![]() |
الاثنين 5 أيلول 2022 11:25 ص |
بماذا أخطأ السنّة والحريري وتياره؟ |
![]() |
* جنوبيات كثير ما نسمع في الآونة الأخيرة جملة «أي اتفاق خارجي سيكون على حساب لبنان وعروبته وبالتالي تسليم لبنان سلفاً إلى أي دولة إقليمية وانسلاخه عن محيطه العربي» وفي الحقيقة هذا التحليل قمة في الدجل السياسي لعدة أسباب، أولها أن لبنان عضو مؤسس في جامعة الدول العربية، وليس آخرها العروبة. هي مبادئنا وقيمنا وثقافتنا وأمور كثيرة مشتركة لا يمكن استبدالها أو انتزاعها، هي جينات التاريخ العربي الأصيل. نعم لا ننكر أن لبنان يعيش اليوم أزمة اقتصادية وسياسية داخلية وخارجية أثّرت على علاقته بالدول الخارجية وخاصة الدول العربية، لكن هذا لا يعني تخلّي لبنان عن عروبته كما لا يعني تخلّي العرب عن لبنان، هي غيمة صيف وستمضي، هي مرحلة «تنخيل» الصديق من المنافق لكن علينا تحديد الأسباب التي دفعت إلى عزلة لبنان وتسليمه وجعله رهينة الخارج.
إن من يريد تسليم البلد هو من يصنع قانون انتخابي هجين مفصّل على قياس الأحزاب الطائفية والمذهبية والمناطقية. ومن باب اللياقة والتذكير لبعض الذين عرضوا الأكتاف والذين ظلموا وحملّو الآخرين أوزار المرحلة الماضية منذ سنة 2005، بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع رفاقه حصل عدد كبير من الاغتيالات استهدفت شخصيات على مساحة الوطن.
ماذا حصل بعد زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس 2006 والاجتماع مع شخصيات رسمية وسياسية وبعض الوجوه الاجتماعية التي قالت آنذاك نحن على أبواب شرق أوسط جديد؟!
فها هي الانتخابات النيابة قد مضى عليها أكثر من ثلاثة أشهر ولم نرَ من الوعود والخطابات السياسية شيئاً سوى الشعبوية، لا أحد يحمل مشروع سياسي حقيقي وطني عروبي غير طائفي أو يملك خارطة طريق واحدة للخروج من المحنة التي نمرّ بها.
إي وجه لبنان يريدون: لبنان المنفتح على الشرق والغرب، لبنان الرسالة أم لبنان الكانتونات الطائفية والمذهبية والمناطقية المعزولة؟! فالمطلوب اليوم ونحن على أبواب الاستحقاق الرئاسي شخصية حقيقة وقوية لرئيس الجمهورية يؤتمن على حكم البلاد والعباد خصوصاً لبنان يتمتع بصيغة خاصة وحسّاسة ويجب على الجميع احترامها، عندما يكون الرئيس صانعأ مجد المؤسسات لا أحد يستطيع أن يسيطر على صلاحياته وعندما يكون الرئيس صاحب رؤية إصلاحية وغير متحيز لفريق دون الآخر، فهو من يملك الشرعية ومصدر توجيه السلطات وأساس نهوض الوطن ومؤسساته والانفتاح على العالم أجمع، فمثلما يؤخذ بعين الاعتبار الرغبة الأكثرية المسيحية يجب أيضا أخذ بعين الاعتبار الأكثرية الإسلامية وخاصة الطائفة السنية وبشخص رئيس الحكومة وعدم الاستقواء والتذاكي على القانون ومحاولة وضع اليد على صلاحيات رئاسة الحكومة، واستخدام فائض القوة لدى القوى السياسية للتحكم والسيطرة على قرار الدولة وربط مصير لبنان واللبنانيين بصراعات الإقليمية، إذا كان حقاً نريد الحفاظ على ما تبقّى من دولة وعدم التدخل في شؤون الآخرين ونقل صراع العالم إلى الداخل اللبناني وربط البلد وأكثرية أبنائه بمحاور لا تغني من جوع.
بعد هذه المراجعة هل أخطأ سعد الحريري وتياره والسنّة عموماً بعدم الدخول في حرب طائفية تؤدي إلى تغيّر ديمغرافي وإنشاء دويلات فدرالية كما يحلو لبعض؟ من المسؤول عن هذه الأجيال الصاعدة؟ عن أي انتماء وطني نتكلم؟ وأي مستقبل لبلد مرهون بهكذا أفكار تقسيمية تقودها عقول منغلقة تعود إلى مجاهل العصر الحجري؟ هل المطلوب أن نعيش وسط منهاج التطرف الديني والسياسي والأخلاقي يلغي وجه لبنان الجميل ووحدته بعيداً عن الانقسامات الطائفية والمذهبية والمناطقية، السؤال يطرح نفسه ربما يكون الجواب في المستقبل القريب. المصدر :اللواء |