رأى رئيس "اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا" في لبنان والمُتخصّص بالأمراض المُعدية النائب الدكتور عبد الرحمن البزري "ما يحدث من انتشار لـ"الكوليرا" في لبنان، هو نتيجة للانهيار السياسي والاقتصادي في البلد، ونعلم أنّ انتشار المرض يتفاعل في سوريا مُنذ شهر آب/أغسطس الماضي، وهناك إصابات بالمئات، غالبيتها خارج نطاق السلطة السورية، ويزيد من ذلك حركة الزيارات للنازحين بين لبنان وسوريا، لذلك كان على لبنان أنْ يكون مُستعدّاً، لكن بسبب الواقع السياسي وانهيار الدولة اللبنانية، وتلكؤ المُؤسّسات الدولية عن إجراء صيانة جدية في البُنى التحتية لمُخيّمات النازحين السوريين، تفاقمت "الكوليرا"، التي تتوالد وتتكاثر في لبنان وليست مُستوردة بفعل اكتشاف حالات لبنانية لم تكن على تماس مع حالات سورية، ما يجعلنا نعتقد بوجود بؤر مُعينة لانتشار "الكوليرا" في لبنان".
وقال في حلقة برنامج "من بيروت"، على شاشة تلفزيون فلسطين، من إعداد وتقديم الإعلامي هيثم زعيتر، بعنوان "انتشار "الكوليرا" في لبنان .. سُبُل العلاج والوقاية": "بسبب انهيار البنى التحتية، فإنّنا نعود قروناُ عدة إلى الوراء، كان يُخشى من ظهور أوبئة أخرى مثل التهاب الكبد اليرقاني "الصفيرة من الفئة الأولى"، التي تتكاثر في لبنان مُنذ أشهر عدّة بحوالى 1500 إصابة، وهي مُرتبطة بسلامة المياه والصرف الصحي، فضلاً عن تواجد أعداد كبيرة من النازحين السوريين المُتنقّلين بين لبنان وسوريا، وعدم إجراء صيانة للبنى التحتية، فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي، وبالتالي انقطاع المياه، لذلك أصبحت النظافة الشخصية ونظافة الخضروات أقل، فضلاً عن عدم صيانة شبكات الصرف الصحي، الأمر الذي يتطلّب تعاملاً جدياً مع هذه المُشكلة".
ورأى النائب البزري أنّ "مُواجهة الأوبئة تتطلّب تضافر جهود جميع وزارات الكهرباء والمياه والداخلية وسائر أجهزة الدولة، وليس فقط وزارة الصحة، لأنّ إصابات "الكوليرا" تكون بأعداد كبيرة وليست حالات فردية، وذلك جرّاء التلوّث في المصدر الأساسي للغذاء والشراب، ويُمكن حصر هذه الظاهرة من خلال العمل جاهدين على تأمين المياه لهذه المناطق، والكشف على شبكة الصرف الصحي، وشبكة المياه التي تُغذي الخضروات والفاكهة، وتأمين البنى التحتية، والتأكيد على المُواطنين اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين اتخاذ الإجراءات الوقائية".
وأوضح أنّ "وزارة الصحة قامت بحملة إعلامية ونشرت ما هي نسبة الكلور، التي يجب استخدامها لتعقيم المياه، فضلاً عن مُطالبتنا قوى الأمن بتأمين كشوفات لمصادر تعبئة الصهاريج بالمياه، وعلينا التنسيق مع المُؤسّسات الدولية التي تُعنى بسوريا ولبنان، لذلك عتبنا عليهم عدم القيام بإجراءات الصيانة للبنى التحتية في هذه التجمّعات".
وإذ أكد أنّ "الواقع الاستشفائي تأثر بالواقع الاقتصادي"، كشف عن اتخاذ "خطوات بتعيين 10 مراكز لاستقبال مرضى "الكوليرا" في لبنان، خصوصاً في منطقة الشمال الأكثر تضرراً، لكن إجراءات الوقاية والعلاج من "الكورونا" أكثر تعقيداً، بينما "الكوليرا" فإنّ المُعالجة الأساسية لها هي بتعويض السوائل والأملاح، خصوصاً الذين لا يتقيأون ويُعانون من الإسهال فقط، فجهّزنا المصل، ونقوم بفحص نوعية الإصابات لتحديد المُضادات الحيوية، فإنْ كانت هذه الإصابات هي نفسها المُوجودة في سوريا، فإنّ المُضادات الحيوية المُتوفرة لدينا بشكل كافٍ، كما درّبنا العاملين في هذه المراكز على كيفية تعقيم براز المرضى لتصريفه في مياه الصرف الصحي، كي لا تتحول المراكز إلى مناطق لانتشار المرض".
