يستغل الكيان الإسرائيلي كل حدث ومُناسبة للاستفادة منه على الصعد كافةً.
يُدرك حاجة الدول الأوروبية إلى التزود بالطاقة لتوفير التدفئة للسكان، خاصةً في فصل الشتاء، في ظل الأزمة الروسية - الأوكرانية، فسارع إلى المُوافقة على إنجاز ترسيم مع لبنان بشأن الثروة النفطية والغازية بواسطة أميركية، تُسرع له التصدير، بعدما أنهى مُنذ سنوات عدة، الأعمال كافة المُتعلقة بالاكتشاف والتنقيب والاستخراج والضخ.
كان جراء، الحاجة للمصالح المُتبادلة، نجاح حكومة الاحتلال برئاسة يائير لبيد، كسر قرار الاتحاد الأوروبي بوقف اجتماعات مجلس الشراكة مع الكيان الإسرائيلي، الساري المفعول مُنذ العام 2014، احتجاجاً على الاستيطان في الضفة الغربية، وتوقف العملية السلمية.
لكن، المُفارقة أن استئناف اجتماعات المجلس، يأتي في ظل ارتفاع وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية ضد المُواطنين الفلسطينيين، وأساليب القمع والاغتيال العمد، والاعتقال والتنكيل بالأسرى، والمزيد من المُخططات الاستيطانية والاستعمارية، والتطهير العرقي، والتمييز العنصري، وارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية، والعدوان على المُقدسات الإسلامية والمسيحية.
لم تنفع كل المُحاولات الأوروبية السابقة، لا ضغطًا أو إقناعاً، للمُحتل الإسرائيلي بوقف اعتداءاته ومُمارساته، أو الاستيطان، واستئناف العملية السلمية، لذلك فقد ألغى الاتحاد الأوروبي في العام 2014، اللقاءات التي كانت تُعقد بشكل سنوي على مُستوى وزراء الخارجية، بعدما كان الكيان الإسرائيلي قد ألغى جلسة اجتماع مجلس الشراكة في العام 2012، رداً لرفض شروط الاتحاد الأوروبي، بشأن المُستوطنات.
هذا بعدما كان قد جرى توقيع اتفاق الشراكة في العام 1995، حيث استفاد الكيان الإسرائيلي من توقيع اتفاقية «أوسلو» في العام 1993، ووُضع الاتفاق حيز التنفيذ في العام 2000، بديلاً عن الاتفاق السابق بين الجانبين المُوقع في العام 1978.
وضمن الاتحاد الأوروبي، الوثيقة المُفصلة، التي أصدرها في ختام اجتماعات مجلس الشراكة، وجاءت في 16 صفحة «فلوسكاب» مُوزعة على 54 بنداً، مدح الكيان الإسرائيلي على دوره بدعم أوكرانيا ومُساعدتها ضد روسيا.
يُعتبر اتفاق الشراكة، إطاراً قانونياً للعلاقات الإسرائيلية - الأوروبية، لا يقتصر على المجال التجاري فقط، بل يشمل السياسي، الاقتصادي، التعليمي، الصحي، الثقافي والتكنولوجي.
ويُصنف الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري للكيان الإسرائيلي، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بالبضائع في العام 2021، ما يُقارب 27 مليار يورو، منها 12 مليار في قطاع الخدمات.
هذا يعني، أنه مع استئناف اجتماعات المجلس، فإن العمل سيكون على تطوير الاتفاق والانضمام إلى اتفاقات جديدة.
يأتي ذلك:
- في ظل تنامي قوة اليمين في أوروبا، المُتعاطف مع الكيان الإسرائيلي.
- مع بروز حرص أوروبي على تمتين العلاقات مع لبيد، وعدم عودة رئيس حكومة الاحتلال الأسبق بنيامين نتنياهو إلى الحكم.
- الحاجة الأوروبية للكيان الإسرائيلي لجهة المجال الأمني، من خلال التسلح، وتطوير القطاعات العسكرية وأنظمة التجسس، حيث يُوجد الكثير من الدول الأوروبية يرى في الكيان الإسرائيلي، أنه شريك له قدراته المُتفوقة في هذه المجالات.
كل ذلك، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي بأشكاله المتعددة، ولم ينتفِ السبب الذي كان دافعاً لوقف الاجتماعات في العام 2014، وفي الطليعة الاستيطان، فإذا به يتضاعف أكثر فأكثر، مع ارتفاع وتيرة العدوان المُتمادي.
يعني ذلك، أن هناك من يسعى لتهميش القضية الفلسطينية، على الرغم من المُناداة بإعلان التمسك بحل الدولتين، لكن لا يزال الاعتراف بدولة للكيان من دون الاعتراف بالدولة الفلسطينية!
كما برزت المزيد من المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية، سواءً من خلال حملات المُقاطعة لبضائع المُستوطنات المُنتشرة في أوروبا، أو الوعي الأكثر لعدالة القضية الفلسطينية.
ولعل الموقف البارز كان من أستراليا - المعروفة بأنها صديقة ثابتة للكيان الإسرائيلي - بتراجعها عن الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة للكيان الإسرائيلي، وأنها ستُبقي سفارتها في تل أبيب.
هذا في وقتٍ ذَكّرت العديد من المُنظمات الحقوقية الأوروبية بجرائم الاحتلال، وارتكابه جرائم حرب و»آبارتهايد» بحق الفلسطينيين، مع دعوةٍ إلى مُحاسبة المسؤولين الإسرائيليين ودعم الحق الفلسطيني!