السبت 17 أيلول 2022 21:15 م

حماية الصحفيين في ظل النزاعات


* جنوبيات

نظّمت "الحملة الأكاديمية الأردنية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني" ندوة بعنوان "حماية الصحفيين في ظل النزاعات/ النموذج الفلسطيني"، وذلك الساعة الثالثة بعد الظهر من يوم السبت الموافق 10 أيلول 2022، عبر تقنية زووم، شارك فيها متحدثون من كل من: الأردن، فلسطين، قطر، لبنان ومصر.


وقد استهل الحديث د. جمال زهران(من مصر)، رئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، حيث قال: بأنّ  الجمعية اتخذت قراراً مؤخراً بأن يكون أحد نشاطات الجمعية الأساسية في كل عام، مؤتمراً أو ندوة يكون عنوانها القضية الفلسطينية،بحيث تعقد بمناسبة فلسطينية لرفع مستوى الوعي العام، حيث ركّز على مركزية القضية الفلسطينية وفق ما تعلموه في المدرسة الناصرية.


كما  أكّد على ضرورة حماية الصحفيين في الأراضي العربية المحتلة، وأنه يجب رفع الاعتداءات عليهم من قبل الاحتلال لمحكمة الجنايات الدولية لمحاسبة صنّاع القرار الصهاينة على جرائمهم، وإيقاع العقوبات عليهم.


أمّا الأستاذ ياسر قشّي، رئيس قسم حماية الصحفيين والرصد والتوثيق بشبكة الجزيرة في قطر، والمحامي في مجال الدفاع عن الصحفيين، فقدنوّه إلى أهمية الندوة من حيث المحتوى،واقترح أن تكون على فضاء أوسع من المنصات الرقمية.


كما أكّد على اهتمام الجزيرة بهذا الأمر، حيث تم تنظيم ندوة دولية في الدوحه حول الواقع والتحدّيات التي يواجهها الصحفيون، والإغاثة الإنسانية في  مناطق النزاعات، وقال: يتوجب على أطراف النزاع وجميع الفاعلين إحترام وتطبيق القواعد التي فرضها القانون الدولي الإنساني لحماية الصحفيين، والتي لا تحترم ولا تطبق، وعزى ذلك لأنّ الصحفيين يكشفون الانتهاكات التي تقع من طرفيّ النزاع، وتدخلهم تحت طائلة المسؤولية الدولية الأخلاقية وسط شعوبهم، وبالتالي قد تؤدي إلى خلق أزمات داخلية، وعليه، فهم مستهدفون، وكذلك لغياب آلية المحاسبة الدولية، ما يشجع أطراف النزاع على انتهاك حقوق الصحفيين واستهدافهم.


واقترح حلولاً لذلك انطلاقاً من خبرة قناة الجزيرة في النزاعات المسلحة وآلية حماية الصحفيين، منها حماية الصحفي نفسه من خلال إخضاعه لدورات تدريبية مكثفة في مجال الأمن والسلامة المهنية، وأمن المعلومات، والإعداد النفسي، والإعداد القانوني،حيث يقلل ذلك من نسبة المخاطر بنسبة 60%، وتحدث عن ضرورة وجود مظلة دولية للصحفيين الفلسطينيين توفر لهم الحد الأدنى من الحماية الدولية، وضرورة تنظيم فئة الصحفيين المواطنين لحمايتهم، وذلك من خلال إدماجهم ضمن فئة الصحفيين.


كما أكّد على أهمية اللجوء إلى الآليات الدولية وتفعيل الآليات الخاصة بالحق والعدل والمساواة.
وتحدث عضو المجلس الوطني الفلسطيني وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الإعلامي هيثم زعيتر(من لبنان)،وبصفته أيضاً عضواً في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، عمّا يقوم به الجسم الصحفي الفلسطيني، خاصة على الصعيد الدولي، حيث أشار إلى أنه كان ضمن الوفد الفلسطيني الذي شارك في "مؤتمر الاتحاد الدولي الحادي والثلاثين" الذي عقد قبل أشهر في مسقط، وضم (13) صحفياً من الضفة الغربية، القدس وغزة، والذي طغى عليه استشهاد الإعلامية شيرين أبو عاقلة.