وتوجه بالشكر إلى "الرئيس محمود عباس "أبو مازن" على الجُهد الذي وضعه لتطوير المُستشفيات والمراكز الصحية الفلسطينية في لبنان، وسفارة دولة فلسطين في لبنان و"مُنظّمة التحرير الفلسطينية"، والقوى الفلسطينية، لأنّه بتطوير هذه المُؤسّسات لم يتم مُساعدة الفلسطيني فحسب، بل تمّت مُساعدة اللبناني والسوري، ما جعل الواقع الصحي اللبناني أكثر متانة، على الرغم من صعوبته، وتعاوننا معهم جاء من مُنطلق الإيمان بأنّها مسؤولية وطنية وتاريخية، وليست مسؤولية إنسانية فقط، كما يجب التنسيق مع "الأونروا" لتحديد بعض المُستشفيات الفلسطينية في مُواجهة "الكوليرا" عند وصولها إلى مناطق ذات كثافة فلسطينية أو في مناطق تتوافر فيها مراكز صحية فلسطينية".
وختم النائب البزري: "هناك خطر على السلامة العامة للمُواطنين من تلوّث النفايات التي تُساهم في انتشار الأمراض، لكن ليس من المُستحيل مُعالجة هذا الأمر، لذلك على المسؤولين اتخاذ الإجراءات الوقائية، وعدم الاكتفاء بالتدخّل عند حدوث المُشكلة، ولقد تمكنّا من التخلّص من وباء "كورونا"، لكن لم نتخلّص من هذا الفيروس، ولم تتمكن كل دول العالم التخلّص من الوباء، ومن خلال التجربة السابقة نجد أنّ مواسم الأعياد وقدوم المُسافرين وفصل الشتاء، كلها عوامل تزيد من انتشار الفيروس، وعلينا التنبّه إلى إجراءات النظافة وتجنّب المُخالطة للحماية من الأمراض المُعدية".
شناعة
من جهته، أشار رئيس "قسم الصحة" في وكالة "الأونروا" في لبنان الدكتور عبد الحكيم شناعة إلى أنّ "الإجراءات التي اتخذتها "الأونروا"، كانت عبارة عن رزمة كاملة مُتكاملة، لمنع انتشار المرض داخل المُجتمع الفلسطيني وداخل مُخيّمات اللاجئين الفلسطينيين، من خلال البدء بحملات توعية لاتخاذ خطوات الوقاية من هذا المرض، الذي هو عبارة عن بكتيريا تنتقل من خلال المياه والأكل الملوّث، فتم التعريف بكيفية الحفاظ على سلامة المياه وغسل الخضار والفاكهة قبل تناولها، والحفاظ على النظافة الشخصية، خاصة غسل اليدين بالمياه والصابون قبل وبعد الدخول إلى المرحاض".
وأوضح أنّه "من خلال البرنامج التربوي والتعليمي، تمّت زيادة عدد العاملين في نظافة الحمّامات داخل المدارس، والذين سيتم تعيينهم قريباً، فضلاً عن تأمين المياه وصحتها للتمكّن من النظافة الشخصية للطلاب، وتدريب بعض الكادر التعليمي للتعامل مع حالات الإصابة بـ"الكوليرا"، وتحويل الحالات المُصابة أو المُشكوك بإصابتها إلى أقرب عيادة مُمكنة، ومن ثم يتّخذ طبيب العيادة الإجراءات المُناسبة، ونطمئن الجميع بأنّ الأدوية التي تُعالج هذا المرض مُتوافرة داخل العيادات، مع السوائل التي تُقدم لمنع الجفاف، فضلاً عن إمكانية تحويل المرضى إلى أي مُستشفى مُتعاقد مع "الأونروا" أو المُستشفيات التي ستُحددها وزارة الصحة اللبنانية".
وختم الدكتور شناعة: "يُضاف إلى ذلك، دور دائرة الهندسة، المسؤولة عن الحفاظ على مياه آمنة وغير مُلوّثة من أي بكتيريا، وتقوم دائماً بفحص المياه من الآبار التي تُغذّي المُخيّمات ومُعالجتها، كما تمَّ وضع خطة مُشتركة بين دائرتي الصحة والهندسة، للحفاظ على نظافة هذه المياه، وكيفية نقل النفايات كافة داخل حاويات النفايات، وعدم تكدسها، ورش المواد التي تمنع انتشار الأمراض بعد تنظيف حاويات النفايات".
https://youtu.be/y7zIog9ch8M