات إرهابية.. «بالجملة»
في هذه الأثناء، كشفت مصادر أمنية أن مديرية المخابرات في الجيش اللبناني والمديرية العامة للأمن العام تمكّنتا من إلقاء القبض على شبكة إرهابية كانت تنوي تنفيذ تفجيرات خلال الأيام العشرة الأوائل من شهر محرم، وهي واحدة من بين عشر شبكات تم إلقاء القبض عليها في الفترة نفسها (6 شبكات لدى الأمن العام).
وقالت المصادر إن تقاطع معلومات أمنية جعل الأمن العام يلقي القبض على أحد الانتحاريين في منطقة الكولا، وقد اعترف بأنه كان ينوي تفجير نفسه بحزام ناسف بمستشفى الرسول الأعظم، ولاحقاً تم التعرف على إرهابيين ساعدا الانتحاري في قضايا لوجستية، وتم تسليم الثلاثة لمديرية المخابرات التي كانت على تنسيق يومي مع الأمن العام، حيث تمكنت من توقيف انتحاري قبل ساعات من تفجير نفسه بمسيرة عاشورائية في الضاحية الجنوبية.
ووفق المصادر نفسها، فإن الانتحاري الثاني (ع. ب) ألقي القبض عليه في محلة الطيونة، وتبين أنه كان يتواصل مع مشغِّليه في الرقة (هناك مشغِّلان الأول لبناني (من آل الصاطم) والثاني سوري يدعى «أبو ماريا»)، حيث طلبا منه انتظار «الدليفري» (الحزام الناسف)، وكان مطلوباً منه أن يتوجه سيرا على الأقدام باتجاه الضاحية وأن يفجّر نفسه في أول مجلس عاشورائي قيد الانعقاد.
وكرّت سبحة توقيفات هذه الشبكة، ليبلغ العدد الإجمالي 11 موقوفاً، أحدهم أوقف قرب الرسول الأعظم (طريق المطار القديم)، وتبين أن أعضاء الشبكة، ممن كانوا سينفذون أعمالاً إرهابية، لا يعرفون بعضهم بعضاً، ويسري ذلك على من كانوا يتولون أمورهم اللوجستية، فضلاً عن تأمين الأحزمة الناسفة لهم.
وفي هذه الأثناء، أحال الأمن العام الى القضاء العسكري المختص شبكة صور التي كان ألقي القبض على ثلاثة من أفرادها في حي بربور في المزرعة في بيروت، وتبين أنها تسعى إلى تنفيذ ثلاثة أهداف:
أولا، استطلاع طرق عبور وتنقل قوافل «اليونيفيل» في الجنوب وصولاً الى الناقورة، وقد تبين أن الشبكة كانت ترسل صوراً وإحداثيات ومعلومات بطريقة شبه يومية الى المشغّلين في الرقة (تمّت مصادرة جهاز الكومبيوتر).
ثانياً، استهداف أحد المطاعم في مدينة صور.
ثالثا، استهداف أماكن تجمع الأجانب في مدينة صور (على الأرجح عائلات ضباط وجنود قوات «اليونيفيل»).
واعترفت هذه الشبكة بأنها كانت في انتظار وصول انتحاريين مجهَّزين بأحزمة ناسفة لتنفيذ المخطط المذكور.