وقال: لقد حقّق الفلسطينيون إنجازات كبيرة، وانتخبت فلسطين، للمرة الأولى، نائباً لرئيس الاتحاد الدولي للصحفيين، من خلال نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر، الذي يتبوأ ثاني مركز على الصعيد العالمي بالإجماع في الانتخابات. كما تشارك فلسطين في اتحاد الصحفيين الآسيويين واتحاد الجندر، حيث تمكّن الفلسطينيون في ذلك المؤتمر من تحقيق إنجاز مهم أيضاً، تمثّل بانضمام إتحاد كتاب الصحفيين في الولايات المتحدة، للتوقيع على الانضمام لرفع دعوى إلى "المحكمة الجنائية الدولية" في قضية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، على الرغم من انحياز الولايات المتحدة للمحتل الإسرائيلي.


وقال: إنّ المحامية الدولية التي شاركت، تقدّمت بدعويين إلى الجنائية الدولية للشهيدين ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين، وأضيفت إليهما شكوى الشهيدة شيرين التي أصبحت موثقة بالأدلة والوثائق والشهود لدى المحكمة الجنائية الدولية.


وأكد أنه على الرغم من أنّ الشهيدة شيرين كانت ترتدي سترة واقية، عليها كلمة "صحافة"، وتضع كل ما يؤكد هويتها الإعلامية، إلا أنّ الاحتلال أراد هذا الاغتيال لمنع تغطيتها للاقتحامات في جنين.


وشدّد على أنّ قضية اغتيالها، وقضية القصف الإسرائيلي للبرج الذي تتواجد فيه قناة "الجزيرة"، ومنع الإعلام الفلسطيني الرسمي المتمثل بتلفزيون فلسطين وإقفال مكتبه بشكل متعمد ودائم في القدس، وتعرض الصحفيين الفلسطينيين لعمليات الاعتداء المباشر، كل ذلك يستوجب أكبر حملة تضامن مع الصحفيين الفلسطينيين.


ونوّه الإعلامي هيثم زعيتر إلى ضرورة أن يستخدم الصحفيون المصطلحات الحقيقية، كأن يقولوا الاحتلال والعدو الإسرائيلي، بدلاً من "إسرائيل".


كما أشاد بالموقف الأردني والفلسطيني، بالتكاتف مع الموقف العربي، وبموقف البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان لدعمهم للقضية الفلسطينية مع أحرار العالم، وقال: إنّ الإعلاميين الفلسطينيين لديهم مهمة  الدبلوماسية الفلسطينية، وإنّ الكلمة والصورة لهما تأثيرربما أكثر وقعاً من الرصاص في كثير من الأحيان.


وتحدّث عن حماية الصحفيين داخل فلسطين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وضرورة الإفراج عن الصحفيين المعتقلين، وتجريم قوات الاحتلال على جرائمها، ونشر الحقيقة الفلسطينية في مواجهة زيف ادعاءات الاحتلال الإسرائيلي.


كما طالب بضرورة إفراج سلطات الاحتلال عن الأسرى، خاصة الأسير المريض ناصر أبو حميد.
وتحدث د. محمد أبو مطر، أستاذ القانون الدستوري والعام في جامعة الأزهر- غزة حول الحماية القانونية للصحفيين، وقال: إنهم فئة تستحق أن تقدّم لها الحماية، لأنهم عرضة للاستهداف من قبل الأطراف المتنازعة، كما يجب تناول موضوع حمايتهم من عدة جوانب، منها وصف الصحفي في القانون الدولي، لأن ذلك يحدّد نطاق هذه الحماية، حيث يوفّر القانون الدولي لبعض الفئات حماية خاصة تتناسب مع طبيعة العمل الذي تقوم به.


وحول الوصف القانوني للصحفي، أوضح أنّ العديد من الاتفاقيات الدولية والنصوص الواردة في الأعراف الدولية والتي دونتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والقرارات الأممية، أقرّت بصفة الصحفيين على أنهم من المدنيين، وأنهم يحظون بالحماية ما لم يشاركوا بالأعمال العسكرية، وعزّز ذلك بعدة نصوص في القانون الدولي وفي قرارات مجلس الأمن تؤكّد علىأنّ الصحفي هو شخص مدني، وبالتالي يحظى بالحماية الدولية التي يوفرها القانون الدولي للمدنيين. وأضاف أنّ القانون الدولي الإنساني وفّر الحماية للصحفي أثناء جرحه أو إصابته، وحتى موته.


