الاثنين 24 تشرين الأول 2016 19:51 م |
الدولة البخيلة تلعب "الغميضة" على طريق المطار! |
"طريق المطار بتشيّب، طريق المطار شي بشرّف، طريق المطار شو فوضى"...هكذا وصف الفنان غسان الرحباني "مدخل لبنان" منذ أكثر من عشر سنوات. حينها، كانت "المآسي" تقتصر على "جورة" من هنا وغسيل منشور بوضوح على مرأى من السيّاح. "غمضلو عيني، وسكرلو ديني، ومازة زغيرة بالسيارة وفستق وبوشار" لإلهاء الزائر عن رؤية المناظر "الجرصة" من حوله. واضحٌ إذاً أن الروائح النتنة لم تكن متفشيّة في المكان، وإلا لطلب الرحباني أيضاً حقن ضيفه بإبرة بنج لا يصحو منه إلا بعد اجتياز... طريق المطار! غريبٌ عجيب أمر هذه الطريق حقاً! شهدت كلّ أنواع الفضائح على مرّ السنين، وما زالت، حتى باتت تختصر لبنان كلّه. قطع طرقات، إشعال دواليب، سرقات، هجرة أدمغة وشباب، نفايات ومسالخ، سيطرة قوى سياسية، فيضانات في الشتاء، أنفاق بلا أضواء، ازدحامات مرورية، أبنية عشوائية، ملامح فقر، ولادة ثورات فاشلة، إعلانات، أشعار وشعارات... باتت بوابة لبنان محطّ الأنظار، وفي الوقت عينه، مرمية على هامش الاهتمامات والمسؤوليات. وعلى رغم كلّ همومها، أضحت طريق المطار لسان حال الغاضبين والعاشقين والثائرين وهواة الفنّ والمخرّبين. لسنوات طوال، كانت الجدران هناك تتكلّم، إلى أن قررت الدولة، بإدارتها المعنيّة، تجميل مدخل العاصمة. كان لا بدّ من إزالة كلّ الرسومات والشعارات والكلمات. كان لا بدّ من طلاء الحائط، وهكذا صار. دُهنت الجدران.. أو بعض أجزائها! الدولة من دون موازنة عامة، فمن أين تأتي بأثمان البويا؟! من يسلك اليوم طريق المطار، سوف يتسنّى له التأكد من ذلك "بأمّ العين"! فكما تُظهر الصور المرفقة، لم يتمّ طلاء الحائط بأكمله، فيتحقق الهدف المنشود (تجميل الواجهة)، إنما أخفيت "آثار" "السبراي" الأسود فقط. في بعض النقاط، لا تزال بعض أجزاء الأحرف ظاهرة، في مشهد يستدعي الضحك والبكاء معاً. "بقوسي، أنا هنا"، يقول قلب عاشق "سودة". وفي بعض الأماكن الأخرى، يسير "الأبيض" بشكل متعرّج...ولا، لم تولد أي تحفة فنيّة! على هذا الحائط، ما يستحق الكتابة! فعلها بعض شبان الحراك المدني الذين سارعوا الى التعبير عن غضبهم، كتابة على الطلاء الجديد. "خلاصة" تقرير مراسلة الـ MTV نوال بري ما زالت "صامدة" في مكانها ("برافو! الحيط نضف! بس روايح السموم.. لمين تاركينا؟!)". الأوضح من كلّ هذا، كان ما تركته الدولة اللبنانية عند طريق المطار. سنكتفي بوصفه بخلاً، لا أكثر ولا أقلّ... لم تعد "المهمة المستحيلة" تقتصر على سلوك تلك الطريق بروائحها المقرفة وحسب، بل تمددت حتى وصلت إلى ما بعد خلدة. هنا، اسُتنتسخت "جونيه" ثانية: أكشاك الشيبس والنسكافيه، الأفران ومحلات الدجاج والبيتزا والإطارات تتسبب بزحمة سير خانقة على الأوتوستراد الفسيح. "بقوسي"، يقفز أحد العمال ليستقرّ في منتصف الطريق، داعياً السائقين الى التوّقف والتبضع! ما من لبنانيّ إلا وطبعت لعبة "الغميضة" طفولته بالفرح والإثارة. لكنه اليوم يكرهها. ثمة من "يزعبر" متخطياً كلّ قواعدها وأصولها. المصدر :lebanon 24 |