الأحد 18 أيلول 2022 09:48 ص |
"في الشّعوذة وفنون السّحر" |
* جنوبيات الشّعوذة، وبرأي المرجع اللّغوي الكبير عبد الله العلايلي : الشّعبذة ، كلمة راجت وماجت في سياقات الحديث عن السّحر وفنونه ، كما عن طرائق الإحتيال ومجونه . وتتّفق الشّرائع السّماوية والمذاهب الفلسفية على تحريم الشّعبذة وفنون السّحر الأسود ؛ وترى أنّ هذه المهنة ، من الإمتهان ، لعلّها أن تكون من أقدم المهن التي أقدم عليها طبقة رجال الدين والعلوم الرّوحانية ، من أجل الإستحواذ على العامّة وإخضاعهم وابتزازهم . ولا يضارع هذه المهنة قدماً إلّا مهنة البِغاء المعروفة ب: ( البِغاء المقدّس ) لكن شتّان بين المهنتين والمعنيين ؛ اذ تظلّ مهنة البِغاء أقلَّ خطراً وأضعف أثراً على كيانات المجتمعات الإنسانية ، والحرّية الفردية ، من مهنة تتستّر بلبوس الدّين وعباءة الروح مُخضعة فريستها إلى ما يُسمى عند علماء الإجتماع والإنثروبولوجيين ب: ((العبودية غير المختارة )) . - المشعبذ أو السّاحر ؛ مفردتان مرعبتان ، تتجافى عنهما آذاننا مذ كنّا صغاراً ، ولا نتخايل عند سماعهما إلّا القصور المسكونة بالأشباح أو البراري المأهولة بالجن والعفاريت والسّعالي والغيلان.
- لا أذكر هذه الكلمات لأتّخذ منها أيّ موقف اعتقادي . وإنّما أمرّ عليها كذكرٍ اعتياديّ من ذاكريّات الطفولة وارتجاعيات الكهولة .
- بل إنّ بعض المذاهب الإسلاميّة والكاثوليكيّة يفتيان بقتل السّاحر منعاً لضرره العام على الإجتماع ومصالح الأنسنة . - وأختم من موقعي المعرفي ومحيطي العائلي بتبيان أنّ ما شاع على ألسنة الناس من حديث يُنسب إلى نبيّ الإسلام ، عليه وآله السّلام وهو : " تعلّموا السّحر ولا تفعلوا به " لم يثبت صدوره عنه وإن كان مشهوراً منذ زمنٍ باعدٍ . - وأخيراً ومن منطلق المعرفة الدّينية والإجتماعية وقبل التّطرّق إلى النّاحية القانونيّة : ما الشّعبذة إلّا طرائق تمويه ، وحبائل اصطياد ، يقع في شباكها الأغرار وضعاف الإيمان . فضلاً عن أولئك الّذين لا همَّ لهم إلّا أن يظهروا بمظهر أصحاب الخوارق في استعادة غير واعية منهم لزمن ( البطولة) وتاريخ (الأسطورة) .
- أمّا في القانون ، فإنّه لم يرد نصٌّ في قانون العقوبات اللّبناني تحت "باب" أو "فصل" يتعلّق بالشّعوذة والسّحر والتّنجيم ، وذلك بشكلٍ واضحٍ ؛ كما ورد في بقيّة الجّرائم ، كالقتل ، والاغتصاب ، والجرائم الّتي تمسّ الشّعور الدّيني ، والإحتيال ، والسّرقة .. إلخ....
- وبتاريخ عملي في النّيابة العامّة ، أوقفت الكثيرَ من المشعوذين وأحلتهم على المحاكمة " بعد صدور قرار إتّهامي بحقّهم" بجرائم الإغتصاب نتيجة لأعمال الشّعوذة والسّحر و (ما يُسمّى بالكتيبة ) مثال على ذلك : شخص قام بخداع امرأة حملت منه اعتقاداً منها أنّ زوجها هو والد الجنين ، بينما تبيّن بالتحقيق أنّ المشعبذ او المشعوذ هو الوالد الحقيقي بعد أن أخضع الإمرأة للتنويم المغناطيسي .
- كما أنّه يمكن أن يؤدّي التّنجيم وقراءة الغيب إلى جرائم الإعتداء على أمن الدولة الخارجي والدّاخلي والجرائم الّتي تمسّ الشّعور القومي والدّيني ، والحضّ على الفجور ، والفتنة والاقتتال الطائفي ، والتعرّض إلى الوضع الإقتصادي ؛ كلّ هذه الجرائم ممكن أن تحصل من خلال أفعال الشّعوذة وفنون السّحر . تحريضاً أكان أم اشتراكاً أم تدخّلاً أو فاعلاً معنويّاً من خلال استخدام البسطاء عن طريق تنويمهم مغناطيسيّاً أو عن طريق الإيحاء أو ما شابه . - صفوة القول : هناك تقصير واضحٌ في التّشريع اللّبناني وأطالب السّلطات المعنيّة إمّا عن طريق إحالة مشروع أو إقتراح قانون الى المجلس النيابي بغية إقرار قانونٍ ؛ يؤدي إلى تشديد العقوبة بمقدار الغاية المراد تحقيقها من اللّجوء إلى الشّعوذة والتنجيم .ولا ضرر على الإطلاق بالوصول إلى عقوبة جنائية .. المصدر :جنوبيات |