وفيما يتعلق باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، قال د. محمد أبو مطر: إنّ القانون الدولي الجنائي أو ميثاق روما هو اختصاص مكمل للقضاء الوطني، ما يعني أنه يشكل ضمانة للدول، ففي حال تقاعس القضاء الوطني عن ملاحقة المجرمين، يتدخل القضاء الجنائي الدولي، وإنه في تقرير الاحتلال الأخير، يتضح أنّ هناك تقاعس في عملية التحقيق، وأنّ هناك إخفاء للجريمة، ما يستدعي تحريك المساءلة الجنائية الدولية لقادة الاحتلال ومرتكبي هذه الجريمة أمام "المحكمة الجنائية الدولية".


وطالب بأن يصدر خطاب الحملات التي تنظم لدعم الشعب الفلسطيني لتتحول عملية الدعم إلى إسناد شعبوي.


ومن بين المتحدثين، كان الأستاذ عريب الرنتاوي (من الأردن)، رئيس مركز القدس للدراسات السياسية، الذي ابتدأ بملخص للموضوع قائلاً: من أمن العقاب أساء الأدب، واسترسل قائلاً: إنّ ما يتعرض له الصحفي الفلسطيني، يتعرض له الشعب الفلسطيني برمته، وإنّ نظام الفصل العنصري الذي تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطيني لا يبقي قطاعاً أو شريحة من هذا الشعب إلّا ويمسها مباشرة في أساسيات حقوقها الوطنية المشروعة والإنسانية. وإنّ الجديد، حسب قوله، إنه جرى توثيق نظام الفصل العنصري مؤخراً، بأفضل ما يكون وبدراسات متقنة وموضوعية صادرة عن مؤسسات لا يمكن اتهامها بالانحياز للشعب الفلسطيني ضد إسرائيل.


كما أكّد الرنتاوي على أنّ توثيق عضوية الصحفيين في نقابتهم، فضلاً عن الأطقم المساندة، يحل مشكلة تفاوت الأرقام في عدد الشهداء من الصحفيين،وذلك بين المصادر الفلسطينية والمصادر الدولية، وبين المصادر الفلسطينية ذاتها، وإنّ هناك مظلة دولية قانونية حمائية صلبة يمكن اللجوء إليها، حين يتصل الأمر بحماية الصحفيين في النزاعات. كما طالب بتجنيد وحشد أوسع حملات التأييد لصحفيين وإعلاميين تحت الاحتلال وتوفير الدعم والحماية لهم، ورصد وتوثيق انتهاكات الاحتلال، ومخاطبة جميع الجهات الدولية لنزع الشرعية عن الكيان، والتي – حسب قوله- أدرجها معهد الأمن القومي الإسرائيلي من تحدّيات الأمن القومي لإسرائيل، إلى جانب إيران والمقاومة الفلسطينية و"حزب الله"، وأنه على "إسرائيل" أن تتعامل معها، ما يستوجب أن تستمر الحملة لنزع الغطاء الشرعي عن إسرائيل، وأن يتكرّر نداء توفير الحماية الدولية للفلسطينيين في الأمم المتحدة.


واستهجن الأستاذ عريب العبارات التي تصدر من بعض عواصم الدول الغربية،بأننا نشترك و"إسرائيل" بمنظومة قيم ديمقراطية وحقوقية وأخلاقية عالية.


وتحدثت د. رانيا اللوح، رئيس جمعية حماية حقوق الإعلاميين الفلسطينيين (من غزة) قائلة: إنّحجم بشاعة الانتهاكات بحق الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين هو كانتهاك حقوق كل ما هو فلسطيني بشكل عام، وإنّ الشعب الفلسطيني يتعرض لاستباحة دم وانتهاك لم يسبق له مثيل، وإنّ إسرائيل تزداد إفراطا بالعنف وارتكاب الجرائم دون مساءلة يوماً بعد يوم، لأنها تأمن العقاب.


وأضافت أنّ المجتمع الدولي يعيش حالة نفاق وانحياز لإسرائيل، ويتعامل بازدواجية معايير، وعلينا القيام بجهد جبّار لحماية الفلسطينيين والصحفيين الفلسطينيين من الاعتداءات الإسرائيلية، كما أننا بحاجة إلى حشد الجهود لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية من جديد، وإلى إحياء الروح الوطنية والقومية العربية تجاه شعوبنا العربية، حيث كنا دائماً نعتمد على النبض العربي في مناصرة القضية الفلسطينية، ولكن الدعم العربي للقضية الفلسطينية يتلاشى يوما بعد يوم، والتطبيع له دور كبير في ذلك.


كما تحدثت د. رانيا حول ضرورة أن يكون هناك تواصل أكبر مع المناصرين للقضية الفلسطينية من العرب والأجانب، ونقل هذه التجربة الأكاديمية إلى جميع الدول العربية، كما أننا بحاجة الى استقطابات لجامعات ومؤسسات ومراكز أبحاث دولية.


وحول الدور الأمريكي من ناحية الدعم لإسرائيل، قالت د. اللوح؛ إن ذلك لم يتغير مع تغير الرؤساء والحكومات الأمريكية. وبالنسبة للانتهاكات الإسرائيلية من قتل واجتياحات واقتحام مقرات ومؤسسات واغتيال واعتقال صحفيين وتغريمهم وغيرها، قالت إنه تم تخصيص ساعات للحديث عنها، وإنّ الجرائم بحق الإعلاميين لا تعد ولا تحصى، بهدف إبعادهم عن مسرح الجريمة ولترتكب إسرائيل ما تشاء دون شهود عليها.


وأكّدت على أنّ "إسرائيل" تدّعي الديمقراطية، ولكنها في الحقيقة دولة إرهابية عنصرية، تمارس عنصريتها لأنها أمنت العقاب، فلا رادع لها من ارتكاب المزيد من الجرائم. وقالت إننا كإعلاميين وأكاديميين، علينا أن نبث الأمل دائماً في أنه مهما تمادى المجرم، إلّا أنه لا بد أن ينال عقابه.


وتم عرض فيديو مسجل ل د. لور أبي خليل، أمين عام التجمع الأكاديمي في لبنان لدعم فلسطين، تحدّثت فيه حول مسؤولية الحماية وعن تدهور الوضع الإنساني في فلسطين والظروف المعيشية الصعبة فيها، وقالت: يقع على العالم واجب أخلاقي في تعزيز الدعم الإنساني ومسؤولية الحماية للفلسطينيين تجاه كافة الانتهاكات التي يتعرضون لها.


كما أوضحت أنّ مفهوم مسؤولية الحماية، من أكثر المفاهيم التي تم الاسستشهاد بها في المسرح الدولي في أوائل القرن الحادي والعشرين، وتحدثت عن نقاط يجب أن تطبق عند التحدث عن مسؤولية الحماية، منها مبدأ السيادة، وعدم انتهاك الإلتزامات الدولية، والجهود الدبلوماسية للترويج للحق في المساعدة وتطوير العمل الإنساني، وأهمية الأمن الإنساني، وواجب التدخل من حيث المسؤولية، واستخدام الحق لمن انتهك حقه بالدفاع عن نفسه عبر تفعيل المقاومة الفكرية والعسكرية لضمان استعادة الحق.


وقالت: إنّ كل دولة لديها مسؤولية حماية سكانها من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العنصري والجرائم ضد الإنسانية، وما يجري في فلسطين يستدعي إجراءات جماعية، ينبغي أن يكون للوسائل السلمية دور فيها، وقصدت هنا دور وسائل الإعلام.


وأضافت: أن مسؤولية الحماية ليست قاعدة قانونية، لأنها لا تلزم الدول، إلا أنّه يمكن اعتبارها واجباً، لأن المسؤولية تعني التزام الدول بالمواثيق الدولية والاتفاقيات التي تضمن حقوق الإنسان، وأنّ الدفاع عن فلسطين هو حق وواجب، وتساءلت مستنكرة أين يكمن حق الدول العربية التي تخلت عن ذلك، وأين هو دور الصحافة العربية، حيث أنه ليس هناك أي تبرير للانتقائية.


كما تحدثت عن نظريات العلاقات التي تترجم بالتشبيك،والذي يفترض أن تقوم به وسائل الإعلام، لنقل حقيقة ما يحصل في فلسطين من تطرف عنيف تقوم به المنظمات الصهيونية ضد الشباب الفلسطيني والأطفال.
وحول الضغط الأخلاقي الذي لديه القدرة على تغيير السلوك، قالت إنه يجب أن يكون هناك غضب عالمي وضغوط كبيرة من قبل المجتمع المدني العالمي تجاه حقوق الشعب الفلسطيني التي تنتهك كل يوم، تحدّثت عن مبدأ عدم اللامبالاة في حالات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، حيث أنّ كافة الدول تعترف بضرورة التحرك عند حصول هذا الحالات، وهو ما يحدث في فلسطين، فالحرب – كما قالت- هي حرب مفاهيم، ويجب على الإعلاميين العرب استعمال هذه المصطلحات.


واختتمت د. لور أبي خليل حديثها حول مبدأ العدالة، الذي يلزم معالجة القضايا بصورة مماثلة.
وكان آخر المتحدثين من المشاركين د. محمد مصالحه، الأمين العام للحملة، حيث قال: إنّ "إسرائيل" تتبنى ما يسمى باستراتيجية الإزاحه، فهي لا تريد أن يتحدّث أحد في القضية الفلسطينية، وتعتمد في  ذلك مجموعة من الأدوات، منها: العنف ضد الناس لإسكاتهم ودفعهم لأن يرحلوا، والتطبيع، إنطلاقاً من أنه كلما زاد، كلما تضاءل الاهتمام بموضوع القضية الفلسطينية، والازدهار الاقتصادي الذي طرحه ترامب، بمعنى أنّه إذا حققت الشعوب الازدهار الاقتصادي، فإنها ستنسى حقوقهم السياسية وأوطانها.


وقال د. محمد مصالحه: إنّ هذا غير صحيح، وأعطى مثالاً على أنّ الفلسطيني يناضل منذ عام 1948 إلى اليوم، واستشهد بمقولة للمغفور له الملك حسين: إذا بقيت "إسرائيل" تعيش في عقلية القلعة واستخدام القوة، فإنها لا يمكن أن تصبح جزءاً من الشرق الأوسط.


وأضاف د. محمد قائلاً: إنّ هذا صحيح، فقد مضت سبعون سنة و"إسرائيل" تحارب من أجل وجودها، ولكن لا يوجد لها قبول وأن عليها أن تدرك ذلك، إلّا إذا انصاعت فعلا لمتطلبات السلام.


ومن ضمن الأدوات التي ذكرها د. محمد هو المشروع الجديد "الإبراهيمية"، بمعنى أنهم اعتقدوا أنه إذا تم توحيد الديانات، فإنه يمكن للناس أن تنسى قضيتها، قائلاً: إنّ القضية لن تنسى دون استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه.


وتطرّق د. محمد مصالحه للأسباب التي يجب أن يتمتع الإعلامي من أجلها بحق حمايته الجسدية، وحق حماية أدواته التي تساعده على العمل، ومن ضمن تلك الأسباب هو أنّ تغطية الحدث والوقائع، خاصة في ميادين القتال، ليس سهلاً، فالصحفي يؤدي خدمة وهو في الميدان، كما أنه يقدّم رسالة إنسانية لتنوير الرأي العام بفظائع الحروب، خاصة من الجهة الأقوى المتمكنة بالسلاح، ضد الأبرياء والمدنيين العزل.
وأضاف: إنّ الإعلامي يسعى إلى الحصول على المعلومات من مصادر رسمية ومن الميدان، ولا يمكن الحصول عليها إلا بوجوده في ميدان المعركة.


وكان لبعض المتحدثين والحضور مداخلات قيمة في نهاية الندوة، منها مداخلة د. حسين مرجين (من ليبيا)، الذي تحدث عن كيفية وصول التطبيع إلى مراحل التعليم الأساسي في الدول المطبعة، ومحاولة "إسرائيل" غرس مسألة التعايش والتطبيع عند الأطفال، وقال: إنّ واجبنا كأكاديميين التأكيد على المفاهيم، مثل ألّا نقول إسرائيل، بل الكيان الصهيوني، وكذلك التأكيد في مصطلحاتنا على وجود دولة فلسطينية على كامل التراب الفلسطيني، وأن نبعث رسائل تؤكد الهوية الفلسطينية لفلسطين، وأن نؤكد على الرفض الشعبي لحالات التطبيع وكذلك الرفض الشعبي لوجود الكيان الصهيوني .


كما عقّب حابس الشروف، نائب مدير معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي قائلاً: إنّ الندوة عبّرت عمّا يجول في خاطر كل عربي فلسطيني، وهذه الندوات تعبر عن نوع المقاومة (السلمية) أيّ مقاومة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال، فالإعلام أصبح هو السلطة الأولى في القرن الحادي والعشرين، وله دور كبير، وإنه مهما تحدّثنا عن الصحفيين ونضالاتهم، فإننا لا نكفيهم حقهم.


 التوصيات:
خرجت الندوة بالتوصيات التالية:
- ضرورة حماية الصحفيين في الأراضي العربية المحتلة.
- متابعة القضايا المرفوعة ضد الاحتلال ومتخذي القرار في "إسرائيل" لدى "محكمة الجنايات الدولية" لمحاسبتهم على جرائمهم ضد الصحفيين الفلسطينيين.
- التعاون والتنسيق مع "مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان" وقسم "حماية الصحفيين" لتنظيم أنشطة مشتركة عبر قناة "الجزيرة".
- إخضاع الصحفيين الفلسطينيين لدورات تدريبية مكثفة حول الأمن، السلامة المهنية، أمن المعلومات، الإعداد النفسي والإعداد القانوني، وذلك لتوفير الحماية الشخصية لهم وتمليكهم كل الوسائل الممكنة للحفاظ على حياته وعلى سلامته الشخصية.
- التعاون مع "شبكة الجزيرة" في تدريب الصحفيين الفلسطينيين، لأن لديهم منهج تدريبي متكامل، وكان موضع إشادة من قبل اليونسكو، كأفضل منهج تدريبي للمؤسسات الإعلامية.
- الحصول على دليل الأمن والسلامة المهنية الذي أعدته قناة "الجزيرة" من على مواقعها الإلكترونية للاستفادة منه.
- الاستمرار في فضح الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون، والقيام بتأسيس حملات دولية لتحقيق هذا الهدف.
- أن تسعى نقابة الصحفيين الفلسطينيين إلى العمل على انضمام كل صحفي فلسطيني كعضو في المؤسسات الدولية، سواء في الاتحاد الدولي أو في المعهد الدولي للصحافة، لأنّ ذلك يعتبر مظلة حقوقية وقانونية.
- الاستفادة من تجربة "الجزيرة" فيما يتعلق بالآليات الدولية والتعاون معها.
- توجيه نداء بضرورة إفراج سلطات الاحتلال عن الأسرى، خاصة ناصر أبو حميد.
- تصدير خطاب الحملة/ الحملات الأكاديمية ليتحول إلى إسناد شعبوي، وألّا يقتصر على النخبة والأكاديميين.
- توسيع قاعدة الأكاديميين للمشاركة في الحملات الأكاديمية، وذلك لإيصال الصوت الذي يصدر من خلال هذه الأنشطة إلى أبنائنا الطلبة في القضية الفلسطينية.
- توثيق العضويات لجميع الصحفيين والأطقم المساندة لهم في نقابتهم.
- تجنيد وتحشد حملات التأييد للصحفيين والإعلاميين تحت الاحتلال وتوفير الحماية لهم.
- رصد وتوثيق انتهاكات الاحتلال ومخاطبة كل الجهات الدولية لنزع الشرعية عن الكيان الصهيوني.
- زيادة التواصل مع المناصرين للقضية الفلسطينية في العالم.
- عدم حصر سبل المواجهة القضائية مع الاحتلال في "المحكمة الجنائية الدولية"، واللجوء إلى المحاكم  الوطنية في الدول الأوروبية.
- العناية في اختيار المصطلحات لدى الإعلاميين، كالكيان الصهيوني بدل "إسرائيل".
- ترويج الإعلام لمفهوم حقوق الإنسان.

المصدر :جنوبيات